الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بنجلاديش.. معوقات الصعود

24 مارس 2014 23:26
آني جوين دكا برزت بنجلاديش في السنوات الأخيرة كديمقراطية هشة تشهد توسعاً في الاقتصاد. ولكن في أحد أيام فصل الشتاء، لمس أحد رجال السياسة المعروفين العنف الذي يهدد مستقبلها. كان «أسد الزمان نور»، عضواً في البرلمان، مسافراً في قافلة في الجزء الشمالي من البلاد عندما وجد نفسه فجأة محاصراً. وتدفقت موجات من المهاجمين المتحالفين مع أكبر حزب إسلامي في البلاد إلى الطريق وهم يلوحون بالرماح، لكنه تمكن أخيراً من الفرار، غير أن خمسة رجال تعرضوا للاعتداء عليهم حتى الموت، كما روى فيما بعد. كان الهجوم تصويراً مخيفاً للعنف الذي اندلع في بنجلاديش، ومثيراً للمخاوف من أن ينتهي بها الحال مثل باكستان، حيث يهدد المتطرفون الإسلاميون الدولة. وفي العام الماضي، عانت بنجلاديش أسوأ موجة عنف سياسي شهدته منذ استقلالها في 1971، مع سقوط أكثر من 500 قتيل. وقد أدى هذا العنف إلى تعطيل صناعة الملابس الرئيسية، وتشويه صورة الدولة التي حققت مكاسب ملحوظة في مجالات مثل محو الأمية والمساواة بين الجنسين. كما تعتبر بنجلاديش واحدة من الدول الديمقراطية القليلة ذات الأغلبية المسلمة. ومما أثار هذه الاضطرابات محاكمة مجرمي الحرب الجارية وتعطيل الانتخابات في يناير، مع خلفية من تصاعد التوترات الدينية. وعلى رغم التشريع القانوني في بنجلاديش، فإن الكثير من المواطنين يتبنون النسخة المحافظة من الإسلام، مع ممارسة بعض الضغوط لتطبيق الشريعة. ومعظم الناس يرفضون العنف، لكن هناك تزايداً في هجمات المتطرفين، بعضهم ينتمون للجماعة الإسلامية، وهي حزب إسلامي يرتبط بالمعارضة السياسية. والآن، يشعر الكثير من العلمانيين بأنهم تحت الحصار. ويعتقد «نور»، وهو ممثل شهير تحول إلى سياسي وأصبح مؤخراً وزيراً للثقافة، أنه كان مستهدفاً بسبب نظرته العلمانية. وفي الأسابيع الأخيرة، ساد هدوء العاصمة دكا وتدلت الزهور على السياج المحيط بمكاتب رئيسة الوزراء «الشيخة حسينة واجد»، وكانت هناك رغبة جادة في العودة إلى العمل كالمعتاد، حتى وإن كان الوضع الحالي مختلفاً. حتى هذا العام، تناوبت الشيخة حسينة، 66 عاماً، السلطة أربع مرات مع زعيمة أخرى قوية هي «خالدة ضياء» 68 عاماً، زعيمة حزب بنجلاديش الوطني المعارض، والمتحالف مع الجماعة الإسلامية. ونادراً ما تتحدث السيدتان اللتان تطلق وسائل الإعلام عليهما لقب «بيجوم» وهي المرأة المسلمة رفيعة المستوى. وباستثناء فترة وجيزة من الحكم العسكري، كانت بنجلاديش تتميز بديمقراطية مهتزة منذ عام 1991. لكن انتخابات هذا العام كانت مختلفة. فلم توافق السيدتان على الطريقة التي كان يجب أن تدار بها الانتخابات. كما دعت «ضياء» مؤيديها للقيام بإضرابات سدت الطرق وتحولت إلى عنف. وقاتل أعضاء الحزب المنافس باستخدام العصي، بينما قامت القوات الحكومية بمضايقة المتظاهرين وألقى المتشددون القنابل الحارقة على الحافلات والسيارات. وقد فازت الشيخة حسينة بأغلبية ساحقة، ولكن كان الإقبال متفرقاً، بينما قاطع حزب «ضياء» الانتخابات. ومارس بعض الدبلوماسيين ضغوطاً على الحكومة لإجراء انتخابات جديدة، ولكن دون جدوى. ويقول بعض المحسوبين على النخبة الليبرالية في دكا إنهم يشعرون بالانزعاج بسبب الإدارة الاستبدادية، لكنهم على استعداد لتحمل ذلك إذا كان العدو هو الإسلام المتشدد. وأعرب أحدهم عن ارتياحه لأن ذلك حال دون اقتراب المتطرفين الدينيين من السلطة. وبينما يزعم الطرفان أنهما يدعمان النظام العلماني الحالي، إلا أن الانتخابات عمقت الفجوة بين هؤلاء الذين يريدون حكومة علمانية متجذرة في الثقافة واللغة البنجالية وأولئك الذين يريدون دولة إسلامية. وقد بدأ هذا الانقسام منذ أن حصل الجانب العلماني على استقلال بنجلاديش في حرب دامية مع باكستان عام 1971. وفي 2009، أشعلت حسينة التوترات من خلال إحياء خطة ظلت ساكنة لفترة طويلة لإجراء محاكمات جرائم الحرب للعديد من قادة الجماعة الإسلامية والحزب الوطني المعارض – وهم حالياً من كبار السن – ممن أيدوا باكستان خلال الحرب واتهموا بالقتل وغيره من الأعمال الوحشية. وفي فبراير 2013، وعقب الحكم على أحد هؤلاء القادة بالسجن مدى الحياة – وشنقه في وقت لاحق – تظاهر المئات من شباب بنجلاديش في أحد الميادين العامة بدكا. وتحولت المظاهرات إلى احتفال بالهوية العلمانية لبنجلاديش حيث رقص المتظاهرون وتغنوا بالأغاني التي ألفها شاعرهم المحبوب «طاغور». وفي شهر مايو، احتشد مئات الآلاف من جماعة «حماة الإسلام»، وهي جماعة إسلامية صغيرة، ملوحين بقائمة مطالب تتألف من 13 نقطة وتشمل إقامة الشريعة وحظر الاختلاط بين النساء والرجال في الأماكن العامة. بالنسبة لمعظم تاريخها، تبنت بنجلاديش نموذجاً معتدلا من الإسلام، ولكن في السنوات الأخيرة، ارتفع التيار الديني المحافظ، لا سيما في المناطق الريفية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©