الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحادثات السورية - الإسرائيلية بين الجدية والسرية

المحادثات السورية - الإسرائيلية بين الجدية والسرية
14 يونيو 2008 02:37
كان هناك إعلان مفاجئ -منذ فترة- مفاده مباشرة السوريين والإسرائيليين محادثات سلام غير مباشرة برعاية تركية في إسطنبول، وقد تم تأكيد ذلك في عاصمتيْ الدولتين لاحقاً، وفي الوقت نفسه تقريباً ذكرت الصحيفة الإسرائيلية اليومية ''هآرتس'' أن الطرفين كانا قد توصلا إلى تفاهم نتيجة لمحادثات سرية في أوروبا قبل سنتين، بين سبتمبر 2004 ويوليو عام ،2006 وأن الطرفين سوف يوقعان اتفاقية مبادئ، ولدى تحقيقهما التزاماتهما سوف يتم توقيع اتفاقية سلام· تضم الشروط التزاماً إسرائيلياً بالانسحاب من مرتفعات الجولان إلى حدود الرابع من يونيو ،1967 دون الاتفاق على جدول زمني للانسحاب، وقد طالبت سوريا بخمس سنوات، بينما طالبت إسرائيل بخمس عشرة سنة، ورغم أن السيادة السورية سوف يجري الاعتراف بها على الأراضي التي يجري الانسحاب منها، إلا أن الاتفاقية تضم إنشاء متنزه عام على ''مساحة واسعة من الجولان'' تستخدم بشكل مشترك من قبل الإسرائيليين والسوريين، ولكن الوجود الإسرائيلي هناك لن يعتمد على موافقة سوريّة''· كما تتحدث الاتفاقية، التي وصفت بأنها ''لا ورقة غير موقعة'' عن منطقة منزوعة السلام تشكل منطقة تلقي الصدمة بين الطرفين على أساس النسبة 4:1 (من حيث الأراضي) لصالح إسرائيل، وسيطرة إسرائيلية على حقوق استخدام مياه نهر الأردن وبحيرة طبرية -كانت صحيفة ''هآرتس'' بتاريخ 21 مايو نشرت ملخصاً للاتفاق مرفقاً مع رابط نص الاتفاقية بالكامل- إذا كان هذا ما تعنيه إسرائيل بالانسحاب من كامل هضبة الجولان، فإنه يتوجب على المرء أن يفهم التسرب الذي حصل عند نهاية الشهر الماضي من خلال رئيس الوزراء التركي في هذا الضوء! فقد كشفت صحيفة الوطن -الصحيفة السورية اليومية التي تصدر باللغة العربية بتاريخ 23 إبريل- أن رئيس الوزراء التركي ''رجب طيب أردوغان'' كان قد أعلم الرئيس السوري باستعداد رئيس الوزراء ''إيهود أولمرت'' للانسحاب من كامل مرتفعات الجولان مقابل اتفاقية سلام، بشرط عدم دعم ''حزب الله'' و''حماس''، وتخفيض نسبة العلاقات مع إيران· ومن خلال معرفتنا بأسلوب إسرائيل في التفاوض، يصعب أخذ هذا العرض كما يظهر، فلن تكشف إسرائيل أوراقها التفاوضية مقدماً، إذ لم تفعل ذلك من قبل أبداً، فالعكس هو الصحيح، فعادة ما يتفاوض الإسرائيليون بقوة حول قضايا هم في العادة على استعداد للتنازل حولها، حتى يتسنى لها تحسين موقفهم فيما يتعلق بالقضايا الأكثر صعوبة· ولكن إذا كان عرْض ''أولمرت'' الأخير مبنياً على ما يسمى باللاورقة، وإذا عنت محادثات إسطنبول الاستمرار على هذا الأساس، فإن القضية يجب أن تكون مختلفة، رغم أنه من الصعوبة بمكان أن نصدق أن سوريا على استعداد لأخذ ترتيب كهذا كأساس لتسوية نهائية، فاستبدال الاحتلال بمتنزه عام مشترك لا سيطرة لسوريا على الدخول إليه يجعل من أي ادعاء بالسيادة عديم القيمة· جرى انتقاد ''أولمرت'' في إسرائيل بسبب مفاجأة المحادثات السورية، اتهمه بعض القادة السياسيين بمحاولة صرف الانتباه عن التحقيق الجزائي حول صفقاته المالية الخلافية، ويستطيع المرء أن يضيف أن احتمالات انفتاح السوريين قد يهدف كذلك إلى تشكيل غطاء على الفشل الظاهر على المسار الفلسطيني، رغم الكثير من الوعود الأميركية والإقناع ''اللطيف'' لإسرائيل لاتخاذ أي نوع من إيماءات حفظ ماء الوجه· لم تقدم إسرائيل شيئاً أبداً، فقد كان ''أولمرت'' منذ أنابوليس وقبلها، تحت ضغط لا يسمح له بالتكلم عن قضايا الوضع النهائي مع أي إنسان، كما أن نشاطات الاستيطان المشوب بالتحدي استمرت بوتيرتها الكاملة، لذا فمن المحتمل أن فتح مسار جديد مع السوريين ومحادثات قد تستمر إلى ما لا نهاية دون التزام يذكر، قد يوفر تحويل انتباه مناسب رغم أنه مؤقت· كان رد واشنطن فاتراً، فقد أكدت وزيرة الخارجية ''كوندوليزا رايس'' أن المسار الإسرائيلي الفلسطيني هو ''الأكثر نضوجاً''، ولكنها لم تعبر عن أي عدم تشجيع صريح، السؤال هو ما إذا كانت واشنطن مستعدة حقاً للسماح لسوريا، من خلال مشاركة مع إسرائيل في دور متجدد في عملية السلام المتوقعة، أن تضع نفسها في موقف أفضل دولياً· قد يكون السوريون يرون المحادثات المتجددة، حتى ولو أنها لا تَعد بشيء يذكر، كطريق خروج لهم أيضاً· شكّل اتفاق الدوحة بين الفصائل اللبنانية المتصارعة تطوراً آخر لصالح سوريا، حيث ربح حلفاؤها في لبنان نتيجته مواقع أفضل، وهو تطور قد يؤدي إلى انخفاض كبير في الضغط الدبلوماسي على سوريا، ولكن يتوجب على المرء أن يعرف ما إذا كان ذلك مقبولاً لدى واشنطن في هذه المرحلة، وهو ما يشك بعض المحللين به· ورغم أن تسربات حول محادثات سورية إسرائيلية دارت لسنوات عديدة، فإن الحقيقة هي أن المفاوضات الرسمية كانت تعقد أحياناً بين الجانبين منذ مدريد عام ،1991 ولكن لم يتم تحقيق أي تقدم، فقد كان من الضروري أن تبدأ المحادثات المتجددة من البداية في كل مرة، والمعتقد أن الأمر سيكون كذلك هذه المرة· لاشك هناك أن محادثاتٍ جديةً بين الطرفين بهدف التوصل إلى تسوية ستشكل اختراقاً رئيسياً، وهي خطوة هامة ستساهم بشكل كبير في السلام والاستقرار في المنطقة، وستكون لها آثار إيجابية على المسارات الأخرى، غير أن التركيبة الجديدة -ولسوء الحظ- محاطة بمؤشرات مريبة وظروف غير واضحة· حسن أبو نعمة سفير الأردن السابق لدى الأمم المتحدة ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كومن جراوند'' الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©