الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«عار الوقار» تقدم الصراع بين الذاكرة والحاضر

«عار الوقار» تقدم الصراع بين الذاكرة والحاضر
19 مارس 2011 19:28
كشف اليوم الثاني من الدورة الحادية والعشرين لمهرجان أيام الشارقة المسرحية عن ولادة موهبة مسرحية محلية جديدة ومبشرة تمثلت في الطفل "أحمد الجرن" الذي قدم أداء لافتا وحضورا واثقا وقويا رغم صغر سنه وحداثة عهده بالمسرح وبالتواصل الحي والمباشر مع الخشبة ومع جمهور كبير انبهر بقدرات هذه الموهبة التي لقت في نهاية العرض ما تستحقه من تشجيع واحتضان ومساندة. ولعل ظهور عمل مسرحي مثل "عار الوقار" لمسرح دبا الحصن الذي عرض مساء أمس الأول على خشبة معهد الشارقة المسرحي ضمن عروض مسابقة الأيام، كان له الدور الإيجابي والكبير في تحفيز الطفل أحمد الجرن على تجاوز حاجز الرهبة والاشتباك تماما مع جو العرض المسرحي منذ اللحظة الأولى لخروجه من الكواليس ودخوله الخشبة، وحتى اللحظة الأخيرة التي سبقت الإعتام الكلي وختام العرض. يضيف عرض "عار الوقار" أيضا حلقة جديدة لمنظومة أو سلسلة من الجهود المسرحية القائمة على التفرد والخصوصية وتقديم مسرح "الكوميديا السوداء" الذي بات يشكل هوى وأسلوب وخيار الفنان عبدالله زيد، هذا الفنان المختلف الذي بقدر ما يحيرك في اختيار مواضيعه المسرحية، بقدر ما يضعك أيضا أمام سؤال كبير حول منبع هذا الشغف والحماس المسرحي المتدفق منه، والمنتمي بقوة وإخلاص لهذا الحقل الإبداعي الصعب والآسر في ذات الوقت. قدم عبدالله زيد خلال السنوات الماضية مجموعة من الأعمال المسرحية المتفاوتة من ناحية المعالجة الفنية والقضايا المطروحة فيها، ولكنه في كل هذه الأعمال التي كتبها وأخرجها ومثّل فيها دور البطولة، لم يتنازل عن خصوصية البيئة والمكان واللهجة التي شكلت معالم ذاكرته الشخصية الموصولة بتراث عميق ومتشعب، يجمع بين بيئة الجبل وبيئة البحر في المنطقة الشرقية من خلال استرجاع حنيني ونوستالوجي يسقط أحيانا في خطابات عاطفية مباشرة، ولكنه يتوفر أيضا على قدر كبير من الصدام والمشاكسة ونقد التبدلات العنيفة والتغيرات العصرية التي شوهت شكل ومحتوى وروح هذا الماضي الذهبي. في عمله الجديد "روح الوقار" يقدم عبدالله زيد واحدة من أنضج وأقوى أعماله التي قلنا إنها تتبع في مجملها حدسا مسرحيا خاصا لا يمكن أن يتقاطع مع أية تجربة مسرحية أخرى في الإمارات، وسر تميز هذا العرض بالذات تمثل في التخلص من سلبيات وإشكالات العروض السابقة التي قدمها زيد، والتي كان أبرزها إقحام مجاميع كبيرة ووضع هوامش أدائية مبالغ بها، ربما للتودد والانجذاب لغواية المسرح التجاري أو لكسب جمهور أوسع خارج نطاق المهرجانات التخصصية، وهي أعمال على العموم لم تخل من جماليات وانتباهات إبداعية على مستوى النص والإخراج والأداء الكوميدي المفاجئ وغير المطروق أو المكرر. ولكن ما ميز "عار ووقار" هو التكثيف والتركيز ووجود خيط قوي ومتماسك حفظ تفاصيل العرض الكثيرة والمتشعبة من الانفراط والتشتت في المساحة الزمنية للعمل، فهو عمل يرتكز على شخصيتين فقط تجمع بين الجد والحفيد، فالجد (عبدالله زيد) يعيش حالة متأزمة تتضافر في تأجيجها العزلة النفسية التي يعيشها والعاهة الجسدية التي يعاني من تبعاتها والمتمثلة في ساقيه المشلولتين وذراعه اليسرى المبتورة، أما الحفيد (أحمد الجرن) فيحاول اكتشاف العالم المتقشف والمنزل القديم الخالي من كل الكماليات الحديثة والذي يحتضن الجسد المتهالك لجده المعتمد على خادمه البنغالي "عبدالرحيم" كي ينجز حاجاته ومتطلباته اليومية، هذا الخادم الذي قصد الكاتب أن يقصيه من العرض حتى يسلط الضوء على خصوصية وكثافة اللحظة المأساوية والخارقة التي تذوب الماضي في الحاضر، وتماهي القديم مع المعاصر. ورغم أن الدخول إلى عتبة العرض بدأ بقفشات كوميدية برع عبدالله زيد في تقديمها بقالب ارتجالي وعفوي جعل الجمهور يتجاوب وينجذب لفضاء الصورة والحوار والأداء، إلا أن العمل ومن خلال مشاهد توزعت برشاقة على زمن ممتد لأكثر من ساعة استطاع أن يبث مقاصده التراجيدية وان ينتقل بخفة ولطف بين ذاكرة الساحل والبحر التي عاشها الجد واسترجعها بكل حب، وبين الانشغالات العصرية الزائفة المحيطة بالحفيد، وساهم ضياع مفتاح المنزل وعدم قدرة الحفيد على العودة إلى منزل والده ــ المنشغل والبعيد عن الجد والحفيد معا ــ في إذكاء الحوار والجدل بين جيل قديم منسي ومهمل وبين جيل جديد اعتاد النكران والانصياع الكلي لإغراءات الحاضر ولمتاهته الروحية والنفسية والاجتماعية التي تبدو مثل أنفاق مظلمة لا تفضي سوى لمستقبل مجهول ومربك. عموما فإن مسرحية "عار ووقار" ورغم بعض التحفظات والملاحظات النقدية حول الديكور المحتشد والمهيمن على فضاء العرض، ورغم الإطالة في الزمن والمونولوج الداخلي المسترسل للجد والتي تحولت إلى عناصر مربكة ومعيقة لإيجاد مخرج مناسب أو خاتمة متوهجة ومتماسكة للعرض، إلا أن العمل وفي إطاره الشامل غلب عليه النضج والابتكار المشهدي والأدائي، بجانب المعالجات والحلول الإخراجية التي أمّنت مساحة خصبة لإبراز الطاقة التمثيلية الفائرة التي ترجمها كل من عبدالله زيد والطفل أحمد الجرن، وبشكل متوازن بين تمايزات الفضاء المشعّ للكوميديا والفضاء الداكن للتراجيديا. يعرض اليوم يعرض في السابعة من مساء اليوم على خشبة معهد الشارقة للفنون مسرحية “الثالث” لفرقة دبي الشعبي تأليف وإخراج عبدالله صالح. العويس: دعم حاكم الشارقة أعطى المسرح الريادة الشارقة (الاتحاد)- أعرب معالي عبد الرحمن العويس وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع عن بالغ سعادته بجمهور المسرح كماً ونوعاً الذي يواكب مهرجان أيام الشارقة المسرحية، هذا القلب النابض للمسرح، جاء ذلك في بيان صحفي صادر عن الدائرة امس. وأضاف معاليه عقب حضور حفل افتتاح أيام الشارقة المسرحية "لولا الدعم المادي والمعنوي والإبداعي من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لما أصبح المسرح رائداً في المجال الثقافي، وخير دليل على ذلك هذه المسرحية "الحجر الأسود" التي نرى فيها إضافة نوعية للمسرح الإماراتي والعربي، ومن دواعي الفخر أنها من تأليف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة كونها أيضاً تمثل سابع أعمال سموه المسرحية" وقال معالي وزير الثقافة "إن عطاءات سموه للثقافة عامة والمسرح خاصة، وضاءة كالشمس، ويتجلى ذلك في الهيئة العربية للمسرح ونشاطها، إضافة لمهرجان أيام الشارقة المسرحية والحراك المسرحي في أقطار عربية عدة، والذي ما كان له أن يتم لولا الدعم المادي والخبرات الفنية التي يوفرها سموه له". وأضاف "إن تعاون كافة الجهات الرسمية والأهلية المعنية بالمسرح يشكل عاملاً أساسياً إضافياً في هذا النجاح". وتمنى معالي عبد الرحمن العويس في نهاية تصريحه" أن يشهد الواقع الثقافي والفني العربي الازدهار لأن الثقافة والفن يشكلان انعكاساً للواقع الذي نحياه.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©