الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فتّش عن الرفيق قبل الطريق

فتّش عن الرفيق قبل الطريق
15 يونيو 2008 01:19
لم يكذب المثل الشعبي حين قال: ''اختر الجار قبل الدار، ورفيق السفر قبل الرحلة''، فإن السفر سمي سفراً لأنه يُسفر - أي يظهر - أخلاق الناس ومعادنهم· وفي الموروث الشعبي الكثير مما يؤكد أن الصديق يعرف ''بالعشرة'' وهل هناك أفضل من السفر لتحقيق ''العشرة'' ومعرفة صدق الصديق من عدمه؟ إلى ذلك، يكاد يجمع معظم الناس على أن السفر لا تكتمل متعته وفائدته إلا في حضور الآخرين، ولهذا، نجد أن معظم الناس لا يحبذون السفر بمفردهم، بل مع رفيق يشاركهم المتعة ويطرد عنهم شبح الوحدة والملل ويرسم معهم البسمة والذكريات، لكن قبل السفر لا بد للمرء من اختيار الرفيق المناسب الذي اختبر طباعه، والذي يتوافق معه ويعرفه· حول رفيق السفر واختياره واهميته كانت هذه الآراء· يعتقد محمد جاسم أن ''اختيار رفيق السفر بعناية ودقة من أهم شروط القيام برحلة سياحية ممتعة وناجحة، فليس كل أحد يصلح أن يكون رفيق سفر حتى ولو كان من أعز الأصدقاء· ومن حسن الاختيار أن يكون هناك نوع من التقارب في التفكير والطباع والهوايات والمستوى الثقافي بشكل عام، لأن الرحلة تفرض عليك نمطا معينا من الالتزام والمصاحبة، ومشاركة حقيقية لرفيقك في كل شيء تقريباً، وهذا يحتم على كل الأطراف احترام الرأي الآخر بل وتقديم تنازلات أحياناً''· درس لا ينسى وتذكر نوال محمد موقفاً حدث معها أثناء سفرها مع مجموعة من الزميلات في رحلة مع الكلية، حيث شاركت إحدى الزميلات غرفة الفندق، لكنها ''كانت كارثة'' على حد تعبيرها، ''لأنها فوضوية وترمي الملابس والحاجيات والأكياس على الأرض والسرير، مما حوّل المكان إلى مقلب للقمامة''· وليت الأمر توقف عند هذا الحد لكانت نوال - كما تقول - احتملته لكنها ''لم تلتزم بأبسط قواعد النظافة حتى في الحمام، مما جعلني أفقد أعصابي وألعن الساعة التي قررت فيها السفر مع مجموعة، وتعلمت من هذه التجربة درساً لبقية عمري، وقررت أن لا أسافر مع أحد مهما كلف الأمر إن لم تكن لي غرفتي الخاصة في الفندق''· أما أبو عبدالعزيز، فيؤكد أن ''السفر فرصة حقيقية للتعرف على الصديق عن كثب لأنك تكون قريبا منه جداً وبشكل يومي''· ويلفت إلى حقيقة أن ''الاستغراق في إتمام الترتيبات اللازمة للرحلة، قد ينسينا أحياناً حسن اختيار الصديق المناسب والذي يمّثل العنصر الأهم في إنجاح الرحلة أو السفرة''· ويروي أبو عبدالعزيز تجربة معاشة، يقول: ''كنت قد سافرت في إحدى إجازاتي مع صديق عزيز عليّ، وأنا في غاية الحماسة لقضاء أيام ممتعة ومفيدة، ولكنني فوجئت ببعض التفاصيل الصغيرة التي لم أكن أعرفها في شخصية صديقي، فقد اكتشفت أنه ''يعّصب'' بسرعة ولأسباب تافهة في نظري، وأنه كثير ''الزعل'' أي الغضب، ومتطلب، ويحب أن ألتزم بما يريده هو من دون اعتبار لرأيي في الذهاب إلى مكان ما على سبيل المثال· باختصار (طّلع عيني)، وأقسمت أن لا أسافر معه بعدها أبداً''· كابوس أم عمر لها حكاية طريفة مع رفقة السفر: ''والله، لقد آمنت أن السفر مدرسة، تعلمك ما لم تعلمه عن البشر حتى لو كانوا من أقرب الناس إليك، ففي السنة الماضية كنت أمر بظروف نفسية سيئة وقررت أن أروّح عن نفسي برحلة قصيرة للتخلص من ضغوطات العمل والبيت، فأقنعت أختي وخالتي للذهاب معي إلى سوريا لمدة أربعة أيام فقط ومن باب التغيير، وعند وصولنا إلى الفندق اقترحت علينا خالتي الذهاب لزيارة طبيب تجميل من باب الفضول وللاستشارة فقط كما ادعت، وذلك للتعرف على أنواع الشد والشفط والنفخ· وبعد بحثنا المرهق عن الطبيب المناسب، قررت خالتي إجراء عملية (شد) لن تأخذ أكثر من ''نصف ساعة''، فقررنا البقاء معها في العيادة طبعاً من باب اللياقة والذوق ولساعات طويلة! ···· وفي اليوم الثاني كان لها موعد آخر للمراجعة مع الطبيب المذكور الذي اقترح عليها إجراء عملية (سهلة) أخرى للشفط و''لنصف ساعة'' أيضاً، وقامت بها، وبالطبع وكما هي الأصول اضطررنا أن نبقى معها لساعات لنشدّ أزرها!· وفي اليوم الثالث زرنا العيادة مرة أخرى لتنظيف الجروح والتخطيط لعملية تجميل ثالثة تريدها ''شحرورة الوادي'' أي خالتي المتصابية، عندها تحطم ما بقي من أعصابي وصبري وكل ما تعلمته من الأصول، وتشنجت وصرخت وبكيت على ما ضاع من عطلتي الصغيرة التي تحولت إلى كابوس حقيقي، وتحّولت أنا فيها ''وعلى حسابي'' من سائحة إلى ممرضة ومرافقة مريض بالإكراه''· ويجد إبراهيم عبد الله أن السفر مع صحبة له سلبيات وإيجابيات، ويرى أن هناك أمرين أساسيين، يجب أخذهما بالاعتبار قبل السفر والتفاهم والاتفاق يكون واضحاً وصريحاً حولهما، أولاً: يرتبط بالوضع المادي وكيفية الإنفاق ومستوى السكن ونوعية المطاعم وتحمّل نفقات المواصلات وغيرها، والثاني وهو الأهم تحديد الهدف من ''السفرة''، وهنا ينصح المجرّبون والعاملون في المجال السياحي بالاتفاق مسبقاً على جدول برامج الرحلة، خصوصا لمن يسافرون منفردين أي من دون الالتزام والتقيّد بجداول الرحلات السياحية، فلا يمكن مثلاً الجمع بين من يحبون السهر الطويل واللهو والنوم حتى ساعات الظهيرة، ومَن يفضّلون الاستيقاظ باكراً لزيارة المتاحف والأماكن الأثرية و''المولات'' والأسواق الشعبية· إذن، ولكي يكون رفيق السفر ''رفيقاً بك حقاً''، لابد أن تختار شخصاً يكون مشابهاً أو مقارباً لك في الأسلوب والطباع، ناهيك عن وضعه المادي حتى تكون على بينة، ولا تعكر صفو رحلتك، بل وتعود منها بذكريات جميلة تستعيدها بسعادة وفرح·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©