الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مصطفى عبد الرازق.. جبّة الفقيه وعقل الفيلسوف

مصطفى عبد الرازق.. جبّة الفقيه وعقل الفيلسوف
14 يونيو 2016 14:03
محمد عبدالسميع (الشارقة) «إن الذين يخدمون الحرية الفكرية هم خدام الحق وأنصاره، فإن العقول المستعبدة لا تسمو إلى جلال الحقيقة وجمالها». بهذه المقولة التي يتجلى فيها فكره المستنير وحرصه على حرية العقول، ندخل إلى مشروع العالم الجليل الدكتور مصطفى عبد الرازق التنويري. لقد استحق بجدارة، مرتبة رائد من رواد الفكر العربي، لما تميزت به حقيقة حياته الإبداعية، من تنوع بين التأليف والتدريس في مجال الفلسفة، وكذا مجالات الفقه والأدب والحياة الاجتماعية والعلمية، ويمكن لقارئ كتابه «تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية» أن يطلع على رؤية جريئة، ومتكاملة للفكر الإسلامي. قدم الشيخ مصطفى عبد الرازق رؤية جديدة، تقوم على تلمس نشأة التفكير الإسلامي الفلسفي في كتابات المسلمين أنفسهم، قبل أن يتصلوا بالفلسفة اليونانية، ويدرسوها دراسة وافية، كما دعا إلى تدريس علم الكلام والتصوف في أقسام الفلسفة، والبحث عن أوجه الأصالة والابتكار في الفلسفة الإسلامية. ورأى عبد الرازق أن الاجتهاد بالرأي هو بداية النظر العقلي، ومن ثم فإن علم أصول الفقه ليس ضعيف الصلة بالفلسفة، ومباحث أصول الفقه تكاد تكون من جنس المباحث التي يتناولها علم أصول العقائد، الذي هو علم الكلام. ومنذ أن أعلن دعوته التجديدية، وطالب بدراسة الفلسفة الإسلامية في مظانِّها الحقيقية، سارع تلاميذه إلى إحياء الفكر الفلسفي الإسلامي، حيث يعتبر مجدِّد الفلسفة الإسلامية في العصر الحديث، وصاحب أول تأريخ لها بالعربية، ومؤسس المدرسة الفلسفية العربية، التي أقامها على أسس إسلامية خالصة. وكان مصطفى عبد الرازق من تلامذة الإمام محمد عبده، ومنه تعلم حب المعرفة والتوق إلى التعلم والترحال والنهل من منابع المعرفة، فسافر إلى فرنسا ودرس في جامعة «السوربون»، ثم جامعة ليون التي حاضر فيها عن أصول الشريعة الإسلامية، وحصل على شهادة الدكتوراه برسالة عن الإمام الشافعي «أكبر مشرعي الإسلام»، ثم ترجم إلى الفرنسية «رسالة التوحيد» للإمام محمد عبده، بالاشتراك مع «برنار ميشيل» وألفا معاً كتاباً بالفرنسية، لتتضاعف كتبه على مدار حياته، فيكتب دراسة صغيرة أدبية عن الشاعر المصري البهاء زهير الذي عاش في أيام الدولة الأيوبية، وكتاب «تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية»، وكتاب «في سيرة الكندي والفارابي»، وكتاب «الإمام الشافعي»، وكتابه «الدين والوحي والإسلام»، ثم كتابه «فيلسوف العرب والمعلم الثاني»، وكتابه «محمد عبده سيرته». كان مصطفى عبد الرازق مثقفاً يعمل العقل والفلسفة، ويحب الفن الذي يقول إنه «يفيد الإنسان في البحث عن قيم الحياة، لأنه إحساس نابض بما في الوجود من قيم جمالية يعمل الفنان على إبرازها، وإن الذين يتوهمون أن الدين يعارض الفن يدلّلون على أنهم يسيئون فهم طبيعة الدين وطبيعة الفن، فالمسلمين الأوائل أدركوا علة تحريم بعض الفنون، كالأمر مثلاً بعدم الرسم أو النحت، خشية أن يرتد الناس إلى عبادة الأصنام، فلما زالت العلة وزال الخوف من عبادة الأصنام زال التحريم»، وكان يرى أن «الفن يزرع السمو في نفوس البشر». وأكد على حرية عمل المرأة، قائلا: «إنه يتوجب علينا أن نأخذ بالتدرج في هذا الشأن، لأن المرأة حديثة عهد بالتعليم والخروج إلى الحياة العامة، كما طالب بعمل المرأة في الأمور الخيرية التي يتغافل عنها الرجل، لتتكامل وظيفة المرأة مع الرجل، وتتحقق الفائدة للمجتمع». وفي الاجتهاد رأى أن مسألة الاجتهاد ضرورة وواجب، وعلى كل الأئمة في كل العصور، عدم غلق باب الاجتهاد لتدعيم الإسلام للحرية الفكرية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©