الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيت التراث عبق الزمان وضوعُهُ العَطِرُ

بيت التراث عبق الزمان وضوعُهُ العَطِرُ
15 يونيو 2008 01:12
تعد المباني القديمة جزءاً من تراث أي مجتمع، فهي نتاج لممارسات إنسانية على مدى عقود طويلة ضمت مفاهيم ومعارف وخبرات وقيماً· وهي شواهد حية على ما حققته الشعوب من تطور ولهذا ينبغي اعتبارها من الثروات القومية التي يجب الذود عنها، وصونها من كل العوامل التي قد تهدد بقاءها· ومما يؤسف له أن التطور العمراني السريع، والتنمية التي تشهدها قطاعات الدولة ساهما إلى حد كبير في القضاء على عدد من المباني القديمة التي تحمل النسيج العمراني القديم وإحلال مبانٍ حديثة مكانها، مما قضى على ملامح هذه الأرض وهويتها في بعض المناطق· لكن الوعي بأهمية التراث والآثار يبقى هو المعول عليه في إيقاف معاول الهدم وجعلها وسيلة لإعادة الترميم· بيت التراث القابع في منطقة ''الرس'' في دبي، واحد من هذه المباني التي تعرض لنا صورة البيت الإماراتي العتيق، بدفئه وحميميته وتماسكه، وفي هذه الجولة نتعرف على تاريخه ومرافقه وتفاصيله الأخرى من أمينة الغفاري مديرة إدارة التراث في دبي· رحلة البيت تبلغ مساحة البيت، وفق ما تقول الغفاري، 935 متراً مربعاً· ويعود بناؤه إلى العام ،1890 وصاحبه هو مطر بن سعيد بن مزينه· وفي عام 1910 انتقلت ملكية البيت إلى الشيخ أحمد بن دلموك الذي يعد أشهر تجار اللؤلؤ في دبي، والذي أهداه فيما بعد إلى سعيد بن حمدان واستمرت ملكيته للبيت 15 سنة إلى أن قام إبراهيم السيد عبدالله بشراء المنزل في عام ·1935 مجلس الرجال يتكون بيت التراث من عدة مرافق رئيسية تبدأ بـ ''الميلس'' أي المجلس، وهو مخصص للضيوف من الرجال وللمسافرين المقبلين من مناطق داخل الدولة أو من أقطار مجاورة· والمجلس ركن أساسي في البيت الإماراتي، ويقول المثل الشعبي المحلي ''الميلس عين البيت''، فهو يعكس منزلة صاحبه وكرمه وحسن ضيافته· يقع المجلس عند المدخل الرئيسي للمنزل ويطل على الخارج· ومراعاة لخصوصية الأسرة والعادات الإسلامية عزل المجلس تماماً عن باقي أجزاء المنزل إلا من باب صغير خصص لخدمة الضيوف وإدخال لوازم الضيافة· وغالباً ما يضم المجلس عدداً من الشبابيك المطلة على السكة الخارجية للبيت، كما يضم بعض المفروشات البسيطة على الجانبين المتقابلين والتي لا تخلو منها البيوت المحلية حتى وقتنا الحاضر وهي: الوسائد (التكي) والمطارح (الدوشك)، كما يخصص ركن من المجلس لأدوات القهوة· ويتميز باتساعة نظراً لكثرة الضيوف والزائرين نظراً لكثرة التواصل الاجتماعي بين أفراد المجتمع فلا ينقضي يوم دون وجود ضيوف وزوار على عكس ما نراه اليوم في مجتمعنا الذي نفتقد فيه الحركة الاجتماعية والتواصل· كانت المجالس مكاناً لمناقشة القضايا الهامة التي تمس المجتمع كهموم الغوص والأسفار البحرية والتجارة والأوضاع المحلية ولتبادل الأفكار حولها ووضع الحلول لها· مجلس النساء ويضم البيت أيضاً غرفة مجلس مخصصة لاستقبال النساء، ويطل ''ميلس الحريم'' بشرفاته ونوافذه على فناء المنزل الداخلي، كما انه معزول تماماً عن الخارج ''السكيك''، ولا يسمح للرجال بدخوله حتى ولو كانوا من أفراد الأسرة عدا الصبية والأطفال· الفناء أو ''الحوي'' أما الفناء ''الحوي أو الحوش'' فيشغل وسط المنزل وعليه تطل جميع الغرف الداخلية، وبما أنه يكون مفتوحاً على الفضاء الخارجي فهو يعتبر متنفساً لأهل البيت علاوة على أنه يوفر الإنارة الطبيعية نهاراً لجميع غرف المنزل ومرافقه· يتميز ''الحوي'' باتساعه ورحابته ورماله الناعمة التي كانت تتسع لمرح الصبية وألعابهم الشعبية بالإضافة إلى أشجار النخيل واللوز والسدر التي تلقي بظلالها على المكان فتخفف من لهيب الصيف وحرارته، وتهب أهل المنزل ثمارها الطيبة المذاق· الليوان أو ''الساباط'' الليوان أو ''الساباط'' هو البهو الواقع أمام الغرف، وقد يكون محاطاً من ثلاث جهات ومفتوحاً من جهة واحدة· أما بيت التراث فهو مفتوح من جهتين ويعلوه سقف من الخشب والجص وتظهر على واجهته الأمامية الأعمدة التي تعلوها بعض الزخارف والنقوش· والليوان يعمل كغطاء يمنع وصول أشعة الشمس إلى الغرف ويحافظ على الجو لطيفاً· ويوجد ''الأدب'' وهي دورة المياه في ركن من ''الحوي'' بعيداً عن المخازن أي الغرف، وبئر للمياه التي تستخدم للغسيل والتنظيف بسبب ملوحتها، أما مياه الشرب فيتم جلبها من داخل البيت· والمخزن لفظة تطلق على الغرف التي ''تخزن أصحابها وتضمهم في داخلها''، وفيها تعبير واضح عن الدفء والخصوصية، فخزن الشيء يعني حمايته وإخفاءه عن عيون الآخرين، وغالبا ما تكون مخصصة للنوم في الشتاء· أما في الصيف فتستخدم الغرفة العلوية للنوم، والتي تقع في الطابق العلوي من المنزل· وتكون مواجهة للبحر وتكثر فيها النوافذ والفتحات من الجهات الأربع سواء المطلة على الفناء الداخلي أو على الأزقة والشوارع الخارجية، وذلك لتخفيف وطأة الحر من خلال مرور الهواء عبر النوافذ· الزوية توجد في الركن الأيمن من المخزن، وهي مكان الاستحمام والوضوء· والمخزن محاط ''بالدرايش'' وهو ارتداد في الجدار يستخدم لوضع أدوات الإنارة كالصراي· ويضم ''حوي'' البيت ايضاً البخار وهو فراغ لتخزين المواد الغذائية وحاجيات أهل البيت، كما يوجد في بعض بيوت التجار بخار خاص لتخزين التمور· المطبخ التقليدي وتضيف الغفاري قائلة: يشترط في المطبخ التقليدي أن يشيد في أحد أركان ''الحوي'' البعيدة عن غرف النوم والمعيشة، حتى تظل الروائح والدخان بعيدة بعض الشيء عن أهل البيت· ويتميز المطبخ بصغر حجمه لأنه كان يستخدم لطهي الطعام فقط، بالإضافة إلى تخزين بعض المؤن لفترات مؤقتة· وعادة ما يبنى المطبخ من الجص أو حجارة المرجان، ومن عناصر المطبخ الضرورية وجود التنور الذي يتم بعمل حفرة في الأرض ويثبت محيط الحفرة ببناء من حجارة الجص والمرجان·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©