الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا.. وتداعيات تقليص المساعدات

5 مايو 2017 23:31
حين عرض مايك مولفاني، مدير مكتب الإدارة والميزانية التابع للبيت الأبيض في إدارة الرئيس دونالد ترامب، الخطوط العريضة لأول ميزانية للإدارة الأميركية الجديدة الشهر الماضي، لم يخف شيئاً بشأن الغرض منها. وقال مولفاني للصحفيين في إشارة إلى تفضيلات ترامب للقوة العسكرية على النفوذ الذي قد تحصل عليه الولايات المتحدة عبر مساعدات التنمية: «هذه ميزانية للقوة الصلبة وليست ميزانية للقوة الناعمة». ثم ظهرت تالياً وثيقة مسربة لميزانية وزارة الخارجية الأميركية تكشف عن مقترحات لتقليص يبلغ 30.8% في مساعدات التنمية، وخطط لإلغاء كثير من مشروعات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي وكالة المساعدات الخارجية الأميركية الأساسية. وحتى المنتقدون لبرنامج المساعدات الأميركية الحالي مثل ريتشارد سوكولسكي، الباحث في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، في واشنطن، أصيبوا بالصدمة. ويقول سوكولسكي: «هذا نهج خاطئ. لا أحد يطرح الأسئلة الصحيحة بشأن ارتباط مواردنا بأهدافنا». ولطالما احتدم الجدل بين منتقدي المساعدات الخارجية والمدافعين عنها بشأن جدواها. صحيح أنه لاشك أن العالم النامي قطع خطوات كبيرة على طريق التنمية في العقود القليلة الماضية. وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن نسبة سكان العالم الذين يعيشون على أقل من 1.90 دولار في اليوم تقلصت من 42% في عام 1981 إلى 11% الآن. وانخفضت نسبة الوفيات في صفوف الأطفال إلى نصف معدلها قبل 25 عاماً، ونسبة الدول المتوسطة ومنخفضة الدخل، التي كانت تصنف بأنها «غير حرة»، انخفضت كثيراً أيضاً». ولكن من الصعب قياس ما تحقق من هذا التقدم نتيجة التجارة وعوامل التأثير العالمية الأخرى، وما تحقق نتيجة المساعدات. بل وأصعب من هذا معرفة نتائج فقدان مكتب السياسة والتخطيط والتعليم في وزارة الخارجية، الذي يراقب ويقيم مشروعات المساعدات حتى تصبح أكثر فعالية، لنسبة 44.2% من تمويله كما هو مزمع بموجب وثيقة الميزانية. وقد رفضت وزارة الخارجية التعليق على الأرقام المسربة. والتقليص المزمع لن يغير كثيراً في الميزانية العامة للسنة المالية لعام 2018، وهو ما يتعين على الكونجرس الموافقة عليه بحلول 31 أكتوبر. ويأمل المدافعون عن المساعدات الخارجية ألا يقر الكونجرس مثل هذا التقليص. وتمثل المساعدات الخارجية، ومنها المساعدات العسكرية، 1% فقط من إجمالي الميزانية الأميركية، والتقليص يوفر 0.15% فحسب من إجمالي الإنفاق الحكومي. ولكن التأثير سيقع الشعور به بشكل أكبر في مناطق أخرى من العالم. وقد ذكر صندوق النقد الدولي أن سيراليون على سبيل المثال، التي ما زالت تتعافى من وباء إيبولا، وتحتل المرتبة 171 من حيث الفقر بين 187 دولة على مستوى العالم، لم تُدرج في قائمة الدول المستقبلة للمساعدات الأميركية. ويعتقد «توم هارت» مدير حملة «وان» في واشنطن المعنية بمكافحة الفقر الشديد أنه: «لا لزوم ولا سبب للتقليص». ويؤكد «هارت» أن ميزانية المساعدات الأجنبية بوضعها الحالي «مأساوية وهي تتخلص من أداة محورية للأمن القومي، وواحدة من أفضل الوسائل التي تعكس القيم الأميركية». وأضاف أنه في الوقت الذي أصبح فيه اليمن والصومال وجنوب السودان ونيجيريا على حافة المجاعة وفقاً لتحذيرات الأمم المتحدة، قد تقلص الميزانية 68% من ميزانية مكتب الأمن الغذائي التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وقد اعتبرت مساعدات التنمية، تقليدياً، واحداً من ثلاثة أعمدة للدور والحضور الدولي الكبير لأميركا، إلى جانب الدفاع والدبلوماسية. وفي عام 2013 حين زار جيمس ماتيس، الذي كان وقتها قائداً للقيادة الأميركية الوسطى، الكونجرس أعلن للمشرعين أنه «إذا لم تمولوا وزارة الخارجية بشكل كامل فإنني أحتاج إلى شراء المزيد من الذخيرة. إنها النسبة بين التكلفة والفائدة». وهذا النوع من التفكير لم يعد سائداً فيما يبدو هذا العام في مكتب الإدارة والميزانية التابع للبيت الأبيض، لأن عدداً من الوظائف الكبيرة في وزارة الخارجية أو الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لم يتم شغلها بعد. وهناك اتجاه واضح في الأرقام المسربة يشير إلى تقليص الأموال المخصصة لبرامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وأحياناً إحلال «صناديق الدعم الاقتصادي» التي تديرها وزارة الخارجية محلها على الأقل جزئياً. وبينما تضخ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية معظم أموالها إلى منظمات غير حكومية تعمل على تحقيق أهداف تنموية، مثل تعزيز الناتج الزراعي أو تحسين الصحة والتعليم وأساليب الحكم، فإن أموال صناديق الدعم الاقتصادي تذهب مباشرة إلى الحكومات التي تستطيع أن تفعل بهذه الأموال ما يحلو لها بها. * صحفي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©