السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نحت الوجوه بالخط واللون

نحت الوجوه بالخط واللون
18 يونيو 2008 23:45
رسام ونحات مغامر. مغامر في التلوين وفي أعماله الجديدة جرأة أكبر في استخدام اللون وفي توظيف الخطوط التي تؤطر الوجه باللون النيلي، وفي التكوينات التي تتطلب الكثير من التأمل وصولا إلى المعنى والحكاية، حيث تلتقي في لوحته هذه العناصر الثلاثة، اللون والخط والتكوين، لتشكل عملا جديرا بالوقوف أمامه· منذ الوهلة الأولى يقف المشاهد أمام لوحات ذات ألوان مضيئة، أضواء الشرق المميزة في القرية التي نشأ فيها الفنان· القرية اللاذقانية التي شكلت عالمه الإبداعي الأول، وهي كما يقول ''البقعة التي كانت تضحك للشمس، وتغني لكل شيء·· إنها قريتي التي غادرتها بعد أن قدمت لي لقى طرية آتية من عالم بسيط هو عالم الماء والتراب والشجر، وأشجار الزيتون تنظر إلي بحزن وهدوء كأنها تعاتبني بعد أن قدمت لي مخزونا بصريا غاية في الأهمية، وأصبح الركيزة التي تتجاوب مع اللحظة باعتباري ابن قرية بامتياز''· من هنا تأتي هذه الألوان، فثمة خلطة لونية مفتوحة على فضاءات واسعة، ومساحات عريضة تفتح آفاق التأويل، فهو يمتلك القدرة على جعل الألوان كلها تتوازن وتتقارب ضمن مزيج يمكن تسميته بأسلوب السهل الممتنع في مزج الألوان، حيث لا يتوانى الفنان عن استخدام الألوان ذات الطبيعة المتضادة بين الحار والبارد، وإن كانت الألوان الحارّة هي الغالبة على اللوحات عموما· لكن الإضاءة هي العنصر الأبرز في اللوحة· التكوين عنصر مهم، فالوجوه هنا ليست هي الوجوه في وضعها الطبيعي، هي تحوير وانزياح عن الطبيعي، وذهاب في اتجاه التجريد، فالوجه هنا لا يمتلك أية ملامح خاصة، فهو وجه لأي إنسان، هي وجوه البشر عموما، ويقول الفنان عنها ''في بحر وجوهي تلتقي كل الأشرعة، إنها أجوبة صامتة للكثير من الأسئلة الصعبة التي انتقلت من النفس بفعل الحيرة أمام الوجود ذاته''· حيرة تنتج وجوها ذاهلة ومرعوبة ومحتشدة بالحيوية، تصرخ لكن بصمت، فصمتها ممتلئ بالصراخ· ولأن الوجه هو العلامة الأبرز في الإنسان، من حيث كونه الواجهة المعبرة عن دواخله، فوجوه سهيل هي التعبير الأوضح عن عوالمه، عوالم تضج بالألم والمأساة والتراجيديا الإنسانية، من جهة، لكنها تنضح بالحياة وتعبر عن خلجاتها ونبضها من جهة ثانية· ففي هذه الوجوه تحضر الطبيعة بثرائها وغناها، تحضر على نحو شديد الشفافية والخفة، بحيث يبدو الوجه غابة أو بيتا أو سهلا فسيحا· هذا هو عالم سهيل الذي يغترف منه بلا ملل· وعن حضور الطبيعة في عمل الفنان، يقول فراس السواح ''لقد أكد سهيل بدور أن الفن والطبيعة شيئان مختلفان، فراح يعبر في الفن عما نفتقده في الطبيعة، ويصنع فنا يحتفل بالجمال الأرضي، لا في شكله الجامد الستاتيكي المعطى، وإنما في شكله الحيوي الحر بعد أن أعادت الأدوات التشكيلية إنتاجه بعد أن امتزجت بروح الفنان· إنه يعيد خلق الطبيعة من خلال نتاج يصنعه القلب واليد والفكر، ويفصح من خلال اللون والكتلة والفراغ عن أنشودة نشوى بحب الحياة والإنسان''· ثمة سمة مهمة في وجوه سهيل أيضا تتمثل في مقاربة النحت، فوجوهه تبدو كما لو كانت منحوتات ذات حضور قوي، خصوصا أنه يرسم تكوينات مركبة فتبدو الوجوه كما لو أنها حجارة في معمار فني مدروس ومتين· لكن هذا البناء يتناغم تماما مع مزيج الألوان الصاخب، فهو بناء يتطلب زخما لونيا يوازيه في القوة والقدرة على جذب البصر والتأمل في التفاصيل التي تحتشد بها اللوحة، وهي لوحة تكاد تكون بلا مركز محدد، أو بمراكز كثيرة تتجاذب المشاهد·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©