الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«شرعة ومنهاج» دستور الحرية والعدالة

«شرعة ومنهاج» دستور الحرية والعدالة
17 مارس 2011 20:04
«الشرعة والمنهاج» اسم أو أسماء للقرآن الكريم ويستدل العلماء على ذلك من خلال قوله تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما أتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون» - المائدة 48 وقوله عز وجل: «ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون» - الجاثية 18. يقوله الله سبحانه وتعالى: «شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب» -الشورى 13. وجاء في التفاسير حول معاني هذه الآيات الكريمات: ان الله سبحانه أنزل القرآن الكتاب الكامل ملازما الحق في كل أحكامه وأنبائه، موافقا ومصدقا لما سبقه من الكتب، وشاهدا عليها بالصحة، ورقيبا عليها بسبب حفظه من التغيير، فاحكم ـ أيها النبي ـ بين أهل الكتاب إذا تحاكموا إليك بما انزل الله عليك، ولا تتبع في حكمك شهواتهم ورغباتهم فتنحرف عما جاء من الحق، فيا أيها الناس، لقد جعلنا لكل منكم منهاجا لبيان الحق وطريقا واضحا في الدين يمشي عليه، ولو شاء الله لجعلكم جماعة متفقة ذات مشارب واحدة، لا تختلف في منهاج إرشادها بجميع العصور، ولكنه جعلكم هكذا ليختبركم فيما أتاكم من الشرائع ليتبين المطيع والعاصي، فانتهزوا الفرص، وسارعوا إلى عمل الخيرات فإن رجوعكم جميعا سيكون إلى الله وحده فيخبركم بحقيقة ما كنتم تختلفون فيه ويجازي كلا منكم بعمله. منهاج واضح ولقد جعلناك يا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد اختلاف أهل الكتاب مبعوثاً على منهاج واضح من أمر الدين الذي شرعناه ولمن قبلك من رسلنا فاتبع شريعتك الحقة الثابتة بالحجج والدلائل، ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون طريق الحق، فهذا القرآن دلائل تبصر الناس بالدين الحق، وهدى يرشدهم إلى مسالك الخير ونعمة لقوم يستبقون بثواب الله وعقابه. وقد شرع الله لكم من العقائد ما عهد به إلى نوح والذي أوحيناه إليك، وما عهدنا به إلى إبراهيم وموسى وعيسى أن ثبتوا دعائم الدين ولا تختلفوا في شأنه، وما اختلف أتباع الرسل السابقون في الدين إلا من بعد ما جاءهم العلم بحقيقته في رسالتك. وتخاطب الآيات الأمة بأن الله سبحانه جعل لها القرآن شرعة ومنهاجا وسبيلا إلى الرشاد، وهو كتابها والأصل والمرجع والإمام، فيه الأمر بالعمل والاعتقاد، فهو الدين الخالص الميسر كمعين الماء لا ينقطع ومرجع للشريعة يحتوي على مصادرها، والمقصود بالشرعة هو القرآن الكريم. وقال الإمام الطبري: المنهاج هو القرآن الكريم، والمنهاج هو الطريق البين الواضح لكل واحد من الأمة والدين يشمل كل منهج، والقرآن منهج وشريعة نسخت كل ما قبلها جاء شرعة يضع ما يكفل الحرية والعدالة للناس على اختلاف أجناسهم وعقائدهم وألوانهم ومنظما لأسس الحكومة الصحيحة للأمم بكل ما في الكلمة من معان، جاء حكيما لا ينطق إلا بالكلمة وفصل الخطاب مبينا الأسباب، هو قاعدة الإسلام، وقطب الأحكام، وآية الرسالة ودليل صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، جاء منارا لذوي العقول يبين لهم الغرض من الحياة وكيف يكون السير فيها والسلوك، مشكاة لنور الله ليضيء سيل المتقين وتسطع شمس هدايته للمؤمنين ملجأ للضالين التائهين، داعيا للأخوة والمساواة والتعاون بين البشر يبث فيهم روح الاجتماع ويحضهم على مكارم الأخلاق ويرشدهم إلى أقوم السبل في المعاملات. دستور خالد ويقول الدكتور محمد داود -عميد معهد معلمي القرآن الكريم بالقاهرة- ان القرآن الكريم معجز في أحكامه التشريعية وفيه تشريع أصيل وأحكام مهمة وضرورية لمصالح الناس، يرجع إليه علماء الشرائع والقانون، وفيه القوانين المتكاملة ويتناول الحقوق المدنية والأحوال الشخصية والأسرية ويرسم العلاقات الدولية ويضع نظام السلم والحرب ويوزع التركات والمواريث. وقد أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم وهو كلامه النهائي للبشر، وحيا على رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو كتاب المسلمين ودستورهم الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ففيه الأحكام والشرائع والآداب والمعاملات وتفصيل الحلال والحرام، وبيان المغيبات من الأخبار والقصص، وبه من المواعظ وضرب الأمثال ما فيه مزدجر، كما أن فيه إخباراً بالبعث وبالحساب وبيانا لليوم الآخر. ويقرر القرآن الكريم قيم الحق والعدل والإصلاح والمثل والفضائل في المجتمع المسلم، ويدفع الباطل والفساد والظلم وكل أنواع الرذائل، ويقدم المجتمع المنشود الذي تقيمه هذه الأمة التي هي الأسوة والقدوة في اتجاهاتها السياسية والاقتصادية والإنسانية لبقية الشعوب، فشرائعه للحياة الدنيا والآخرة. قوام صلاح العالم وتؤكد نصوص القرآن العظيم أن العدل هو أساس الأحكام وميزان التشريع وقسطاسه المستقيم والمساواة بين الناس، فقوام صلاح العالم في الإيمان بالكتاب الذي يحرم الظلم وسائر المفاسد، ويعدل في الأحكام، ويردع الناس من الظلم وتهدف أحكامه الشرعية كلها إلى مراعاة الفضائل وما فيها من الحق والعدل والصدق والأمانة والوفاء بالعهود والعقود والرحمة والمحبة والمواساة والبر والإحسان واجتناب الرذائل من الظلم والغدر ونقض العهود، والعقود والكذب والغش والخداع وأكل أموال الناس بالباطل، ووضع الحدود والعقوبات على كل جرم ويحرم القتل والزنا والسرقة والفساد في الأرض. وجاء القرآن مشرقا بنوره ليمحو كل ظلام، ويصلح ما أفسدته الأمم، وليبطل ظلم الرقيق ويضع الأحكام الممهدة لزوال الرق الذي كان عاما في البشر، بما شرعه وفصله بحكمة بالغة جامعة للمصلحة العامة والرحمة ومنع ما كان عليه الناس من استرقاق الأقوياء للضعفاء، ودفع المفاسد ومنع الاعتداء لان الحرية في الإسلام هي الأصل في الإنسان. أسلوب معجز للبشر من مقاصد القرآن الكريم إصلاح البشر وإدخالهم في طور الرشد وتحقيق أخوتهم الإنسانية ووحدتهم وترقية عقولهم وتزكية أنفسهم، وهو كتاب تربية عملية وتعليم في نفس الوقت، يؤثر في الطباع ويغير الأوضاع بأسلوبه البديع وتأثيره الروحي، ونظمه وجاذبيته فأحدث ثورة كبرى في نفوس العرب، لما أراده من الإصلاح العام للبشر بكونهم كانوا أقرب الأمم إلى سلامة الفطرة وأرقاهم لغة في التعبير والتأثير. فقد نزل هذا القرآن من عند الله بتشريعاته وأحكامه وآدابه وما يحويه من عبر وأخبار غيب سابقة وحاضرة وآتية بأسلوب معجز للبشر، مشتملاً على جميع ما يحتاج إليه البشر من الإصلاح الديني والاجتماعي والسياسي والمالي والحربي.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©