الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألمانيا.. سياسة الأبواب المفتوحة!

15 مارس 2015 22:57
في ربيع العام الماضي أظهرت بيانات لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي أن ألمانيا تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة كبلد مستقبل للمهاجرين لتتحول الأمة المتمركزة حول ذاتها عادة إلى بوتقة انصهار مضطربة. وكانت ألمانيا قبل ثلاثة أعوام فحسب تحتل المرتبة الثامنة. والمهاجرون الذين كان من المحتمل أن يتوجهوا إلى لندن أو تورنتو يتطلعون حالياً إلى ميونيخ وفرانكفورت وبرلين باعتبارها مدن هجرة جديدة محتملة. وبينما يتزايد حديث الزعماء الأوروبيين عن إغلاق الحدود ترد ألمانيا ببراجماتية اشتهرت بها مع تصاعد دورها كقوة دفع اقتصادية للاتحاد الأوروبي وتخفف من قيود الهجرة فيها سريعاً. ويشكك بعض الاقتصاديين في أن تستطيع الاستراتيجية التي توصف بأنها «معجزة الهجرة» المحافظة على ازدهار الاقتصاد الألماني. ولكن ألمانيا بصفة عامة تضفي دلالات إيجابية على الهجرة في وقت جعلت فيه الأحزاب الشعبوية في أنحاء أوروبا الأخرى كلمة الهجرة نفسها كنوع من الفزّاعة. ويعتقد «توماس ليبيج» المسؤول البارز في قسم الهجرة الدولية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن «هناك وعياً بأهمية التحدي الديموغرافي وهذا الوعي يلعب دوراً إيجابياً لصالح فكرة الهجرة». وأضاف أن معدل التغير في التعاطي مع هذه الفكرة قد يصيب حتى خبراء الهجرة بالدهشة. وتمر ألمانيا بتغيرات كبيرة منذ فترة المستشار الأسبق هيلموت كول. وفي ذلك الوقت كانت البلاد تعاني من مشكلات اجتماعية بسبب الموجات السابقة من المهاجرين، وتحديداً الموجات التي أتت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي عندما جاء العمال من تركيا ودول أخرى إلى ألمانيا لتعزيز الاقتصاد، واستقر كثيرون منهم، ولكنهم واجهوا مشكلة في الانصهار والاندماج في المجتمع. ثم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عاد الألمان أيضاً إلى البلاد بأعداد كبيرة مما أدى إلى إعلان «كول» أن «ألمانيا ليست بلداً للمهاجرين». واليوم، في عهد المستشارة أنجيلا ميركل، تعزف ألمانيا على وتر آخر. فثلثا المهاجرين الجدد في البلاد هم من الاتحاد الأوروبي وخاصة من بولندا وإيطاليا وإسبانيا. ولكن ألمانيا تحاول أيضاً جذب مهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي من بلاد مثل الهند والصين وفيتنام وإندونيسيا، ولذا خففت قوانينها الخاصة بالهجرة لتتحول من سياسة الباب المغلق إلى تبني واحدة من أكثر سياسات الهجرة ليبرالية في العالم في أقل من عشر سنوات، وخاصة في العامين الماضيين. وتطبيقها لنظام «البطاقة الزرقاء» للاتحاد الأوروبي هو أحد أسهل التطبيقات، حيث إنها تسمح بدخول أي شخص حاصل على درجة علمية جامعية وعرض عمل وراتب من مستوى مناسب. وقد أشارت أحدث بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن 400 ألف مهاجر استقروا في ألمانيا هذا العام، وهي زيادة بنسبة 30 في المئة عن العام السابق. والتغيير في سياسة الهجرة يفيد سمعة ألمانيا وهو في جانب كبير منه قرار براجماتي. فمعدل المواليد منخفض في البلاد، ومشكلة الهرم السكاني تلوح في الأفق منذ عقود. وقد أشارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أنه بين عامي 2010 و2020 يتوقع أن تتقلص قوة العمل في ألمانيا بنحو 4 في المئة مقارنة بنمو إيجابي في الاتحاد الأوروبي بنحو 2 في المئة وفي الولايات المتحدة بنحو 6 في المئة. والمشروعات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة التي تمثل العمود الفقري لاقتصاد ألمانيا هي الأكثر تضرراً من تقلص قوة العمل، بالإضافة إلى قوة العمل في الريف وقطاعات معينة مثل الصحة ورعاية المسنين. والمزاج السائد العام في ألمانيا هو أن الهجرة تزيد البلاد ثراء. وقد وقع خلاف في الآونة الأخيرة بين المستشارة أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي لمّح إلى إمكانية إغلاق الحدود البريطانية حتى أمام بعض مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يطالب بعضهم بالهجرة من أجل التمتع بمزايا برامج الرعاية الاجتماعية. وينتاب القلق بعض الألمان من أن يضغط تدفق اللاجئين، وخاصة القادمين من سوريا، على البنية التحتية في ألمانيا. ولكن مما لا يخلو من دلالة أنه لا يوجد في ألمانيا حزب شعبوي يمثل تياراً رئيسياً يدعو علناً لوقف الهجرة باعتباره مبدأ أساسياً في برنامجه كما هو الحال في «الجبهة الوطنية» في فرنسا أو «حزب الاستقلال» في بريطانيا، هذا على رغم وجود حركة «بيجيدا» المناهضة للهجرة. سارة ميلر ليانا* *محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©