سعيد ياسين (القاهرة)
محمد جمعة خان أحد أعلام الغناء في اليمن في النصف الأول من القرن العشرين، وكان له دور كبير في تطوير اللون الغنائي الحضرمي، وأدخل عليه الكثير من الألحان والإيقاعات.
ولد في المكلا أيام السلطنة القعيطية، لأب هندي بنجابي وأم حضرمية، وقد جاء والده مع المحاربين الذين استقدمهم السلطان لينضموا إلى جيشه لتثبيت سلطته في حضرموت. ونشأ في أسرة فنية مفتونة بالطرب والغناء، حيث كان والده أحد أعضاء فرقة الشاوش في الهند، وهي فرقة عسكرية هندية أصول أفرادها القديمة من اليمن، ومارس إخوانه الفن عزفاً وغناءً، فشقيقه الأكبر «أحمد» أجاد العزف على آلة «الهارموني» ووضع ألحاناً كثيرة بصوته الرخيم، وكان شقيقه «عبدالله» بارعاً في ضرب الرق «الدف»، أما شقيقه الثالث «عبدالقادر»، فأجاد العزف على جميع الآلات الموسيقية النحاسية، وانضم وهو في الخامسة عشرة من عمره إلى جوقة الفرقة السلطانية، ودأب على الاستماع إلى أغاني المصريين وتقاسيم العود التي كانوا يعزفونها فكانت ثقافته الموسيقية ذاتية، وتعلم العزف على كثير من الآلات، ثم تعلم من المطرب سعيد العبد العزف على آلة العود، وتطور مع الوقت، واحتل المكان اللائق به في ميدان الغناء، وتفوق في عزف آلة العود، وفي العقد الثاني من عمره عمل في الفرقة عازفاً على «الكلارنيت»، وتولى قيادتها بعد وفاة مسؤولها الأول، ثم تفرغ لفنه، وكون لنفسه فرقة موسيقية جديدة، واشتهر في كل المدن الحضرمية بإجادته مختلف الأغراض الغزلية والسياسية والاجتماعية والدينية، وكان الحضارم المهاجرون يطلبونه إلى مهاجرهم، فسافر إلى كثير من الأقطار في شرقي أفريقيا ودول الخليج العربي، وأحيا في كل منها حفلات غنائية.
ويرى مؤرخون ونقاد أنه كان واعياً لدور الأغنية في الانتماء الفني والحضاري العميق، وهو ما جعله ينزع إلى التجديد والتحديث ومواكبة التطور الحياتي والتنوع الذوقي الذي عرفته حضرموت مطلع الأربعينيات، فكانت روائعه الغنائية التي تنوعت إيقاعاتها وتنغيماتها وجملها الموسيقية بين أصالة التراث وروح العصر، وهو سجل بعدما اكتسب شهرة واسعة، قرابة 140 أسطوانة غنائية لعدد من الشركات، ورحل إلى مدينة عدن، وتأثر بطريقة غنائه عدد كبير من فناني حضرموت. وتوفي عن 60 عاماً في 25 ديسمبر 1963.
عدد اليوم
