مع البحث المتواصل لشركات الخطوط الجوية عن أساليب مبتكرة وجديدة لتعويض الارتفاع الكبير في أسعار الوقود، أثبتت مراكز البحوث في بعض هذه الشركات أن إخضاع المحرك لحمام لطيف ومتكرر من الماء الساخن يمكنه أن يوفر ملايين الدولارات سنوياً·
وبيّنت البحوث التي أنجزتها شركة (برات آند ويتني) أن التنظيف الدوري للمحرك النفاث يمكن أن يوفر 1,2 بالمئة من استهلاك الوقود· وحتى لو بدا وكأن هذه النسبة غير كبيرة، إلا أنها تؤدي إلى توفير ملايين الدولارات للمحرك الواحد سنوياً· وقالت مصادر الشركة إنه لو عمدت كل شركات الطيران إلى غسل محركات طائراتها، فسوف توفر أكثر من مليار دولار سنوياً·
وخلال الشهر الجاري، عهدت أكثر من 50 شركة عالمية للخطوط الجوية لشركة (يونايتد تكنولوجيز كوربوريشن) التابعة لشركة (برات آند ويتني) المتخصصة في صناعة المحركات النفاثة، بأن تتكفل بغسيل محركات طائراتها بواسطة آلة جديدة يمكنها أن تصل إلى القطع والأجزاء العميقة والدقيقة في أعماق المحرك لإزالة الغبار والأوساخ والزيوت العالقة·
وبعد أن قفزت تكلفة استهلاك النفط إلى قمة قائمة نفقات التشغيل لهذه الشركات، لم يبقَ أمامها إلا البحث عن كافة أساليب توفيره بما فيها تلك التي كان تبنّيها قبل بضع سنوات يضرّ بأكثر مما ينفع وفق المقاييس الاقتصادية· ومنذ عام ،2001 بدأت بعض الشركات القليلة للخطوط الجوية بإجراء عمليات تنظيف بسيطة لمحركات طائراتها النفاثة من أجل توفير الوقود وزيادة المدى الأقصى لمسافة التحليق· واليوم، يعمد قباطنة الطائرات النفاثة إلى الاعتماد على محرك واحد من محركات الطائرات من أجل الحركة على أرضية المطار قبل الإقلاع وبعد الهبوط من أجل توفير لترات قليلة من الوقود·
وتكللت جهود مهندسي شركة (برات آند ويتني) مؤخراً بابتكار ما يسمى (نظام إيكوباور) Eco Power System الذي انطلقوا في تطويره منذ عام 2004 إلا أن العوائد الكامنة في استخدامه لم تتضح إلا بعد ارتفاع أسعار الوقود إلى المستويات الاستثنائية التي نراها الآن· وينقل تقرير نشرته صحيفة (ذي وول ستريت جورنال) عن ريك واسونج نائب مدير قسم الصيانة في شركة يونايتد إيرلاينز للخطوط الجوية، قوله: (عندما كان سعر النفط الخام لا يزيد عن ربع قيمته الحالية، لم تكن فكرة غسيل محركات الطائرات النفاثة تسترعي اهتمام الناقلين الجويين مثلما تفعل الآن)·
ومؤخراً بدأت شركة (برات آند ويتني) بتشغيل أكثر من 2000 من أنظمة (إيكوباور) في مختلف أنحاء العالم· وتقول مصادر الشركة إن الطلب على هذه الخدمة تزايد إلى الحد الذي يجعلها مسؤولة عن غسيل أكثر من 5000 محرك على مدار العام· ويقول جيم كينان نائب رئيس قسم خدمات (برات آند ويتني) العالمية في معرض شرحه لأهمية النظام: (إن نظام إيكوباور يمثل التكنولوجيا المناسبة التي جاءت في الوقت المناسب)·
وبدأت بعض الشركات الأخرى المتخصصة بصيانة الطائرات بتطوير تكنولوجياتها الخاصة بتنظيف المحركات النفاثة إلا أن شركة (برات آند ويتني) هي التي تمكنت من تحقيق القفزة العريضة الأولى عندما ابتدعت (نظام إيكوباور)· وتم تحميل النظام على عربة شاحنة يمكنها التنقل بسهولة بين الطائرات بعد هبوطها أو قبل إقلاعها لتنظيف محركاتها في دقائق معدودة·
وتتكفل الشركة بعد ذلك بترحيل النفايات الناتجة عن عملية التنظيف والتي تتألف في معظم الأحيان من مواد سامة· ويذكر أن المحركات النفاثة تعمل عمل المصافي عندما تخترق الهواء، وكثيراً ما تجمع الغبار وحتى العصافير الطائرة التي تتفحم ضمنها وتكون إزالة بقاياها ضرورية لضمان سلامة حركة المحرك·
نقلاً عن وول ستريت جورنال
عدد اليوم
