الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

« لارجو وينش» نقطة التقاء الشرور

« لارجو وينش» نقطة التقاء الشرور
17 مارس 2011 20:09
تقول الأسطورة إنَّ باندورا هي آلهة يونانية، اختارها كبير الآلهة زيوس ليمنحها علبة مغلقة طلب منها عدم فتحها، لكن فضولها غلب عليها، فلم تحفظ الأمانة، وفتحت العلبة لتنتشر منها كل الشرور التي عرفها العالم من البخل والطمع والنزوع نحو الأذية بمختلف أشكالها، وثمة من يضيف إلى الأسطورة أن في القعر من علبة باندورا كان يمكث الأمل الذي يجعل المرء بالرغم من كل ما يحيط به من آثام وشرور متمسكاً بالتفاؤل، وبالقدرة على مواجهة الصعاب. الأمل دائماً يقدم فيلم largo winch الذي أخرجه جيروم سال وتولى بطولته تومر سيسلي وكريستين توماس مقاربة سينمائية لواقعة باندورا وعلبتها المشؤومة، لكنه ينحاز في نهايته لمتممات الأسطورة، حيث يتمكن الأمل من فرض نفسه، وإن تطلب الأمر بعض التضحيات والخسائر. وريث وليس ابناً كان بوسع لارغو وينش (تومر سيسلي) أن يعيش حياة باذخة بوصفه الابن الوحيد للملياردير نيرو وينش، لكنَّ صراع الأجيال جعله يرفض فكرة التعايش مع أب لا يريد ابناً بقدر ما يشغله البحث عن وريث، وفي الفترة التي كان الوالد الملياردير يبحث فيها عن وسائل لتدعيم امبراطوريته المالية، كان الابن يعيش حياة بائسة في قرية من قرى بورما التي يعاني أهلها شظف العيش وتسلط ذوي السلطة، حيث يجدون تعبيرهم المكثف في شخصية الجنرال دوين. صراع الأجيال التقاء المال والسلطة لا بد أن يقود نحو العنف الذي يدفع ثمنه الأبرياء غالباً، الأب نيرو وينش الراغب في تعزيز وضعه المالي يطمح إلى الاستيلاء على إحدى القرى البورمية طمعاً في مناجمها، ولأن الأمر يتطلب إخلاء القرية من سكانها فإنه يوكل المهمة لأحد مساعديه، توماس، الذي ينسق الجهود مع الجنرال، فيقوم الأخير بدفع جنوده نحو ارتكاب المجازر بحق أبناء القرية تمهيداً لدفعهم نحو الفرار منها. وريث على طريقته الأب يبحث عن ابنه التائه في مجاهل بورما ليكون وريثه، وليطمئن إلى أن إنجازه الذي أمضى العمر في بنائه قد وجد طريقه إلى مكانه السليم، فيما يرى الابن في الثروة التي جمعها الأب، بطرق ليس بالضرورة أن تكون مشروعة، ما يخالف قناعاته، وفي المحصلة يموت الأب ويوافق الابن على وراثته لكنه ينوي فعل ذلك بطريقته، حيث يقرر التبرع بالثروة الطائلة لمؤسسة خيرية ترعى شؤون الفقراء. نصيحة العقل كان لوالد لارغو صديق عمل رئيس لمنظمة الصليب الأحمر الدولي، يبدو الرجل مترعاً بالقيم الإنسانية، ومحباً للارغو أيضاً الذي يصغي إلى نصائحه ويحترم آراءه، يناقش معه مشروع التبرع فيحذره الصديق من أن ذلك سيثير الضغائن ضده، فالأغنياء يتبرعون للفقراء عادة، لكنهم يمنحنوهم القليل القليل، أما إذا قرر هو تكريس مفهوم مغاير، فستلقى على كاهله تبعات قد لا يكون قادراً على تحملها واستيعابها. طريد العدالة تدور الأحداث مترواحة بين مستجدات آنية، وبين سرد لتفاصيل ماضية ساهمت في تعقيد الأمور ودفعها نحو واقعها الحالي، ويكون على السلطة الدولية أن تدخل إلى حلبة المواجهة من خلال آن فيرغسون، النائبة العامة في محكمة الجنايات الدولية وهي تتولى التحقيق في مجازر الجنرال، وتشك في أن يكون لارغو متعاون مع والده، وأن يكون وجوده في بورما طيلة خمسة أشهر قد جاء بهدف تأمين السبل نحو إخلاء القرية سعياً وراء الاستيلاء على مناجمها. وعندما تستدعيه للتحقيق معه وتسأله عن سبب مغادرته القرية بعد حصول المجزرة سيتذكر لارغو أنَّه كان مرتبطاً عاطفياً بفتاة بورمية تدعى مانويلا، وأن شجاراً نشب بينه وبين أبناء قريتها عندما انتصر لأحد السائقين الأوروبيين الذي أوصل بعض الجرحى من أهالي بورما إلى القرية، وعثر ابناؤها على تصريح موقع من الجنرال معه، مما اضطره للمغادرة خشية تعرضه للقتل. مفاجأة يتم إخلاء سبيل لارغو في جلسة التحقيق الأولى، لكن الأمر لن يطول قبل أن تستدعيه مجدداً لتواجهه بشاهدة تملك دلائل صارخة على تورطه في المجزرة. يحضر لارغو، ويؤتى بالشاهدة التي تكون مانويلا نفسها، مما يضعه أمام حالة متقدمة من الذهول، “نعم لقد كنت متواطئاً مع والدك” تصرخ مانويلا في وجهه، ثم تهجم عليه محاولة ضربه، وعندما تقرر النائبة العامة الإفراج عنه بكفالة يخرج لارغو من السجن ويتنبه إلى ورقة صغيرة وضعتها مانويلا في جيبه لدى افتعالها الشجار معه، ويتبين أنها موجودة في المعتقل لدى الجنرال الذي يطالبه بمقابل مادي لإطلاق سراحها، هو مبلغ كان والده قد تعهد بدفعه له مقابل إخلاء القرية ولم يلتزم بذلك. باندورا مجدداً هنا يتسع المشهد لكثير من الصخب، ولبذخ إخراجي مثير للاهتمام، حيث يقدم لارغو متعاوناً مع أبناء قرية مانويلا على مهاجمة مكان الاعتقال، ويتمكنون بعد إحراق المكان من إطلاق سراح السجناء وبينهم مانويلا التي تأبى الهرب من الحريق المدمر، وتركض نحو الداخل صارخة بلارغو: ابننا هناك وإلا كيف أمكنني أن أشهد ضدك؟! لقد هددوني بقتل الولد. يركض لارغو مع مانويلا فيعثر على الولد وقد وجه الجنرال مسدساً إلى رأسه، طالباً مبلغ خمسة وعشرين مليون دولار لقاء الإفراج عنه، يوافق لارغو ويحول إلى حساب الجنرال عبر الهاتف المبلغ المطلوب، يفعل ذلك من حساب مصرفي لوالده يدار عبر الهاتف، أما كلمة السر التي يكون عليه استخدامها فهي “باندورا” وهو كان قد سمع بها خلال حوار مع أحد مساعدي والده. يفر لارغو مع عائلته: ماونيلا وابنهما الذي أنجبته في غيابه، وفي أحد الفنادق الفخمة سيتنبه إلى كون مانويلا تحمل تحت جلدها جهاز تتبع تم حقنها به خلال عملية الاعتقال، ينتزع الجهاز من ذراعها، لكنه يفاجأ بهجوم يشنه عليهما فريق من المرتزقة، والسبب يعود إلى كون أحد الأثرياء الروس ينوي السيطرة على مؤسساته، وقد ساءه أن يتبرع بها للأعمال الخيرية، تقضي مانويلا في الهجوم ويكون على لارغو أن يحمل ابنه ويغادر نحو مخبأ جديد. قمة الدهشة في جنيف، حيث مقر محكمة الجنايات الدولية، تكون النائبة العامة قد التقطت عبر التنصت الهاتفي تحويل لارغو للمال إلى حساب الجنرال، فتحسم شكوكها باليقين وتقرر ضلوعه في جريمة الإبادة، لكن الخاتمة تسير نحو حالة مفرطة من الإدهاش تلائم التطورات الكثيرة التي حفل بها الفيلم، إذ يتبين أن العجوز صديق الوالد، والرئيس السابق لمنظمة الصليب الأحمر الدولي هو الذي يقف وراء كل ما شاهدناه من أحداث دموية عبر استيلائه على عقل الثري الروسي، أما السبب فهو الانتقام لابنه طوماس الذي كان يعمل مساعداً لوالد لارغو، والذي قتله الجنرال إثر رفض معلمه دفع المبلغ المطلوب.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©