الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان وتنبؤات هيكل

14 يونيو 2008 02:38
تنبؤات الأستاذ والمفكر المعروف محمد حسنين هيكل وتكهنات سيادته عن أن السودان سيتفكك إلى عدد من الدويلات ولن يظل على وضعه الحالي، أثارت تعليقات واسعة واهتماماً متزايداً من عدد من المثقفين السودانيين الذين ينادون بوحدة السودان ويعملون لتحقيق ذلك الهدف عبر الوسائط المتاحة· ويرتكز ''هيكل'' في استنتاجاته على عدة نقاط، أهمها أنه ليس هناك رابط يجمع الشعب السوداني، نتيجة اختلاف اللغات والأصول العرقية والقبلية، فيقول المفكر المصري: ''أعتقد أن الكيان الموجود في السودان غير قادر على البقاء، كما هو، لأنه ليس هناك رابط يجمع الشعب السوداني كله بفعل اختلاف اللغات والأصول العرقية، لكن الأمل كان معقوداً بعد الاستقلال عام 1956 على أن تصحح الدولة الوطنية بعض ما فعله الإنجليز أثناء الاحتلال، لأن ما فعله الإنجليز هو تكريس الكراهية بين الجماعات بالسودان، كان هناك أمل أن تتغلب الدولة الوطنية على مشاكلها، لكن -للأسف الشديد- فإن الشمال الذي تتركز فيه السلطة لجأ إلى استخدام القوة العسكرية، إن السودان مقبل على عملية جراحية مؤلمة ويؤسفني قول ذلك''، وخلص ''هيكل'' إلى أن السودان سيصبح أربع دويلات هي: (الجنوب، الغرب، الشرق، الوسط)· ولو اقتصر تقدير الاستاذ ''هيكل'' على الجنوب وحده، لكان مصيباً، ذلك لأن كثيرين في الجنوب وفي الشمال يتوقعون أن تصوت أغلبية الجنوبيين للانفصال عن الشمال عندما يجري استفتاؤهم عام 2011م، ولكن أن يقدر أن الغرب سينفصل وكذلك الشرق، فإن في ذلك قدراً كبيراً من المبالغة والتشاؤم، فالغرب مثلاً -وأنشط أجزائه هو إقليم دارفور- حمل عدد كبير من أبنائه السلاح ضد الحكومة المركزية منذ عام 2003م، وحتى الآن ورغم هذا الصدام العنيف، لم تبد أية جماعة من جماعات دارفور رغبتها في الانفصال عن بقية السودان، أو تفكر فيه، وينطبق ذات القول على إقليم شرق السودان الذي كانت له حركة مسلحة قاتلت ضد الخرطوم، ثم توصلت معها إلى اتفاق أنهى النزاع، ولم يَرد في أية مرحلة أن أهل الشرق يفكرون في الانفصال· إن السودان بلد متعدد القبائل والأعراق، فهذه حقيقة، ولكن هناك الكثيرَ من عوامل التوحيد في الإسلام يجمع بين كل الشماليين تقريباً في شمالهم وشرقهم وغربهم ووسطهم، ورغم تعدد اللهجات، وليس اللغات، فإن اللغة العربية هي القاسم المشترك بين الكل، وأبلغ دليل على ذلك أن لغة عربية دارجة أصبحت الآن هي لغة التفاهم في جنوب السودان، لاسيما بين القبائل الجنوبية التي تتحدث بألسنة مختلفة· لقد صدق الأستاذ ''هيكل'' في قوله: إن القيادة السياسية الوطنية التي تولت الحكم بعد الاستقلال، فشلت في أن تعالج قضايا السودان الكبرى والقنابل الموقوتة التي تركها البريطانيون، وقدرت أن الحلول تكون باستخدام القوة العسكرية، وذلك ما أدى لحرب أهلية استمرت قرابة نصف قرن، ولنذكر هنا أن العسكر سيطروا على حكم السودان بعد الاستقلال لمدة تزيد عن أربعين عاماً، وما كان لهم أن يفطنوا إلى قضايا بناء الدولة الحديثة مما زاد الطين بلة· ولكن بالنظر إلى التطورات الأخيرة في السودان، ومنها اتفاقية ''نيفاشا''، وإقرار دستور يلتزم بحقوق المواطنة، ويرفض كل أنواع التمييز الديني أو القبلي أو الإثني، ثم حرص أبناء السودان على أن يظل موحداً، حتى لو انفصل الجنوب··· كل هذا يمكن أن يطمئن الأستاذ ''هيكل'' إلى أن المستقبل أفضل مما قدر· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©