الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التطور الذي يقود العالم

19 مارس 2011 19:17
المراقب لمسار شركات الاتصال والتكنولوجيا والإعلام في العالم لا بد أن يتوقف عند التحولات المتواصلة والسريعة التي تمر بها حفنة من الشركات هبوطا أو صعودا، ويقارنها بحال السكون أو التغيير البطيء في بقية وسائل الإعلام والاتصال التي تبدو لسبب أو آخر وكأنها تعيش على هامش منطق النمو المستدام. ومع أن المرء يملّ أحياناً من أخبار بعض الشركات التي لا تغيب عن المشهد اليومي العالمي إلا أن ما تعيشه هذه من حراك يومي دائم لا يدع أي فرصة لتجاهلها الذي يهددك بإحساس بالتخلف عن مواكبة هذا المجال رغم عقدة الذنب الدائمة بأننا في الغالب مجرد مستهلكين لهذه التكنولوجيا التي تجرنا من جديد إلى جديد وتتحكم برقاب العالم وبوظائفه وببطالته وعاداته وتخلق – وتفرض - ثقافة أو معرفة متجددة شئنا أم أبينا ومهما كان الموقف الفكري من الآليات والنظم التي تشكل البيئة الحاضنة لها. هذا هو الحال - على سبيل المثال - مع شركات مثل يوتيوب وفيسبوك وجوجل ومع وسائل إعلام كبرى وخاصة الأميركية، وابتكاراتها الجديدة . الأسبوع الماضي أعلنت شركة يوتيوب، التي لا تكف عن توسيع كيانها وتجديد خدماتها بوتيرة تكاد تكون أسبوعية، أنها تخطط لزيادة العاملين فيها بنسبة تقارب الثلث من أجل خدمتها التشاركية الجديدة للأفلام الطويلة وأفلام النجوم. وخدمة جديدة وفرص عمل إضافية وقدرة تكنولوجية أكبر في تظهير البيانات المرئية. لكن لن نفاجأ أبدا إذا أعلنت الشركة نفسها بعد أسابيع عن خفض كبير في موظفيها إذا اكتشفت أن مردود هذه العملية لم يأت ثماره التجارية أو إذا ظهرت فجأة خدمة منافسة لها أو تكنولوجيا أكثر سرعة. والتوسع لا يعني دائما المزيد من الفرص بل قد يعني العكس، فهذه شركة “أميركا أونلاين” للتكنولوجيا الإعلامية العريقة أعلنت أنها سوف تخفض ما يقارب من 30% من موظفيها الخمسة آلاف نتيجة لإعادة هيكلة الشركة وإلغاء الوظائف المكررة بعد استحواذها في فبراير الماضي على صحيفة “هوفيينجتون بوست” الإلكترونية الشعبية (بصفقة قيمتها 315 مليون دولار أميركي). هذا مجرد مثال على تداعيات التوسع والتطور في هذه الآليات من “التطور” والتوسع. مثل آخر لا علاقة له بالوظائف ربما، شرعت فيسبوك الآن في تطوير خدماتها في التواصل الاجتماعي ليصبح بالإمكان قياس انطباعات القراء وتنوعهم وشرائحهم وتوزعهم الجغرافي. سيكون لذلك تداعيات وتوظيفات نوعية من قبل المؤسسات الإخبارية وحتى في السياسة والتجارة البحتة. لست من المؤمنين بأن سرعة تكنولوجيا الإعلام هي السر الأول في مثل هذا الحراك وإلا لكانت باقي الشركات الأخرى في العالم سارت على نفس الدرب من التطور الدائم طالما أن التكنولوجيا أصبحت عالمية وإذا كنا نؤمن بأن الإبداع يمكن أن يتوفر ولو نظريا لدى أي كائن بشري. وإذا تمعنا في القواسم المشتركة لهذا الحراك المتواصل يمكن القول إن مثل هذه الشركات التي تقود التطور في العالم محكومة بالبحث الدائم عن ابتكارات أو فتوحات جديدة ، وإن الآليات تقف وراءها تسبّب ما يشبه مركزية الابتكار وأن حتى “الأفضل” محكوم بالمنافسة لأجل البقاء ومعرّض للتراجع أو الموت، وأن هذه الآليات هي التي تقود العالم في النهاية وبالتالي فإن معرفة قابلية أي قطاع أو كيان للقيادة والتفوق ترتبط بوجود أو عدم وجود هذه الآليات أو ما ينافسها. وليس بالتمنيات والأدبيات والروايات والقصص وقصائد الشعراء. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©