السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصوت العورة

الصوت العورة
18 مارس 2011 18:58
(1) أقنعتني جدتي بأن زوجها المرحوم كان أكثر الرجال كمالا واكتمالا، لأنه كان «يمشي الحيط الحيط، ويقول يارب السترة»، وبأنه لم يكن في يوم من الأيام تلك الكف التي تناطح المخرز، بل إنه كان تلك الكف التي تعين المخرز على الولوج في الكف، وأن والدي لم يكن مثل أبيه في الحرص والحذر والابتعاد عن الأخطاء عن طريق عدم ممارسة او تجربة او التفكير بأي شيء جديد.. وأن علي أن أحذو حذو جدي وليس والدي المتمرد، حسب رأيها. أقنعني أبي بأن صوتي عورة ، وأني، ومن باب درء الخطايا، ينبغي على أن لا أغني، وأن أكون ضمن الكورس والكومبارس والمرددين، حتى يضيع صوتي بين الأصوات، وأجبرني على الاقتناع بأن هذا الصوت العورة ينبغي أن أضعه بكل فخر في صندوق ابن العشيرة الانتخابي، حتى لا يسمعه ولا يراه الآخرون، ولا حتى في أحلامهم. أقنعني عمي بأن تشكيل اللجان واللجان المنبثقة عن اللجان هو الطريق الوحيد لحل المشاكل وطرح القضايا، وأن أي لجنة تتقاعس عن عملها أو تفشل، علينا أن نشكل لجنة للتحقيق في الأسباب، ولجنة للإصلاح ولجنة للتدقيق، ولجنة مشرفة على اللجان المنبثقة عن اللجان التي انبثقت عن وعن وعن .. في الواقع لم يكن عمي تماما، لكنه كان زوح أمي الذي أقنعني أن أناديه يا عمي!! لكن تبين لي، وبعد أن اشتعل القلب شيبا، وتحول الرأس إلى بطيخة منخورة، تبين لي أننا لا يمكن على الإطلاق بأن نحل المشاكل بذات الطرق والأساليب التي أدت إلى حصول تلك المشاكل!! (2) إذا طرح فرد أو جماعة أو مجموعة أو حزب أو أو أو.. فكرة ودافع أو دافعوا عنها، نجده أو نجدهم يقولون بأن جميع الأفكار الأخرى المعاكسة والمناوئة أو مجرد المعارضة الخجولة لدعوته أو دعوتهم ، هي دعوات مشبوهة وهدامة ومؤنجدة «وهي كلمة ابتكرتها للتو، أقصد فيها أن لديهم أجندات خارجية كما يقولون»، وعليها مليون علامة استفهام!! ولا يتردد هؤلاء في أن الآخرين الذين لم تعجبهم فكرتهم، في وصف الحزمة الأخرى بأن أفكارها مشبوهة وهدامة ومؤنجدة أيضا. هذا هو مستوى الحوار الفكري والسياسي لدينا، لم نعرف المسامحة، ولم نتعلم احترام الرأي الآخر، ولم نفهم معنى الصراع الديمقراطي للأفكار، حتى صناديق الانتخاب جعلناها صناديق لاحتساب أصوات الأموات أو تكرار لأصوات الأحياء. لا يمكن أن نستوعب أننا يمكن أن نكون على بعض الحق، وغيرنا على بعض الحق أيضا، وأن التوازنات الاجتماعية والسياسية هي التي تفصل بيننا. وهذه التوازنات قابلة للتغير معنا أو ضدنا، لأن المجتمع متحرك، أو من المفترض أن يكون كذلك. وأن علينا أن نقبل النتائج بدون تخوين والأنجدة «من أجندة أيضا» الخارجية. التخوين العشوائي رد فعل بائس يدل على جهل ونقص معرفي وشوفينية حمقاء.. فهل نقبل ذلك علينا إلى الأبد؟ يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©