الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دور النساء في الثورة المصرية

18 مارس 2011 22:21
كانت المرأتان جالستين في إحدى الخيام بميدان التحرير عندما كانت انتفاضة فبراير الماضي في أوجها. وفي حركة استباقية بادرت إحداهما بالقول للصحفي الذي كان يقترب منهما ليطرح عليهما بعض الأسئلة: "عفواً، إننا نفضل ألا نشارك في أي حوار صحفي... فزوجانا لا يعرفان أننا هنا". والواقع أنه بمعرفة أو بدون معرفة أزواجهن أو آبائهن أو أحبائهن فقد تقدمت الآلاف من النساء المصريات للعب دور محوري وغير مسبوق في إعادة تشكيل ملامح بلدهن. ولذا فقد كانت الثورة المصرية محرِّرة ورائدة من عدة نواح؛ حيث شهدت تحرر بلد من قيود نظام ديكتاتوري، وتحدي قوة وجبروت الشرطة والجنود و"البلطجية" في ثورة حقيقية تجاوزت حدود الطبقة الاجتماعية، والسن، والدين، والنوع. وقد تبين أن لدى النساء اللائي التزمن الصمت لفترة طويلة جدّاً الكثير ليقلنه بشأن دورهن في الثورة. وفي هذا السياق، قالت شابة كانت حريصة على التحدث وإبداء رأيها، ولكنها طلبت عدم الكشف عن اسمها: "لقد كانت مشاركة النساء فعالة جدّاً، ومنظمة جدّاً"، مضيفة: "هناك الآلاف من النساء. ونحن كنا ننام في الميدان أيضاً حيث تنام الكثيرات منا في المسجد هناك". وعندما سئلت حول الأسباب التي دفعتها إلى المشاركة في الثورة، أجابت بأن ثمة "الكثير من الأسباب، ومن ذلك الاحتجاج على قتل إخواننا من قبل قوات الشرطة، وعلى تواطؤ الشرطة في المذبحة التي شهدها قطاع غزة، ونحن ضد تصدير الغاز بأسعار أقل من الأسعار الحقيقية إلى إسرائيل، وضد المخدرات التي تباع في شوارعنا، وضد المحاصيل المسببة للسرطان التي سمحت الحكومة باستيرادها". كما أشارت الشابة التي يبلغ عمرها 19 عاماً إلى تظلمات أخرى من قبيل "ارتفاع البطالة" والأجور الهزيلة التي يتقاضاها "أشخاص مثل والدي، وهو طبيب عمل في المستشفيات التابعة للحكومة طيلة 29 سنة ولكنه لا يتقاضى حاليّاً سوى 170 دولاراً في الشهر". ولكن، هل كانت خائفة من الانضمام إلى المظاهرات؟ تقول: "خلال الأيام الأولى من المظاهرات، نلنا نصيبنا من الضرب على غرار جميع المحتجين". مضيفة "والواقع أن الشرطة شرسة تجاه النساء بشكل خاص حيث يستهدفوننا ويركزون علينا. وقد انتزع أحدهم حجابي ذات مرة؛ وفي المدينة التي أنتمي إليها، المنوفية، يهدد ضابط الشرطة النساء اللاتي يتم توقيفهن بأقسى أنواع العقوبة والتعديات على حقوق الإنسان". ثم توقفت لتلتقط أنفاسها قبل أن تضيف: "ولكن كل ذلك انتهى الآن... لأننا لن نسمح بحدوث ذلك مرة أخرى". ومن جانبها، ترى فاطمة إمام، وهي باحثة في منظمة نظرة للدراسات النسوية أن الثورة شكلت نقطة تحول بالنسبة للنساء في مصر. مشيرة إلى أنها رأت نساء يضطلعن بأدوار تقليدية وحتى غير تقليدية في ميدان التحرير. وعن ذلك تقول: "في بعض المناطق، رأيت بعض النساء اللاتي أوكلت إليهن أدوار تقليدية وكان متوقعاً منهن توفير الطعام والتنظيف، في حين يتولى الرجال مهام الحماية والقتال"، مضيفة "ولكن في أماكن أخرى، كانت الأمور مختلفة حيث كانت الفتيات المحجبات يجلسن على أكتاف الأولاد ويقدن هتافات الجماهير أثناء ترديد الشعارات الاحتجاجية. وعندما تحولت الأمور إلى العنف، كانت النساء هن اللاتي يتولين مهمة التخطيط الاستراتيجي وتحديد أفضل السبل للهرب؛ ولم تعد الأدوار التقليدية متبعة". والواقع أن حتى النساء المتدينات جداً كن يُحفزن ويُدفعن للخروج عن أدوارهن المعتادة، كما تقول فاطمة إمام التي تضيف: "إن النساء المتدينات جدّاً اللاتي يشكلن مجموعة صامتة في العادة، كن يمشين وراء الرجال الذين يرددون الشعارات، وكن ينضممن إلى أشخاص آخرين ويتناقشن ويتبادلن معهم الآراء ووجهات النظر -بل كن هناك، في المقدمة تماماً، يقدن موجات ترديد الشعارات والهتافات؛ وذاك تغير جذري في أدوارهن وفي حضورهن في المجال العام". ومن جانبها، تقول راجية عمرام، وهي محامية: "لقد كانت لدينا أدوار متساوية تماماً في ميدان التحرير"، لتستطرد موضحة ما تقصد: "لقد كنا حاضرات من الخامس والعشرين منذ يناير، وطيلة الأيام الأكثر صعوبة. وقد شاركت النساء ليس كمحتجات فحسب؛ وإنما قمن أيضاً بالمساعدة على حراسة الميدان، وتزويد العيادة بالكوادر، وتوزيع الطعام. كما كنا نسهر الليل بطوله وكنا ننام هناك. لقد كنا ناشطات وساهمنا في الثورة على نحو متساو مع إخوتنا الرجال". ويبدو أن الاختلافات النوعية قد اختفت إلى حد كبير خلال أيام الاحتجاجات والثورة. وفي هذا الإطار، تقول عمرام: "لقد أدت النساء أدوارهن كمواطنات مصريات، وهذا يكفي في حد ذاته". محمد الدهشان مراسل معهد صحافة السلم والحرب في القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©