الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المكتبات داخل البيوت.. عودة إلى زمن القراءة واستثمار الكتاب

المكتبات داخل البيوت.. عودة إلى زمن القراءة واستثمار الكتاب
24 مارس 2014 11:32
أشرف جمعة (أبوظبي)- يحرص العديد من الأسر على وجود مكتبة بداخل البيت ليس من قبيل الوجاهة التي تحتم وضع مجموعة من المجلدات في فروع مختلفة على «الأرفف»، لكن بمحاولة اقتناء الكتب المختلفة في الأدب والتاريخ والجغرافيا والعلوم والكثير من فروع المعرفة، إلا أن هذه الأسر قليلة جداً في وقتنا الحاضر ولا تكاد تذكر بالنسبة لمكانة المكتبة في الماضي، حيث كان من الطبيعي أن تكون في البيت مكتبة وأن يتنافس الأب والأبناء على من يقرأ الكتاب الجديد أولاً، ويوم كانت هذه الظاهرة موجودة كان المستوى الفكري للصغار أنضج، واستطاعت البيوت الصغيرة في الماضي أن تربي الأدباء والمفكرين، الذين اعترفوا بأن ولادتهم بجانب المكتبات في البيوت كان لها العامل الأكبر في تشكيل الوجدان وتحديد معالم الطريق منذ البداية، فما الذي طرأ على واقع المجتمع في هذا العصر ولماذا لم تعد القراءة من ضمن أولويات الفرد، وكيف يمكن العودة إلى زمن القراءة هذه الأسئلة وغيرها تجدون الإجابة عليها في السطور الآتية. البديل الحقيقي حول ظاهرة اختفاء المكتبات من البيوت في هذا العصر وما يرافقه من ضعف القراءة وعدم الاكتراث بها، يقول الكاتب والأديب صالح كرامة العامري: من الأخطاء القاتلة في هذا العصر أن العديد من الناس ظنوا أن الانغمار في العالم الرقمي هو البديل الحقيقي عن الكتاب ومن ثم تكوين مكتبة، فكان من سلبيات ذلك اختفاء الطفل القارئ الذي كان يتلمس خطواته الأولى مع القصص الملونة التي تسرد حكايات طريفة فيها جانب تعليمي، وليتحول هذا الطفل إلى آلة معطلة تتعاطى مع الآيباد وترى فيه خلاص الحياة والخيال بطرافتهما وغزارتهما في تنمية الموهبة واستنفار الملكات، ولم يزل هذا المسلسل يتكرر وتتسع حلقاته بصورة فجة، في حين أن العالم من حولنا يطير بجناحي التكنولوجيا العصرية والقراءة بكل ألوانها، حتى أن بعض الإحصائيات وضع الإنسان العربي في ذيل قائمة الشعوب التي تقرأ وهو أمر مقلق ويحتاج إلى إعادة نظر. ويتابع كرامة: هناك مبادرات كريمة لدينا في الداخل تعمل بجدية على إعادة المكتبة إلى أروقة البيوت، وهو أمر مبشر للغاية ويدعو للتفاؤل في أن تحث الأسر أولادها على القراءة بكثافة، لكن من المهم أن يبادر الآباء أنفسهم بعمل مكتبات داخل البيوت ويطعموها بألوان شتى من الكتب، وبذلك تعود المكتبة إلى دورها القديم في صناعة العلماء والأدباء والمفكرين، ويلفت كرامة إلى أنه من حسن حظه أنه نشأ في بيت يشجع على القراءة ويدعو لها، وهو ما جعله يطلع على كتب كثيرة في مرحلة تشكله الأدبي جعلته يحدد طريقه الفكري، ويحاول في النهاية أن يكون لديه إنتاج أدبي خاص تدعمه القراءة وتذكيه التجربة. قدرة تعبيرية ولا يخفي الشاعر والروائي حارب الظاهري أن ثقافته الأدبية لم تأت من فراغ، فقد نشأ في بيت يحتفي بالكتاب ويقدره فاستطاع أن يقرأ في صباه الباكر منتخبات من الأدب العربي والآداب العالمية المترجمة، ويذكر أنه في بعض الأحيان كان يقرأ الكتاب على يومين وهو في سن صغيرة، ويلفت إلى أن المكتبة يجب أن تعود إلى البيوت ومن الضروري أن توجه الأسر أبناءها نحو القراءة، وأن تشجعهم على التعبير الأدبي حتى نستعيد الوجه المضيء للغة العربية التي أصبحت غريبة بين أهلها تعاني الإهمال بشكل غير مسبوق. ويشير إلى أنه في الماضي كانت المكتبة حاضرة بقوة وتمارس دورها التنويري في إضفاء لمسات إثرائية للعقل والوجدان معاً، ولم يكن الطفل يجد مشقة في الوصول إليها ومحاولة الاطلاع على بعض الكتب التي تلائم سنه، كما أن الآباء كانوا يشجعون أبناءهم على الاطلاع فكان من الطبيعي إن لم ينشأ الطفل وهو لديه طموح في أن يكون أديباً يكون مثقفاً بالفطرة ولديه قدرة تعبيرية وطلاقة لفظية. نحو القراءة ولا يجد الشاعر جرير الكعبي سبباً بعينه لغياب المكتبات من البيوت لكونه تربى في بيئة تحترم الكتاب وتدعو أبناءها إلى القراءة، غير أنه يرى أن العصر بتقنياته الحديثة واتساع رقعة التكنولوجيا فيه، أثر بشكل ما على رغبة الأطفال والشباب في محاولة قراءة زاوية في صحيفة يومية، ويؤكد أنه سار على نهج أسرته إذ إنه فور أن استقل عن بيت العائلة وضع إطاراً كبيراً لمكتبة تصل من أعلى السقف إلى أدنى الأرض وقسمها إلى عدة أركان، بحيث يسهل على أطفاله استخراج كتاب ما في فرع معين من فروع العلم. ويشير إلى أن توجيه الآباء للأبناء نحو القراءة عامل مهم خاصة في البداية، فالطفل كما يقولون عجينة من الممكن أن تُشكل بطريقة ما، ويدعو الكعبي فئات المجتمع إلى عودة روح القراءة في كل مكان وفي أي زمان، أثناء انتظار حافلة الركاب أو في أوقات الفراغ بالدوام الرسمي أو في العطلات وعلى شواطئ البحار وفي أماكن التنزه. أسرة تقرأ يعترف مقدم البرامج بتلفزيون أبوظبي سهيل الزبيدي أن نشأته في أحضان عائلة محور حياتها القراءة أسهمت بدرجة كبيرة في تكوينه الفكري وإلمامه بقسط وافر من الثقافة الإنسانية. ويقول: أكثر ما زودتني به مكتبة العائلة معرفتي بالأدب العربي في مختلف عصوره، وهو ما جعل لغتي العربية رصينة ورغم أنني درست الطب واشتغلت به إلا أن تعلمي للتعبير بأسلوب سهل وممتنع في صغري جعلني في مستوى متميز بين رفاقي فضلاً عن أن اللغة العربية اليوم أسهمت في أن جعلت مني مقدم برامج ناجحاً، فالمكتبة هي أغلى ما يملك الفرد لأنها الزاد المعرفي الحقيقي والعودة إليها معناها العودة إلى منابع الثقافة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©