مثل العديد من رجال الأعمال، بدأ راي كروك العمل في وقت مبكر من حياته، بعد تركه لدراسته الثانوية فيما لم يتعدَّ عمره 15 سنة، بدأ في العمل في بقالة عمه، وقضى الصيف خلف ماكينة الصودا، ومن ثم عمل في عدة أماكن، خاض تدريباً للعمل كسائق سيارة إسعاف خلال الحرب العالمية الأولى، ولذلك اضطر لتكبير سنه في المعلومات الرسمية، تماماً كما فعل زميله والت ديزني الذي عمل معه في نفس الفترة بمهنة سائق سيارة إسعاف، بيد أنه لم يملك حظ زميله، حيث إن مهمته انتهت قبل أن تبدأ مع انتهاء الحرب العالمية.
استمر راي في البحث المستمر عن عمل، فبدأ أولاً في تنمية مهاراته في العزف على البيانو، حتى حصل على وظيفة عازف في إذاعة راديو محلية جعلته يعزف ليلاً، أما أثناء النهار، فحصل راي على وظيفة بائع أكواب ورقية في شركة ليلي تيوليب كب، حيث أثبت كفاءة بارعة ورغبة عارمة في العمل بجهد حتى أصبح أفضل بائع في الشركة، وهناك تعرف على إيرل برينس، تاجر ومخترع وعصامي ناجح، اخترع آلة صب المشروبات ومزجها معاً، وسجل اختراعه هذا وبدأ يبيعه في أرجاء الولايات المتحدة الأميركية. وعمره 37 سنة، أقنع راي إيرل أن يبيعه حقوق استغلال منتجه، واستقال راي بعدها من عمله، ليقضي 17 عاماً بعدها في بيع الأكواب الورقية وآلة صب المشروبات هذه، في مختلف ربوع الولايات الأميركية.
ومع اقتراب كروك من عيد ميلاده الخمسين، بدأت المبيعات في الانخفاض، في أوائل الخمسينيات كان الناس يغادرون المدن إلى الضواحي، ما أجبر العديد من محال بيع الصودا للإغلاق، وأدى إلى تراجع شراء الماكينات، كان هناك مطعم وحيد لم يوقف التعامل مع راي، ليشتري منه نحو ثماني آلات دفعة واحدة، الأمر الذي أثار فضول راي، فذهب للتعرف على المطعم عن قرب، ليجد أن المطعم يعود ملكيته للأخوان ديك وماك ماكدونالد.
مطعم الإخوة ماكدونالد كان مختلفاً عن أي مطعم رآه راي من قبل، وهو على النقيض من المطاعم الشعبية في ذلك الوقت، كانت الخدمة فيه ذاتية، ولم يكن بالمطعم أماكن جلوس داخلية، وكانت القائمة مقصورة على الجبن والهمبرغر والبطاطس والمشروبات والحلويات المصنوعة من الحليب، والتي تمكن العملاء من وضع طلباتهم وتلقي وجباتهم في أقل من دقيقة.
طرح كروك على الأخوين فكرة التوسع بافتتاح أفرع عدة في جميع أنحاء البلاد، بيد أنهما رفضا الدخول في مثل هذه التوسعات، وعوضاً عن ذلك طلب منهما بيع حقوق المطعم والوكالة له، لتبدأ مرحلة جديدة من التعاقدات الجديدة تمثلت في ظهور مشاريع الفرنشايز، مقابل احتفاظ الأخوين بنسبة ثابتة من الأرباح.
افتتح راي أول ماكدونالدز في أبريل 1955 في ضاحية شيكاغو ديس بلينس، وتمكن بعد فترة من عرض شراء كل امتيازات المطعم الشهير من الأخوين، مقابل 2.700.000 دولار، بعد أن اتجه للاستثمار في بيع الأراضي لتغطية خسائره التي تكبدها جراء تخصيصه من الأرباح للأخوين، وقد اقترح عليه هاري سوننبورن، عبقرية المالية الذي التقاه كروك أن ينوع في استثماراته وتحقيق الاستفادة من بيع الأراضي على المستثمرين، لتحقيق مكسب مالي، بدلاً من بيع الهامبرغر، فأنشأ كروك شركة تشتري أو تستأجر الأرض التي تقع عليها جميع مطاعم ماكدونالدز. مقابل دفع المستثمرين إيجاراً شهرياً محدداً للأرض أو نسبة مئوية من مبيعاتهم بالمطعم، ومن خلال امتلاك الأرض تم بناء الامتيازات بدلاً من مجرد الاكتفاء بملكية الامتيازات.
خلال هذه المرحلة كانت هناك مشاكل، فقد اشتبك كروك باستمرار مع الإخوة ماكدونالد بسبب التغييرات التي أخرجت المطعم عن صيغته الأصلية، شعر كروك بالإحباط المستمر من انتقادات الأخوين وقرر السيطرة الكاملة على حصص المطعم، وفي عام 1961، اشترى ماكدونالدز جميع حصص الأخوين بالمطعم مقابل 2.7 مليون دولار نقداً.
وبحلول عام 1965، كان كروك قد فتح أكثر من 700 مطعم في 44 ولاية، وفي أبريل من ذلك العام، أصبحت ماكدونالدز أول شركة للوجبات السريعة. أصدرت أسهماً في السوق مقابل 22 دولاراً للسهم الواحد. في غضون أسابيع ارتفع سعر سهمها إلى 49 دولاراً للسهم، ليتحول كروك في لحظة إلى مليونير، وبحلول نهاية العقد كان كروك قد اجتمع وتجاوز هدفه، مع ما يقرب من 1500 فرع من أفرع ماكدونالدز تعمل في جميع أنحاء العالم.
راي كروك يعتقد أن نجاح شركته يكمن في امتيازه بعد «طريقة ماكدونالدز» للرسالة. ولضمان ذلك، قام بتطوير دليل مؤلف من 75 صفحة يوضح كل جانب من جوانب تشغيل عملية ماكدونالدز. ولم يبق شيء للتفسير. كان البرجر بالضبط مقسماً بمقاييس دقيقة 1.6 أوقية، مع ربع أونصة من البصل، ملعقة صغيرة من الخردل وملعقة كبيرة من الصلصة، تضمن دليله تحديد عدد المرات التي يحتاج المطعم فيها لتنظيف.
مترجم عن entrepreneur.com
عدد اليوم
