الهـِرْم خضراء الصيف

تنتظر شجيرة الهـِرْم، المنتشرة في مناطق الدولة، قدوم الصيف واشتداد حرارته لتنبثق من باطن الأرض، كما لو أنها تلوّح للشمس وتصافح رطوبة الجو لتبللها· تعرفها العين من لونها الأخضر وزهورها البيضاء المصفرة، وهي تنتشر في الصحارى، وأينما وجدت يمكن للإبل أن ترعى لأنها تأكل وتشرب منها، وكذلك الطيور تحط على أغصانها وتنقر ثمارها· عن وصف هذه الشجيرة، يحدثنا المهندس الزراعي سيد زكريا، قائلاً: ''الهـِرم من أشجار الحمض- العائلة الرطراطية، وتعدّ شجيرة صيفية خضراء تميل إلى الصفرة· ترتفع عن الأرض نحو 75 سنتيمتراً، لها أرومة كثيرة التفرع وأوراقها عصارية ناعمة وملساء، مكونة من عنق مبروم يبلغ طوله نحو 2 سنتيمتر، وعنق آخر لكنه مفلطح قليلاً· أما ثمارها فهي مفردة لها أعناق، وبتلاتها بيضاء اللون، عبارة عن دوائر مفلطحة ومنتفخة في الوسط، تتحول تدريجياً إلى اللون الأصفر- الليموني الباهت· وموطنها منطقة الخليج العربي بصحاريها بما في ذلك الأرض الرملية بالقرب من السِّبَخ (جمع سبخة)، وتظهر في فصل الصيف، وتستمر خضراء طيلة شهوره· تحمل أوراقها الكثير من الماء القريب إلى الملوحة، ولذلك تقوم الإبل بامتصاص أوراقها لأنها مصدر الماء لها في الصيف، لذا تتوفر الإبل في مناطق وجود هذه الشجيرات بكميات كبيرة خاصة في أبوظبي والعين''· والهـِرْم شجيرة عريقة وجذورها ضاربة في المنطقة منذ آلاف السنين، فقد أتى على ذكرها عدد من الشعراء، إذ يقول الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى: ووطئتنا وطأَ على حنق وطأَ المقيّدِ يابس الهرْمِ كما ورد ذكرها في الكتب العربية القديمة، وأشهرها ''لسان العرب'' لابن منظور، حيث جاء: ''الهرم شجرة قصيرة ليست بمريّة، لا يصْلُح المال عليها، تنبت في الرمل والقيعان والسّبَخ، وتلوذ بهما كلما اشتد الحر''· وفي الكتاب نفسه يورد البغدادي: ''بعير هارم وإبل هوارم، أي أنها ترعى الهرْم، وتأْكله فتبيضّ منه عثانينها وشعر وجهها· وفي هذا يقول المثل ''أكلنَ هرْماً فالوجوه شيبُ''·