ولستونيجراف والنسوية الليبرالية

لقد اكتشفت الليبرالية والفيلسوفة والأديبة البريطانية ماري ولستونيجراف (1759 ـ 1797) أن تفعيل دور المرأة الإيجابي ينطلق من إصلاح التعليم خاصة وأن النظريات التعليمية في القرن الثامن عشر تأتي على النقيض من تعليم المرأة ، ولذلك فإن مجمل اطروحاتها ركزت بطريقة وبأخرى على إعادة قراءة النظريات التعليمية الكبرى المعاصرة لها، خاصة وأن الفكر الإنساني في القرن الثامن عشر قد قام على أساس أن السلوك النسوي النموذجي مرتبط بغير العقلاني والجنون· إن كتاب ماري ولستونيجراف (1759 ـ 1797) الذي بعنوان ''إثبات حقوق النساء'' الصادر سنة ،1792 يظهر صوتا نسويا حزينا ومكروبا، لأن ماري اكتشفت أن المرأة تدرّب لتكون ضعيفة مدرة للشفقة· لقد وصفت ماري المرأة بأنها من سلالة الريش، ولذلك فهي مثل الطيور تحبس في الأقفاس، ولا تفعل شيئا إلا أنها تزيّن نفسها، وتطوف بفخامتها المضحكة من مجثم لآخر· كان حزن ماري من أجل العدالة، خاصة وأنها وجدت أن النظريات السائدة في عصرها ضد المرأة· وكانت التحديات التي تواجهها كبيرة جدا، وليس أكبر من ادعاء جان جاك روسو سنة 1762 الذي يقول ''إن تعليم المرأة لابد وأن يرتبط دائما بالرجل، ويرضيه ويكون مسخّرا ومفيدا له، ويقوم على احترامه وتقديره، ثم أن دور المرأة الحقيقي يبرز في تربية الصغار، والاهتمام بهم، ومؤاساة الرجال وجعل حياتهم سهلة· وهذه واجبات المرأة في كل وقت، ولذا فإنه من الضروري أن تربى المرأة على كل هذه الأشياء منذ طفولتها''· ولا تتفق ماري مع روسو، لأنها تعتقد أن البشر متساوون في حقوقهم الطبيعية، وما يميز الإنسان عن الحيوان هو العقلانية· ولذا فإنها اعتقدت بأن البنات لا بد أن يتحصلوا على تعليم شبيه بتعليم الأولاد، وأن واجبات المرأة والرجل وحقوقهما واحدة· وهكذا فإن النسوية الليبرالية المعاصرة في القرن العشرين قد أعادت تنشيط أفكار ماري، ونجحت في مقاومة الأفكار السلبية التاريخية، ودعت البنات إلى أن يتوقفن عن قبول الأفكار السلبية التي تنشأ معهن في الطفولة لأنها تقود إلى عدم الثقة بالنفس· كما دعت إلى تزويد البنات بشعور مختلف وإيجابي يحفزهن على التميز والاستقلال· وشجّعت العمال والمتعلمين على أن يقاوموا الأفكار التي تحصر النساء في وظائف بعينها مثل التمريض والسكرتاريا· ثم قامت النسوية الليبرالية في سنة 1960 و1970 بتشكيل مجموعة من البرامج السياسية في الولايات المتحدة للنساء، وتم تأسيس المنظمة الوطنية للنساء على يد بيتي فريدان، وهذه المنظمة قد أكدت الحقوق المدنية المتكافئة بين البشر في التعليم والسياسة والصحة والرواتب والخدمة الاجتماعية· ali@althakerah.net