الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العقل زينة

15 يونيو 2008 01:25
يورد الجاحظ في كتابه ''أخبار الحمقى والمغفلين'' في باب يحمل عنوان ''في ذكر أخبار من ضرب المثل بحمقه وتغفيله'' أن هؤلاء - يعني الحمقى والمجانين - ينقسمون إلى رجال ونساء· هبنقة ويضيف: ''فمنهم هبنقة، واسمه يزيد بن ثروان، ويقال: ابن مروان أحد بني قيس بن ثعلبة، ومن حمقه أنه جعل في عنقه قلادة من ودَعٍ وعظام وخزف، وقال: أخشى أن أضلَّ نفسي ففعلت ذلك لأعرفها به· فحولت القلادة ذات ليلة من عنقه إلى عنق أخيه فلما أصبح قال: يا أخي أنت أنا فمن أنا؟ وأضلَّ بعيراً فجعل ينادي: من وجده فهو له· فقيل له: فلم تنشده؟ قال: فأين حلاوة الوجدان؟، وفي رواية: من وجده فله عشرة؟ فقيل له: لم فعلت هذا قال: للوجدان حلاوة في القلب· واختصمت طفاوة وبنو راسب (أسماء قبائل عربية) في رجل ادعى كل فريق أنه في عرافتهم، فقال هبنقة: حكمه أن يُلقى في الماء فإن طفا فهو من طفاوة وإن رسَب فهو من راسب· فقال الرجل: إن كان الحكم هذا فقد زهدت في الديوان· وكان إذا رعى غنماً جعل يختار المراعي للسِّمان وينحي المهازيل، ويقول: لا أصلح ما أفسده الله· عجل بن لجيم ويحكي الجاحظ عن أحمق ثالث اسمه عجل بن لجيم الأحمق، يقول: ''ومنهم عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل· بلغ من حمقه أنه قيل له: ما سميت فرسك؟ فقام إليه ففقأ إحدى عينيه، وقال: سميته الأعور· وفي هذه الحادثة قال الشاعر العنزي: رمـــتني بنو عجـلٍ بداء أبيهـــم وأي امرىءٍ في الناس أحمق من عجل ألبس أبوهم عار عين جواده فصــارت به الأمـــثال تضـــرب بالجهـــل'' حمزة بن بيض أما الأحمق الرابع فهو حمزة بن بيض الأحمق· يقول الجاحظ: ''عن محمد بن العلاء الكاتب أنه قال: قال حمزة بن بيض لغلام له: أي يوم صلينا الجمعة في الرصافة؟ ففكر الغلام ساعة ثم قال: يوم الثلاثاء''· أبوأسيد ومنهم - يروي الجاحظ - محمد أبو أسيد، يقول: ''عن محمد بن رجاء قال: قال أبو أسيد وحدث بحديث: كان ذلك في خلافة المهدي قبل موت المنصور· وقال: مرَّ على أبي أسيد بعيران فقال قوم كانوا حوله: ما أفرههما فقال أبو أسيد: أحدهما أفره من الآخر· قالوا: أيهما أفره؟ قال: القدامي أفره من الأول''· جحا ومنهم جحا، ويكنى أبا الغصن· وقد روي عنه ما يـــدل على فطنة وذكاء إلا أن الغالب عليه التغـفيل، وقد قــيل: إن بعض من كان يعاديه وضع له حكايات والله أعلم· عن أبي بكر الكلبي أنه قال: خرجت من البصرة، فلما قدمت الكوفة إذا أنا بشيخ جالس في الشمس، فقلت: يا شيخ أين منزل الحكم؟ فقال لي: وراءك فرجعت إلى خلفي، فقال: يا سبحان الله! أقول لك وراءك وترجع إلى خلفك· عن أبي الحسن أن رجلاً قال لجحا: سمعت من داركم صراخاً· قال: سقط قميصي من فوق· قال: وإذا سقط من فوق· قال: يا أحمق لو كنت فيه أليس كنت قد وقعت معه؟!· ومات جار له - أي جحا - فأرسل إلى الحفار ليحفر له، فجرى بينهما لجاج في أجرة الحفر، فمضى جحا إلى السوق واشـــترى خشبة بدرهمين وجاء بها، فســــــئل عنها فقال: إن الحفار لا يحفر بأقل من خمسة دراهم، وقد اشترينا هذه الخشبة بدرهمين لنصلبه عليها ونربح ثلاثة دراهم ويستريح من ضغطة القبر ومسألة منكر ونكير· وحكي: أن جحا تبخر يوماً فاحترقت ثيابه فغضب، وقال: والله لا تبخرت إلا عرياناً· ووجهه أبوه ليشتري رأساً مشوياً فاشتراه وجلس في الطريق؛ فأكل عينيه وأذنيه ولسانه ودماغه وحمل باقيه إلى أبيه، فقال: ويحك ما هذا؟ فقال: هو الرأس الذي طلبته· قال: فأين عيناه؟ قال: كان أعمى· قال: فأين أذناه؟ قال: كان أصم· قال: فأين لسانه؟ قال: كان أخرس· قال: فأين دماغه؟ قال: كان أقرع· قال: ويحك رده وخذ بدله· قال: باعه صاحبه بالبراءة من كل عيب· واجتاز يوماً بباب الجامع، فقال: ما هذا؟ فقيل مسجد الجامع· فقال: رحم الله جامعاً ما أحسن ما بنى مسجده· ومر يوماً بصبيان يلعبون ببازي ميت، فاشتراه منهم بدرهم وحمله إلى البيت· فقالت أمه: ويحك ما تصنع به وهو ميت؟ فقال لها: أسكتي فلو كان حياً ما طمعت في شرائه بمائة درهم· أزهر الحمّار ومنهم أزهر الحمّار الأحمق، وعنه يروي الجاحظ: قدم على الأمير عمرو رسول من عند السلطان فأحضر مائدته، فقال لأزهر: جمِّلنا بسكوتك اليوم، فسكت طويلاً ثم لم يصبر، فقال: بنيت في القرية برجاً ارتفاعه ألف خطوة· فأومأ إليه حاجبه أن اسكت، فقال له الرسول: في عرض كم؟ قال: في عرض خطوة· فقال له الرسول: ما كان ارتفاعه ألف خطوة لا يكفي عرضه خطوة!·فقال: أردت أن أزيد فيه فمنعني هذا الواقف· وقدم رسول آخر فقيل لأزهر: لا تتكلم اليوم وتجمَّل لهذا الرسول، فسكت ساعة· فعطس الرسول فأراد أزهر أن يشمته فيقول يرحمك الله، فقال: قبَّحك الله· فقال الأمير: أليس قد قدَّمت إليك أن لا تتكلم!· فقال: أردت أن لا يرجع الرسول إلى بغداد فيقول: إن هؤلاء لا يعرفون·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©