الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مؤشرات أوروبية على انتعاش الاقتصاد العالمي

مؤشرات أوروبية على انتعاش الاقتصاد العالمي
14 أغسطس 2009 23:47
يوم الخميس الماضي، ظهرت البوادر الأولى لانتعاش اقتصادي وليد من الدول الأوروبية الأكثر تضرراً بالأزمة المالية، بعدما أصبحت كل من فرنسا وألمانيا أول بلدين صناعيين يشبان رسمياً عن طوق الركود العالمي، ورغم ضآلة الانتعاش وتواضعه بجميع المقاييس، ناهيك عن احتمال تعثره خلال الأشهر القادمة، فإن الارتداد المفاجئ للنمو في الاقتصاديات الكبرى لأوروبا، يأتي في أعقاب التفاؤل الاقتصادي المتصاعد بإطراد على الصعيد العالمي. وفي هذا الإطار، يشير المراقبون إلى تحسن المؤشرات في الولايات المتحدة والصين، بل وحتى اليابان- ثاني أكبر اقتصاد عالمي- التي يُتوقع أن تعلن استئنافها لنموها الاقتصادي خلال الأيام القليلة القادمة. ومع أن العديد من الدول الأوروبية مثل بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا مازالت غارقة في أسوأ ركود اقتصادي تعرفه منذ عقود، إلا أن إشارات التراجع بدأت تخفف من حدتها قليلاً في مؤشر واضح على أن تلك الدول قد تكون هي أيضاً في طريقها للمعافاة والخروج من الأزمة. ويفسر المراقبون هذا التفاؤل الناتج عن تحسن المؤشرات العامة للاقتصاد إلى جهود الإنعاش الاقتصادي، التي بذلتها الحكومات والأموال التي ضُخت في دواليب الاقتصاد، وهي على ما يبدو بدأت نتائجها تظهر مؤخراً. بيد أن أية عودة قوية للاقتصاد العالمي وخروجه من الركــود الجاثم على صـدره قـد تساعد الاقتصاد الأميركي كما قد تضره. فمن جهة، من شأن تصاعد النمو العالمي أن يزيد الطلب على الصادرات الأميركية، ويعزز بالتالي القطاع الصناعي والاستثمارات في الولايات المتحدة، إلا أنه ومن جهة أخرى، قد يؤدي تزايد الطلب العالمي إلى ارتفاع أسعار البضائع والسلع مثل النفط وغيرها، وهو ما سيعيد مخاوف التضخم إلى الواجهة، قبل حتى أن تتعافى الولايات المتحدة وباقي دول العالم من الأزمة بشكل كلي. ففي الولايات المتحدة أشار الاحتياطي الفيدرالي، بأنه يترقب انحساراً للركود في أميركا، بل قال إنه سيشرع في رفع يده عن الاقتصاد والكف عن التدخل بحلول شهر أكتوبر القادم. وحتى البلدان التي بدت قبل بضعة شهور متجهة نحو ركود حاد بدأت تُظهر بوادر التحسن، وهو ما أكده صندوق النقد الدولي خلال الأسبوع الجاري عندما أشار إلى أن حدة الركود الاقتصادي في كوريا الجنوبية قد لا تكون بنفس القسوة التي كانت متوقعة في السابق، وأنها تجاوزت الأسوأ. أما التغير الإيجابي الذي شهدته ألمانيا وفرنسا، فقد انعكس على أسواق الأسهم العالمية، التي ارتفعت مؤشراتها من سيول إلى باريس وموسكو فيما حقق «اليورو» مكاسب مقارنة بالدولار الأميركي، هذا الانتعاش الملحوظ في مؤشرات الاقتصاد العالمي يعبر عنه «راج بادياني»، الاقتصادي البارز في أحد بيوت الخبرة بلندن قائلاً «لا نعرف بعد ما إذا كانت تلك الأرقام ستستمر على المدى الطويل، لكن على الأرجح أن الأزمة بدأت تتراجع». لكن مع ذلك يحذر المراقبون ومن بينهم «بادياني» أنه من السابق لأوانه الجزم بأن الأزمة صارت وراء ظهورنا، لا سيما في ظل الأرقام الضعيفة، التي لا يمكن معها الإعلان الرسمي للخروج من الأزمة، كما أن الأرقام الإيجابية التي سجلتها أوروبا مؤخراً تحجب المخاطر المرتقبة. ففي ألمانيا ارتفع حجم النشاط الاقتصادي بنسبة 3.0% خلال الفترة بين شهري أبريل ويونيو مقارنة بالثلاثة أشهر السابقة وذلك بعدما تراجع النمو في العام الماضي إلى5.3% ومع أن التفاصيل لم يُعلن عنها بعد إلا أن المراقبين يرجعون هذا الانتعاش في الاقتصاد الألماني إلى تحسن مؤشرات الاستهلاك الداخلي المرتبطة بالبرامج الحكومية، والتي ستنتهي صلاحيتها قريباً، وبالإضافة إلى ذلك عملت الحكومة الألمانية على التخفيف من حدة فقدان الوظائف بتقديم دعم مالي للشركات، وهو الدعم الذي سينتهي أيضاً قريباً، الأمر الذي دفع المراقبين إلى توقع ارتفاع في نسبة البطالة خلال الشهور القادمة. لكن رغم التحسن الملحوظ في الأداء الاقتصادي لفرنسا وألمانيا وربما خروجهما الفعلي من دوامة الركود التي عصفت باقتصادهما على مدار السنة الفارطة، مازالت أوروبا بصفة عامة تصارع لتحسين وضعها، فقد تراجع النشاط الاقتصادي في البلدان 16 التي تستخدم اليورو بنسبة 1.0% خلال الربع الثاني من العالم الجاري، ومع أن التراجع جاء أقل من المتوقع إلا أنه يشير في الوقت نفسه إلى استمرار الركود في عموم القارة الأوروبية، فقد أعلن مكتب الإحصاءات الأوروبي يوم الأربعاء الماضي انخفاض الإنتاج الصناعي بحوالى 6.0% مقارنة بالشهر السابق فيما ارتفع معدل البطالة ليلامس 4.9% وهو على مستوى تصله خلال عشر سنوات. وفي كل ذلك، يحرص المتفائلون الذين يراقبون انتعاش الاقتصادين الألماني والفرنسي- اللذين تقدما إحصائياً على الأقل على الاقتصاد الأميركي في السباق للخروج من الركود-على التنبيه أن هذا التحسن يرجع إلى تزايد الطلب العالمي على صادراتهما بدءاً من المفاعلات النووية الألمانية وليس انتهاء بالجبن الفرنسي. ويعتقد المراقبون أن هذه التطورات الإيجابية، التي يشهدها الاقتصاد العالمي مصحوباً باستمرار النمو في الصين، وظهور بوادر الانتعاش في الولايات المتحدة قد يعيد بعث الحياة من جديد في أوصال التجارة العالمية، التي عانت من أسوأ انحسار لها منذ الحرب العالمية الثانية. أنطوني فاولا- واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©