الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طيطار بحجم سيارة

طيطار بحجم سيارة
15 يونيو 2008 01:25
بدأت قصة فوبيا الحيوانات التي أعاني منها في منطقة نايف بديرة حيث عشت فيها إلى سن السادسة، وكانت المنطقة في السبعينيات مرتعاً للكلاب الضالة وغير المحترمة· وعلى الرغم من أن كلباً لم يهاجمني إلا أن أحاديث الأولاد الكبار عن مطاردة الكلاب لهم وعضّهم من دون سبب وجيه، جعلتني أرتجف كلما سمعت ''الهوهوة''، خصوصاً أن بعض المؤمنين كانوا يحشون رؤوسنا بأن الكلب الأسود، شيطان ينبح، ويجب قتله فوراً· تطورت الحالة إلى القطط ثم إلى البقر والتيوس ووصلت ذروتها حين اكتشفت أنني أخاف من الطيور أيضاً، وحتى في رحلات صيد السمك القليلة التي كنت بطلها، فإن دوري كان يقتصر على صيد السمكة ويقوم الشباب باستخراج السنارة من فمها ووضعها في البرّاد، لكنني أول من يأكلها بعد ذلك· تطورت الحالة أكثر وبت أخاف من أي شيء يتحرك ما عدا الإنسان والآلات، وقريباً سأخاف حتى من الأشجار لأنني قرأت أنها تحس بالبشر، وأن هناك أشجاراً تبلع الناس في غابات الأمازون، وما زلت أتذكر الوردة الكبيرة التي كانت تشفط الأولاد في المسلسل الكرتوني ''النسر الذهبي''· وهناك حيوانات مجرد تخيّلها تشعرني بالقشعريرة، مثل الثعبان والعقرب والفأر والطيطار (السحلية)، سواء نظرت إليها بالطبيعة أو حتى من خلال التلفزيون، وأكثر من مرة هاجمتني هذه الحيوانات في الأحلام، لدرجة أنني حلمت مرة أن سحلية بحجم سيارة أخذت تزحف صوبي وأنا أجري مثل الأطفال وأبكي· لكن صديقاً لي يربي كلباً في بيته، ضجر بسبب الإجراءات التي أفرضها عليه قبل أن تطأ قدمي بيته، لأنني أتصل به وأقسم له بأغلظ الأيمان بأنني سأهرب لو دخلت ووجدت كلبه اللعين يقترب مني· وفي إحدى المرات أراد معالجتي بالصدمة الكلبية، بأن ترك كلبه يؤدي هوايته السخيفة، فاقترب مني وأخذ يشمني وأحسست بحرقة في بطني كأن مادة أسيد أفرغت في جوفي، فقال وهو يضحك بأن الحيوان لا يهاجم إلا إذا شعر بالخوف أو أثاره شيء· وكأنه اكتشف بكلامه علاجاً لمرضي، فما يدريني أن الكلب ليس خائفاً وماذا أفعل إذا أخطأتُ بلا قصد وأثرت ثعباناً ساماً أو حتى أليفاً لا يعض؟ وما يجعلني لا أصدق أن هناك حيوانات أليفة أبداً هو تلك البرامج التي تطالعنا بين الحين والآخر عن حيوانات ''أليفة'' هاجمت أصحابها وقطعتهم إرباً، فهذا كلب يقطع رضيعاً، وهذه قطة تهجم على عنق صاحبتها، وهذا أيل ينطح صاحبه بقرنيه ويشق بطنه· فمن أصدق: كلام الناس أم عيوني؟ ثم إن هذه الحيوانات تمنّ علينا بأنها أليفة، لكنها أليفة لنفسها، فلم يطلب منها أحد أن تكون أليفة كي تتبجح علينا وتجبرنا على تقبّل اقترابها منا· لكن هل هذا يعني أنني أكره الحيوانات؟ لا والله، فهي آيات لله ودلائل على خلقه ومعجزاته، والإبل التي يقسم بها الله عز وجل، أحبها كما أحب أهلي، لكن حب من بعيد· عموماً للوراثة دور كبير في هذا المرض، فأمي تخاف حتى من الحيوانات المصنوعة من البلاستيك·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©