الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أطفال أفريقيا المهاجرون.. أزمة تتفاقم

15 يونيو 2016 23:22
انصب اهتمام وسائل الإعلام على أزمة اللاجئين في أوروبا. فقد عبر نحو 800 ألف شخص البحر المتوسط إلى اليونان، وفر كثيرون منهم من الحروب التي تسببنا في اشتعالها بدرجة ما في سوريا والعراق وأفغانستان. وكل جزء من الرحلة رصده بعناية آلاف الصحفيين والمصورين. لكن هناك أزمة إنسانية أخرى في أوروبا لا تلقى ما يكفي من الاهتمام وهي أزمة 200 ألف مهاجر ولاجئ غادروا أفريقيا متجهين إلى إيطاليا منذ العام الماضي. وحتى الآن من العام الجاري لقي نحو ألفي شخص حتفهم في الرحلة. وبعض اللاجئين الأفارقة ومعظمهم من نيجيريا وجامبيا والصومال وساحل العاج وغينيا يفرون من الحروب، لكن آخرين يفرون من الاستبداد والفساد والفقر وهي المشكلات التي تضرب بجذورها في القارة منذ أجيال. وحين يصل المهاجرون إلى صقلية يواجهون نظاماً مثقلاً بالأعباء غير قادر على تلبية احتياجاتهم. وفي مايو أمضى كاتب هذه السطور أسبوعاً في صقلية مع فريق من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، لالتقط صوراً وأجري مقابلات مع الذين خاضوا الرحلة. وفي مدينة باليرمو عاصمة جزيرة صقلية التقيت فتاة نيجيرية تبلغ من العمر 17 عاماً وتدعى «بيس» وتعيش في نزل للفتيات، وهربت من المنزل حين علمت أن عليها أن تتزوج رجلاً عمره أربعون عاماً. وسافرت «بيس» إلى «أجاديز» في النيجر، وهي نقطة يشحن فيها المهربون المهاجرين في شاحنات مزدحمة للعبور إلى ليبيا. وبعد الوصول إلى ليبيا، حُبست «بيس» في غرفة بلا نافذة لمدة ستة أسابيع. وليبيا صعبة بشكل خاص للمهاجرين. فعلى الصبية أن يعملوا عند السكان المحليين في أعمال مضنية مثل البناء وفي الحقول مقابل أقل من خمسة دولارات يومياً، حتى يحصلوا على ما يكفي من المال ليوفروا كلفة الرحلة التي تبلغ 1500 دولار. والفتيات يجبرن أحياناً على العمل في البغاء. في المرحلة الأخيرة من الرحلة يعتلي المهاجرون قوارب مزدحمة. ويتم تكديس الرجال عادة في مخزن القارب حيث يختنق عشرات منهم أحياناً. والنساء والأطفال يمنحون مساحة على متن القارب. ويترك الملاحون سفنهم في المياه الدولية ويتركون مع المهاجرين هاتفاً متصلاً بالأقمار الصناعية وأرقام هواتف قوات حرس السواحل الإيطالية. وكانت «بيس» واحدة من عدد متزايد من القصر الذين يخوضون الرحلة دون رفيق. ومن يناير إلى مايو عام 2015، خاض الرحلة نحو ثلاثة آلاف قاصر بمفردهم. وخلال الفترة نفسها من العام الجاري، وحسب منظمة الهجرة الدولية، خاض الرحلة 7009 أطفال بزيادة مقدارها 129 في المئة. ومن بين 7567 قاصرا وصلوا إلى إيطاليا حتى الآن هذا العام هناك نسبة مذهلة تبلغ 93 في المئة منهم سافروا دون مرافق. ووسط المهاجرين من الشرق الأوسط فإن هذه النسبة معكوسة تقريباً، فعلى مدار العام الماضي كان من بين الأطفال الذين وصلوا بحراً إلى اليونان 10 في المئة بلا مرافق أو انفصلوا عن مرافقيهم. ومُنحت «يونيسيف» إمكانية الدخول لمساكن اللاجئين هذه. وأحد هذه المخيمات أقيم على قاعدة عسكرية أميركية سابقة في داخل أراضي صقلية. ويوجد في المخيم، الذي يقع بين حقول القمح وبساتين البرتقال وتحرسه قوات مسلحة، أكثر من ثلاثة آلاف طالب لجوء وكثيرون من السكان عاشوا هناك لفترة أطول من عام. وصاحبنا موظف من إدارة المخيم وكان يجري مراقبة تحركاتنا ربما لحمايتنا من المقيمين. وطُلب منا ألا نلتقط صوراً للوجوه والمباني وما بداخلها. وأحياناً منعنا من التحدث إلى اللاجئين ما لم يكن هناك وصي. لكن كثيرين من هؤلاء اللاجئين راشدون وينبغي أن يكون لهم الحق في سرد قصصهم. وفي مدينة «بوزالو» في جنوب الجزيرة، هناك مركز لإيواء اللاجئين الوافدين في الآونة الأخيرة لثلاثة أيام كحد أقصى. لكنني وجدت كثيراً من النزلاء مقيمين منذ ستة أسابيع. وهناك نحو 110 صبيان كل واحد منهم في معصمه سوار يحمل هويته به حرف وثلاثة أرقام. فمن الواضح أن أسماءهم ليست مهمة. والصبية يحصلون على ثلاث وجبات في اليوم ومكالمة هاتفية لمدة ثلاث دقائق مع أسرهم كل أسبوع. وهذا الصيف مع هدوء مياه البحر المتوسط، يتوقع أن يتدفق مهاجرون ولاجئون أفارقة بأعداد قياسية. وذكر تقرير مشترك للشرطة الدولية والشرطة الأوروبية أن ما يقدر بنحو 800 ألف أو أكثر سيحاولون الوصول إلى أوروبا من ليبيا. وسوف تحتاج إيطاليا للدعم من دول أخرى في الغرب لتوسيع مخيماتها وتقديم الخدمات الملائمة والإسراع بعملية منح حق اللجوء. لكننا لا نستطيع الاستجابة لهذه الأزمة حتى نعرف مداها. ولذا يتعين على الحكومة الإيطالية أن تفتح المخيمات والملاجئ أمام وسائل الإعلام لرصد أبعاد المشكلة بدقة أكبر. *مصور صحفي أسترالي مقيم في نيويورك. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©