الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القيروان.. ورشة لتصنيع «المقروض»

القيروان.. ورشة لتصنيع «المقروض»
14 يونيو 2016 20:08
ساسي جبيل (تونس) يعد مقروض القيروان، أحد أشهر الحلويات وأكثرها أصالة في تونس، حتى أصبحت لا تخلو منه مائدة في مختلف الأشهر، لا سيما في شهر رمضان، الذي يحول المدينة إلى ورشة كبيرة لصنعه، تمهيداً لتوريده إلى بقية مناطق البلاد وتصديره إلى الخارج. و«المقروض» في القيروان التونسية «156 كلم عن العاصمة»، أحد أهم التقاليد التي توارثها القيروانيون جيلاً بعد جيل، وتمسكوا بأسرار صناعته، قبل أن يغزو الأسواق الأوروبية ويخصص له مهرجان سياحي. إلى ذلك، قال حسين القهواجي، وهو باحث في التراث التونسي، إن مكوناته تجلب من مناطق متعددة؛ فعسل حلوى المقروض كان يجلب من جبل «وسلات» القريب من المدينة، في حين أن زيته وهو زيت الزيتون يتم جلبه من البادية الفيحاء المسماة بـ «العلا»، وهي أيضاً قريبة، فيما يحمل التمر فوق ظهور قوافل الجمال القادمة من الجريد «جنوب غرب البلاد»، ويحضر القمح من شمال غرب البلاد. وقال المؤرخ ابن الرقيق القيرواني في المقروض «إذا قحط البربر وانتابهم عام أجدب، اشتروا التمر والدقيق ثم عجنوه بزيت أخضر وقسموه كتلاً وأصابع، أفطروا عليها كل يوم، وربما أكلوها بلا توقيت كيف أمكن وضربوا عليه بجرعة من الحليب». وأضاف أن المقروض بمثابة الأكلة التي تلجأ لها العائلة القيروانية ومن ثم التونسية، لمقاومة الأيام المجدبة، مشيراً إلى أنه أيضاً يعد أكلة المناسبات من دون منازع، حيث ترصفه المرأة القيروانية في أوان من النحاس القيرواني والأطباق المركبة من الفضة. ووصف المؤرخ أكوام «المقروض» المعروض للبيع بالأهرامات الصغيرة التي لا تكاد تعطيها قيمتها الحقيقية، إلا عندما يتم تذوق إحدى قطعها والتمتع بحلاوتها، مضيفاً أن المقروض يتركب من ضدين مختلفين مؤتلفين، وهما الدقيق الجاف والتمر الذي يسهل عملية الهضم، ويكون في شكل حشو بين عجين الدقيق، موضحاً أن صناعته عرفت تطورات كثيرة خلال العقود الماضية، ودعمت بمكوناته الأخرى، من زيت وعسل، ومياه الورد. وشدد على أن أهم نقلة عرفتها صناعة «المقروض» كانت مع تنامي نفوذ الدولة العثمانية، التي اكتسب خلالها بعداً صناعيا واختص بأدوات وأوانٍ نحاسية، وصار له قالب من الخشب المنقوشة نماذجه، والمستلهمة من زخارف المنبر وأشكالها الهندسية. وأضاف القيرواني أن ما يلفت الانتباه هو أن العائلات تخصص «المقروض» القيرواني لضيوفها القادمين من مدن أخرى، مقابل تهافت زوار القيروان على اقتناء كميات كبيرة منه خاصة من بعض المحال المعروفة أو من ربات بيوت يصنعن المقروض الأصيل ويوفرنه وفق طلبات مسبقة، وخاصة خلال شهر رمضان الكريم. وأكد الباحث الاجتماعي محمد الصالح فتح الله أن تونس وبحكم الحضارات المتعاقبة، عرفت أنواعاً عديدة من الحلويات والمرطبات، مضيفاً أن «المقروض» القيرواني يعد أحد ألذ تلك الأنواع وأحلاها عند التذوق. وأبرز أن ما زاد في عدد الإقبال على المقروض القيرواني ثمنه، الذي يعد بحسبه، في متناول الفقراء، الذين يجدون ملاذهم فيه، بحكم غلاء أسعار أنواع الحلويات الأخرى. ويشار إلى أن المقروض حافظ ولأعوام كثيرة على ثمنه الذي لا يتجاوز الدولارين للكيلو جرام الواحد، ليبقى في متناول الجميع. وقال علاء الدين الأسمر، إن «مدينة القيروان العريقة ليست مشهورة بالجوامع فقط، ولا بالسجاد، والخبز الكبير الحجم المميز، بقدر ما هي مشهورة أيضاً بالمقروض منذ القدم». وأضاف أن مدينة القيروان تتحول خلال شهر رمضان إلى ورشة كبيرة لصنع «المقروض»، الذي يتم بيعه في مختلف المدن والقرى التونسية، كما يتم تصدير بعضه إلى أوروبا، حيث الجاليات التونسية، وغيرها من شمال أفريقيا، وبعض العرب من الخليج والشام، والذين كلهم يتهافتون على شرائه ليكون سيد الموائد، في سهرات رمضان وأيام عيد الفطر السعيد، فضلاً عن الأوروبيين الذين يفضلونه. رابعة الثلاث القَيْرَوَان مدينة تونسية، تبعد نحو 160 كيلومتراً عن تونس العاصمة، ويعود سبب أهميتها إلى دورها الاستراتيجي في الفتح الإسلامي فمنها انطلقت حملات الفتح نحو الجزائر والمغرب وإسبانيا وأفريقيا، بالإضافة إلى أنها رقاد لعدد من صحابة الرسول، عليه الصلاة والسلام، ويطلق عليها الفقهاء «رابعة الثلاث» بعد مكة والمدينة المنورة والقدس. ويعود تاريخ القيروان إلى عام 50 هـ /‏ 670 م، عندما أنشاءها عقبة بن نافع لتكون مقراً للمسلمين. وتعد القيروان من أقدم وأهم المدن الإسلامية، بل هي المدينة الإسلامية الأولى في منطقة المغرب ويعتبر إنشاء مدينة القيروان بداية تاريخ الحضارة العربية الإسلامية في المغرب العربي، فلقد لعبت دورين مهمين في آنٍ واحد، هما: الجهاد والدعوة. وأصل تسمية القيروان يعود إلى اللفظ الفارسي «كيروان» التي تعني المعسكر، أو المكان الذي يدخر فيه السلاح.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©