خالد عزب: التداول المالي بدأ مع الأفيال ووصل إلى السندات

يعقد في مكتبة الإسكندرية المنتدى الدولي الرابع للنقوش والخطوط والكتابات في العالم عبر العصور، وذلك في الفترة من من 16 إلى 18 مارس ،2009 وسيكون المحور الرئيس للمنتدى عن ''النقود في العالم''، حيث ستناقش الموضوعات التالية: نشأة فكرة النقود، وسك النقود، والنقوش على النقود، والنقود الورقية· وسيحضر المنتدى نخبة من العلماء والمتخصصين والباحثين من مختلف دول العالم، وسيصاحبه معرضان للعملات المعدنية والورقية القديمة· ويقول د· خالد عزب نائب مدير مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية: إن العالم شهد فترات متتالية تطورت فيها آلة النقود نتيجة لمراحل عدة مر بها الاقتصاد العالمي، وهي: مرحلة الاكتفاء الذاتي، ثم مرحلة المقايضة، وأخيراً الاقتصاد النقدي· وتتمثل مرحلة الاكتفاء الذاتي في أن الإنسان بدأ حياته على وجه الأرض معتمداً على فطرته في الحصول على حاجاته وحاجات أسرته التي يعولها· ومن ثم، بدأت الأسرة الصغيرة تتوسع وتأخذ شكل القبيلة، وكانت مطالب الحياة بسيطة ومحدودة، لذا كانت القبيلة تستهلك ما تنتجه لقلة حاجاتها التي تريد إشباعها· ويضيف: مع زيادة حاجات الإنسان وتنوع السلع التي ينتجها، ظهرت أول مرحلة من مراحل المقايضة، وهي التخصص· وهكذا استطاع كل فرد أن يبادل ما يفيض عن حاجته من سلع يتخصص في إنتاجها، بسلع أخرى يحتاجها ويتخصص آخرون في إنتاجها· وكان نظام المقايضة تشوبه العديد من العيوب، مما أدى بالإنسان إلى أن يبحث عن مادة نافعة ضرورية يتم بواسطتها تبادل السلع والخدمات، وتقدر بها قيم الأشياء كما يسهل التعامل بها، فكانت النقود هي الحل الذي وجده الناس ملاذاً من مساوئ نظام المقايضة· ومرت النقود بالعديد من المراحل حتى وصلت إلى الصورة التي هي عليها الآن، ومنها: النقود السلعية، والنقود المعدنية، والنقود الورقية، وأخيراً النقود الائتمانية· نظام المقايضة وتابع عزب: ظهر أول شكل من أشكال النقود في شكل سلع مقبولة تعارف الإنسان على استخدامها كوسيط في عملية التبادل، فاستخدم الإغريق الماشية كنقود، وتعارف أهل سيلان على استخدام الأفيال كنقود، ثم استخدمت النقود في شكل سكاكين صغيرة خلال الفترة من عام 7 إلى 22 بعد الميلاد· ومع ازدياد حجم الصفقات المبرمة، وبتكرار التجارب، اكتشف المتعاملون أن المعادن هي أفضل وسيط لإجراء عملية التبادل بينهم، من حيث كونها أقوى على البقاء، كما يمكن تجزئتها وتشكيلها بالحجم والشكل المطلوبين· وفضل الإنسان استخدام الذهب والفضة عن باقي المعادن لعدة أسباب، منها: سهولة الحمل والنقل وسهولة تمييز نوعيتها واستحالة تزويرها والمتانة وعدم التآكل وثبات القيمة نسبياً والقابلية للطرق وسهولة التشكيل بالوزن والحجم والشكل المطلوبين· وظل الإنسان يستخدم الذهب والفضة فترة طويلة من الزمن تربعت فيها النقود المصنوعة من الذهب والفضة على عرش النظام النقدي العالمي حتى أوائل القرن العشرين· النقود الورقية ويري د· خالد عزب أن لظهور النقود الورقية قصة أخرى، إذ كانت الدول الأوروبية كلها تقريباً تحرم على اليهود الاشتغال بالتجارة، وكانت مهنة الصيرفة تقتصر في ذلك الوقت على الاحتفاظ بودائع النقود بغرض المحافظة عليها وحفظها من السرقة في مقابل أجر يتناسب مع مدة بقاء الوديعة ومبلغها· كما كان الصيارفة، بالإضافة إلى هذه المهنة، يشتغلون في إقراض النقود بفائدة مع أخذ رهونات كضمان للسداد· ومع ازدياد حجم التجارة، ازدادت الودائع لدى الصرافين الذين سرعان ما اكتشفوا أن نسبة من الودائع تظل لديهم بصفة دائمة دون طلب، مما دفعهم إلى استغلال هذه الأموال غير المستغلة في عمليات إقراض بفائدة، الأمر الذي أدى إلى زيادة أرباحهم من الاتجار في أموال الآخرين· وحتى يغري الصيارفة أصحاب الأموال على عملية إيداع أموالهم لديهم، تنازلوا عن اقتطاع أجر نظير حفظ النقود لديهم· ثم بعد ذلك قاموا بمنح من يقوم بإيداع نقودهم لديهم فائدة بسعر مغر على هذه الإيداعات في مقابل إيصالات يقوم الصراف بإصدارها· وبازدياد ثقة الناس في هذه الإيصالات، تم تبادلها في السوق دون ضرورة إلى صرف قيمتها ذهبا· السندات الورقية ولعل أول محاولة لإصدار نقود ورقية في شكلها الحديث المعروف لدينا، هي تلك التي قام بها بنك استكهولم بالسويد سنة ،1656 عندما أصدر سندات ورقية تمثل ديْناً لحاملها وقابلة للتداول والصرف إلى ذهب بمجرد تقديمها للبنك· ثم جاءت النقود الائتمانية لتنهي الصلة نهائياً بين النقود والمعادن النفيسة، وأدى انقطاع هذه الصلة إلى وجود مرونة كبيرة لعرضها· وبذلك، نجد أن أنواع النقود قد تدرجت وتنوعت بتطور النظم الاقتصادية ودرجة نموها، فأصبحت النقود من المتغيرات الاقتصادية المهمة التي أصبحت تؤثر وتتأثر بغيرها من المتغيرات الأخرى التي تشمل الإنتاج والعمالة والدخل والاستهلاك والاستثمار·