الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الآسيان»... مصالح استراتيجية مع واشنطن

«الآسيان»... مصالح استراتيجية مع واشنطن
4 مايو 2010 21:34
إذا كانت الولايات المتحدة مصرة فعلاً على ضمان موطئ قدم لها في آسيا، فلا بد لها من التعامل بجدية أكثر مع بعض دول المنطقة عدا التركيز الدائم على الصين والهند، لا سيما وأن هناك عشر دول أخرى في آسيا تلعب دوراً حاسماً في تعزيز مكانة أميركا في عموم المنطقة، لذا يتعين على واشنطن الانخراط مع تلك الدول لاستمرار الازدهار والأمن القومي الأميركيين، وهو أيضاً ما يفرض على أوباما متابعة حثيثة لمبادراته الانفتاحية على المنطقة المهمة للمصالح الأميركية، وتخصيص جزء من وقته لحضور القمة الثانية لدول آسيان والولايات المتحدة، التي ستعقد خلال السنة الجارية. ويرجع تاريخ انطلاق تجمع دول جنوب شرق آسيا المعروف اختصاراً بدول "آسيان" إلى العام 1967 بهدف تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز التعاون بين دول المنطقة، ويضم التجمع عشر دول هي بروناي وكمبوديا وإندونيسيا ولاوس وماليزيا وبورما والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام بعدد سكان يصل إلى 650 مليون نسمة وبناتج إجمالي محلي يبلغ سنوياً حوالي تريليون ونصف تريليون دولار، ومن بين تلك الدول تبرز تايلاند والفلبين كحليفين قديمين للولايات المتحدة في جنوب شرق آسيا، وحسب آخر أرقام وزارة التجارة الصادرة عام 2008 استثمرت الولايات المتحدة 153 مليار دولار في بلدان "آسيان"، واستثمرت 53 مليارا في الصين و14 مليار دولار في الهند. ومن الناحية الاستراتيجية تكتسي علاقة الولايات المتحدة مع دول "آسيان" دوراً مهماً في تعزيز المصالح الأميركية في عموم آسيا، ويبدو أن كلاً من أوباما ووزيرة خارجيته، هيلاري، بدآ يدركان هذه الحقيقة، حيث سبق لها أن حددت المبادئ الأميركية الأساسية في التعامل مع دول "آسيان" في هاواي مطلع السنة الجارية، كما وقع أوباما معاهدة الصداقة والتعاون مع دول آسيان وأعلن أن المصالح الأميركية في جنوب شرق آسيا تحتم عليه حضوراً شخصياً في التجمع السنوي الذي تعقده تلك الدول، لكن تحسين العلاقات مع دول جنوب شرق آسيا وتعزيز التعاون مع المنطقة ليس سوى البداية، أو الاستعارة التي تحيل إلى ما هو أعمق متمثلاً في دعم الجوانب المختلفة للسياسة الأميركية في آسيا، والتي تشمل الانخراط وموازنة التحول السريع لكل من الصين والهند وصعودهما على الساحة الدولية. لذا هناك الكثير من المكاسب التي سيراكمها أوباما من حضوره لقمة الولايات المتحدة و"آسيان" بعدما افتتح هو نفسه القمة السابقة التي عقدت في شهر نوفمبر الماضي بسنغافورة، حيث كانت المرة الأولى التي يلتقي فيها الرئيس الأميركي مباشرة مع قادة جميع الدول العشر المشكلة لآسيان، وكانت تلك خطوة ذكية من أوباما لتعزيز الدور الأميركي والدفاع عنه في المنطقة، لا سيما وأن "آسيان" تلتقي بصفة دورية ومنتظمة مع الصين والهند وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا، وهي اجتماعات حققت العديد من الأهداف الرئيسية مثل تكريس اندماج اقتصادي فعال بين دول المنطقة والدول التي تشاركها الاجتماعات، وخلق هياكل أولية لأمن إقليمي يضم الدول العشر، فضلاً عن دور تلك القمم في تعميق التعاون بشأن قضايا، تهم جانبي المحيط الهادي كالتغيرات المناخية والحد من الانتشار النووي. وفي حال تغيبت الولايات المتحدة عن حضور القمة، فإنها قد تُقصى من أي إجماع آسيوي في المستقبل يهم القضايا المشتركة، لكن في حال تأكيد حضورها يستطيع أوباما حشد التأييد للمواقف الأميركية، بل يمكنه أيضاً إحراز تقدم ملموس في المجال التجاري من خلال دعم وتشجيع دول "آسيان" على الانخراط في شراكة بين ضفتي المحيط الهادي، وهو ما سيساعد على ربط أكثر للاقتصاد الأميركي بنظيره الآسيوي المتوقع أن ينمو بمرتين أكثر من الاقتصادات الغربية خلال السنوات المقبلة، حسب تقديرات البنك الدولي. ويمكن لأوباما من خلال مشاركته في القمة تهيئة الأرضية للتوافق حول قضايا أساسية مثل التغير المناخي ومحاربة الإرهاب، وخلق قناة للمساعدات الأميركية التي تسعى إلى تطوير معايير إقليمية ضرورية بالنسبة للصادرات والاستثمارات الأميركية في المنطقة، ولم يحدد منظمو القمة تاريخا معينا لانعقادها منتظرين قرار أوباما وما إذا كان سيشارك، أم لا، وعلى الأقل يمكن لأوباما إقناع قادة "آسيان" بعقد لقاء معه في هانوي بفيتنام بعد انتهاء قمة التعاون الاقتصادي بين آسيا والمحيط الهادي، التي ستلتئم في شهر نوفمبر المقبل باليابان، بحيث يستطيع بتلك الطريقة دعم جهود الإصلاح في فيتنام التي تواجه معارضة من قبل الحرس القديم في الحزب الشيوعي. وبانخراطه مع دول جنوب شرق آسيا وتأكيده على التزام الولايات المتحدة تجاهها سيثبت أوباما أن التوقعات الصينية بتخلي أميركا عن آسيا خاطئة، لكن إذا فشل أوباما في الحضور، فإنها ستكون ضربة موجعة للعلاقات الأميركية- الآسيوية، فهو بهذا التغيب لن يسهم فقط في تأكيد ما صرح به وزير الخارجية الصيني من أن الولايات المتحدة ملتزمة خطابياً فحسب تجاه آسيا، ولا يحمل كلامها معطيات ملموسة، بل سيهز ثقة دول آسيان في مصداقية الولايات المتحدة، ويثير مخاوفها في إمكانية الاعتماد عليها كشريك متقدم في المحيط الهادي. أما بحضوره شخصياً في فعاليات القمة سيكون أوباما قد ساهم في تكريس الوجود الأميركي في المنطقة، ومع أن تخصيص أوباما لجزء من وقته للمشاركة في قمة "آسيان" قد يبدو أمراً بسيطاً وغير مهم، إلا أن حضوره الشخصي ينطوي على فوائد جمة بالنسبة للولايات المتحدة على المدى البعيد. إيرنست باور مدير برنامج جنوب شرق آسيا بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية بواشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©