الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سياسة ماكين الخارجية··· على خطى بوش

سياسة ماكين الخارجية··· على خطى بوش
18 يونيو 2008 02:03
لقد سجلت إدارة الرئيس الأميركي ''بوش'' رقماً قياسياً في نزاعاتها الداخلية بشأن السياسة الخارجية، ولكن حذارِ أن تعتقد أن خلافات الجمهوريين الخاصة بكيفية التعامل مع العالم الخارجي، سوف تزول بمجرد زوال الإدارة الحالية، ولكي تتصور النزاعات المحتملة حول السياسات نفسها في ظل إدارة المرشح الجمهوري ''جون ماكين''، فإن عليك أن تأخذ بشخصيتين لا تستبعد مشاركتهما ضمن العناصر القيادية في إدارته، في حال فوزه بالمنصب الرئاسي· فهناك ''جوزيف ليبرمان'' الصديق الشخصي لـ''جون ماكين'' -وهو سيناتور مستقل من ولاية كونيكتيكت- وقد انشق عن الحزب الديمقراطي بسبب دعمه الذي لا يكل للحرب على العراق، أما في الجانب الآخر فهناك ''ريتشارد أرميتاج''، الذي يعد أيضاً من أقرب المقربين إلى ''ماكين''، وقد سبق له تولي منصب نائب وزير الخارجية إبان قيادة ''كولن باول'' لها أثناء ولاية ''بوش الأولى· ويعد ''ليبرمان'' من أشد المناصرين لتيار المحافظين الجدد، وهو على قدر كبير من الحماس لأن تواصل الولايات المتحدة الأميركية نهج التدخل العسكري الخارجي، إلى جانب سعيها إلى نشر الديمقراطية على نطاق العالم كله· غير أن هذا التيار برمته لا يثق ''بريتشارد أرميتاج'' الذي أبدى شكوكاً حول الحرب على العراق، وشكا أثناء توليه لمنصبه الرسمي، من أن بعض الصقور من شاكلة نائب الرئيس ''ديك تشيني'' ووزير الدفاع السابق ''دونالد رامسفيلد''، هم الأشد عزماً على شن الحرب على ''صدام حسين''· غير أن من شأن إدارة ''ماكين'' المقبلة، التي يتولى فيها ''ليبرمان'' مهام وزارة الخارجية، بينما يتولى فيها ''أرميتاج'' قيادة وزارة الدفاع افتراضاً، أن ترضي شتى فئات القاعدة الناخبة الجمهورية، ففي وسع ''ليبرمان'' إرضاء المحافظين الجدد، بينما يستطيع ''أرميتاج'' إقناع الواقعيين منهم· ولكن السؤال هو: كيف لهاتين الشخصيتين أن تلتقيا وتعملا معاً؟ بل ومن أجل المزيد من الدقة في تحديد المشكلة: كيف لخبراء السياسات الخارجية المحيطين بهما أن يعملوا معاً في توافق وانسجام، حتى في حال حدوث تلاق واتفاق تام بين ''ليبرمان'' و''أرميتاج''؟ أي كيف للجمهوريين الذين يؤيدون ليبرمان في نزعته التدخلية الويلسونية الواهمة، الالتقاء والعمل مع أولئك الذين يشاطرون ''أرميتاج'' نزعته الواقعية البراجماتية، وينظرون إلى العالم من خلال منظاره؟ هذا النوع من الأسئلة الصعبة الحرجة، هو الذي يكشف عن مدى وطبيعة تعقد النزاع المتوقع في ظل إدارة ''ماكين''، بذات القدر الذي كانت فيه السياسات الخارجية -أكثر من غيرها- مصدر تشاحن ونزاع مستمرين داخل طاقم إدارة ''بوش''· وفيما يبدو، فإن المرشح الجمهوري ''ماكين''، يراوح تقدماً وتراجعاً في مواقفه وسياساته الخارجية المعلنة حتى الآن، على أمل التوفيق بين هذين التيارين المتعارضين في أوساط القواعد الجمهورية الناخبة، فعلى سبيل المثال جاء في خطاب ''جون ماكين'' الذي ألقاه في شهر مارس الماضي، اقتراحه بعزل النظام الروسي الشمولي المتغطرس -على حد وصفه- من نادي الدول الثمان الذي يضم كبرى الديمقراطيات الصناعية المتقدمة، غير انه وبينما هللت أقسام من المحافظين الجدد لهذا الوعد، إذا به وقد أثار قلق وانزعاج فئات البراجماتيين الواقعيين في داخل الحزب الجمهوري نفسه، وهؤلاء ينهجون نهج ''هنري كيسنجر'' و''برينت سكوكروفت''، من ناحية التشكيك العميق في المنحى الديمقراطي الإنجيلي في رسم سياسات أميركا الخارجية، ويفضلون عليه توجيه هذه السياسات بحيث تساعد مباشرة في دفع المصالح القومية الأميركية، والاستقرار الدولي، وعليه فقد كان طبيعياً أن يحذّر الواقعيين بإثارتهم للسؤال الاستنكاري: استبعاد روسيا من مجموعة الدول الثمان؟ هذه فكرة سيئة دون شك، لأنها تستعدي علينا موسكو دون مبرر، إلى جانب استبعاد موافقة الأوروبيين عليها، وهذا الموقف الحذر من جانب الواقعيين، هو ما أرغم ''ماكين'' على التعبير عن موقف آخر حيال روسيا في خطابه الذي ألقاه لاحقـــاً في أواخر شهر مايو المنصرم، أكد فيه ضرورة التعاون مع روسيا! ولا ينحصر الصدع الجمهوري المتعلق بالسياسات الخارجية في الموقف من موسكو وحدها، إنما يمتد ليعبر عن تباين حاد في صفوفهم في كل ما له صلة بهذه السياســـات، ومن شأن هذا الصدع أن يقوض إدارة ''ماكين'' المقبلة بالطبع، ومما يزيد الأمر سوءاً أن المخاطر المحيطــــة بهذه السياســـــات، هــي اليـــوم أكبر وأكثر تحديــــاً ممــــا كانـــت عليــــه مـــن قبل، ذلــــك أنـــه لن يتعين على الرئيـــس المقبل التصــــدي للقرارات الخاصــــة بالحرب على العراق فحسب، وإنما تضـــاف إليهـــا حزمـــــة مــــن ''المصائـــب'' الأخرى ليس أقلهـــــــا ولا آخرهـــا: كوريا الشمالية، النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، الصين وغيرها، وفي كل هذه القضايا لشد ما تتباين مواقف ووجهـــات نظـــر الجمهوريين· ليس من عجب أن يحاول ''ماكين'' التوفيق بين هذه التيارات المتعارضة داخـــل حزبه، قبيل حلول موعد المعركة الانتخابية الفاصلة في نوفمبر المقبل، وضمــن هذه المحــاولات، نعت ''ماكين'' نفســـــــه في خطابه الانتخابي الذي ألقاه في شهر مارس الماضي بأنــــه ''مثالي واقعي''، فهل يكون لهذه العبارة المزدوجة المعاني، وقعها الذي أراده ''ماكين''؟ هكذا يستوجب الطلب والمسعى على ما يبدو، وفيما نذكر، فقد دعا الرئيس ''بوش'' نفســــه، في خطابه الانتخابي الرئاسي الذي ألقاه بشأن السياسات الخارجية في عـــام ،1999 إلى ''التزام الواقعية في خدمة المثل العليا''· غير أن الذي حدث، هو أن مستشاريــــه قدموا له ظــــلالاً شتى من معاني الواقعيــــة التي نادى بها، على امتداد السنــــوات السبع الماضية من ولايته، من بينها تبني استراتيجية الأمن القومي الخاصة بإدارته لعام ،2002 الدعوة إلى ''حفظ التوازن بين القوى بحيث تكون الأفضلية لصالح الديمقراطية''، والمقصود بهذا التعبير ''أن يحفــــظ التــوازن بين الواقعيين من جهـــــة، وأن تكفل الحريــــة للمحافظين الجدد من الجهــة الأخرى''· وهنا يلزم القول إن جزءاً كبيراً من التشاحن الذي ساد صفوف الجمهوريين إبان ولايتي ''بوش''، مرده إلى نقص خبرة بوش الرئاسية، وقصور مستشاريه في مجال الأمن القومي، أكثر من أن يعود إلى نزاهة الخلاف في الرأي بين الجمهوريين، فهل سيختلف الحال هذه المرة في حال فوز ''ماكين''؟ النكتة الشائعة عن ''ماكين'' أن له ثلاثة مستشارين رئيسيين في السياسات الخارجية هم: ''ماكين'' ثم ''ماكين'' ثم ''ماكين''! جيمس مان باحث بكلية الدراسات الدولية العليا في جامعة جونز هوبكنز ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©