الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شمس جديدة تحرر «أنوار» من الكرسي المتحرك

شمس جديدة تحرر «أنوار» من الكرسي المتحرك
6 مايو 2010 23:50
“غداً تشرق شمس جديدة” هكذا عبرت “أنوار” على كرسيها المتحرك عن مفهومها للحياة بعد حصولها على جائزة الشارقة كأفضل طالبة مبدعة على مستوى الدولة. هذا المبدأ الذي أشرق في ذهن أنوار بعد الحادث الذي غير مجرى حياتها. ففي السادس عشر من يونيو 2008 تغيرت حياة الطفلة البالغة من العمر 8 سنوات في حادث سيارة أطاحت بأحلام أسرتها الصغيرة، وانتقلت شقيقتها إلى رحمة الله، وأصيب أفراد الأسرة بإصابات مختلفة، بينما أصيبت “أنوار” بشلل في الأطراف السفلى أقعدها عن الحركة. لم تكن هذه الفاجعة سهلة على قلب تلك الطفلة الصغيرة التي فجأة وجدت نفسها في أروقة المستشفيات، وبين دهاليز العلاج الطبيعي والأشعة، وغيرها من طرق وأساليب إعادة التأهيل لهذه الأطراف الغضة التي أصابها الشلل نتيجة هذه الحادثة. كانت “أنوار” من المتفوقات على مستوى مدرستها ومنطقة العين التعليمية، لم تكن يوماً تذكر أنها حلت في مركز بعيدٍ عن الأول أو الثاني أو الثالث، وهب الله “أنوار” ذكاءً فطرياً مكنها من أن تختط لنفسها مكانة سامية بين زميلاتها من خلال ما تربت عليه من أدب وأخلاق حميدة على يدي أسرتها الصغيرة، ووالدها أحمد حارب النقيب بمديرية المرور والترخيص بالقيادة العامة لشرطة أبوظبي. كان التحدي قاسياً، والمعركة كبيرة ومفتوحة في كل الاتجاهات، هكذا رأتها “أنوار” التي تدرس حالياً في الصف التاسع بمدرسة الحضارة بمنطقة العين التعليمية، لم يكن يسيراً على قلبها أن تجد نفسها فجأة “حبيسة” جدرانٍ صغيرة في منزلها الذي كان يضج بالمرح والألفة، خاصة بعد فقدان شقيقتها “فاطمة” في ذلك الحادث الأليم الذي غيّر مجرى حياتها كاملة. بالأمس وعلى خشبة مسرح قاعة الاحتفالات الكبرى بالمدينة الجامعية في الشارقة هلّ طيف “أنوار” على المكان عندما ذكر عريف الحفل اسمها مقروناً بالتميز الذي حصلت عليه في فئة الطالبة المبدعة على مستوى الدولة في جائزة الشارقة للتميز التربوي، ومع دخول “أنوار” إلى خشبة المسرح يدفعها والدها في رفق أمام سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي عهد ونائب حاكم إمارة الشارقة، في هذه اللحظة التي دخلت فيها “أنوار” إلى المسرح جالسة على الكرسي المتحرك، هب جميع الحضور في المسرح وقوفاً، وذلك في لفتة تعبر عن تقديرهم واحترامهم لما تكابده هذه الفتاة من معاناة، وما تبذله من جهد في الوصول إلى التميز المنشود كطالبة مبدعة ومتميزة على مستوى الدولة. وخلف كواليس مسرح التكريم في قاعة المدينة الجامعية قالت “أنوار” لـ “الاتحاد”: إن إيمانها بالله سبحانه وتعالى صار راسخاً أكثر وأكثر بعد هذه الحادثة التي تعتبرها نقطة تحول في حياتها نحو إدراك عظمة الله سبحانه وتعالى، والصبر على البلاء، والتكيف مع الحياة بصورة تجعل من وجود الفرد فيها رسالة يحملها وقيماً ينهض بها، وأهدافاً يبذل الجهد في تحقيقها، ومن هنا وبعد أن خرجت من المستشفى كان على “أنوار” أن تخطو للمرة الأولى نحو حياة جديدة فاتجهت أكثر نحو دراستها، ووجدت كل الدعم والتشجيع من أسرتها في البيت وأسرتها الثانية في المدرسة. تقول “أنوار” إنها لم تشعر بما أصابها من شللٍ في أطرافها السفلى إلاّ عندما تحاول أن تحرك هذه الأطراف، فقد أحاطها الجميع بالحب والحنان من إخوانها وزميلاتها في المدرسة، ومضت في رحلة الجد والاجتهاد، وركزت جهودها على علوم الكمبيوتر وتقنية المعلومات، وعندما طرحت الأمانة العامة لجائزة الشارقة للتميز التربوي المعايير المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة، كانت “أنوار” واثقة تماماً من أنها ستجتاز هذه المعايير كأفضل طالبة مبدعة على مستوى الدولة. وأكد النقيب أحمد حارب والد “أنوار” على أن هذه الجائزة الغالية التي تسلمتها ابنته من سمو ولي عهد الشارقة سيكون لها أكبر الأثر في دفع المسيرة الأكاديمية لـ “أنوار” وصقل مواهبها وقدراتها في التعليم والحياة العملية. وتشير “أنوار” في حوارها مع “الاتحاد” إلى أنها تؤمن دائماً بأن غروب الشمس عند المغيب يتبعه بإذن الله شروقٌ عند الصباح، ولكن بحلة جديدة وبهاء أكثر إشراقاً وإشعاعاً، وهذا هو مفهوم حياتها اليوم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©