الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون السوريون... يتكدسون في لبنان

اللاجئون السوريون... يتكدسون في لبنان
14 مارس 2012
في عصر يوم ضبابي، بدت حدود لبنان الشمالية مع سوريا بسطحها الحجري المسطح، وطرقها الطينية كجزء من مشهد عام كئيب، ينذر بالشر. وتتميز منطقة الحدود بمجاز شرقي ضيق، وصف من الأسلاك الشائكة، تقع وراءه بساتين البرتقال الخضراء التي توفر غطاءً للسوريين الهاربين من جحيم العنف في وطنهم، إلى الأمان النسبي في لبنان. وفي الأيام العادية يشهد مبنى الجمارك اللبنانية الواقع على بعد ستة أميال من هذا المكان، حركة تنقل يومية كثيفة للأفراد والشاحنات. ومعبر "القاع" الحدودي يربط ما بين سهل البقاع اللبناني، ومدينة حمص ثالث أكبر المدن السورية التي تبعد 22 ميلاً للشمال من خط الحدود الدولية مع لبنان. في الوقت الراهن، هناك عدد قليل من الناس، هو الذي يريد السفر لحمص، بحيث أن المركبات التي كان يمكن رؤيتها على الطريق الضيق الممتد فيما بعد مبنى الجمارك، كانت عبارة عن جرار زراعي وحيد يقوده فلاح لبناني، وعدة حافلات صغيرة للركاب متجهة جنوباً، تحمل أرقاماً سورية وتئن سقوفها تحت وطأة أعداد كبيرة من الحقائب المختلفة الأحجام المتكدسة فوقها لارتفاعات خطرة. منذ أسبوع، شق عامل سوري اسمه"جعفر" هو وزوجته وثلاثة من أبنائه، طريقهم عبر هذه البقعة النائية بعد أن نجحوا في الفرار من حي"بابا عمرو" في حمص، ونجحوا في تجنب نقاط التفتيش التابعة للجيش السوري وفرق الشبيحة الموالية للنظام التي تتجول في كل مكان، والوصول للجانب اللبناني من الحدود. والآن يسكن"جعفر" وعائلته مع 30 شخصاً آخرين، في منزل صغير من طابق واحد يقع في أطراف قرية"الجديدة" في البقاع الشمالي، على بعد ثمانية أميال أقصى الجزء الجنوبي من الوادي. كان جعفر يجلس مع عدة رجال سوريين آخرين، في غرفة شحيحة الأثاث في الجزء الأمامي من المنزل، يوجد بجوانبها الأربعة بطاطين وأغطية سرير مقدمة كمساعدة من لدن إحدى المؤسسات الخيرية المحلية، لا يملكون شيئاً غيرها إلا ما ندر من الحاجيات. ويقول جعفر: "لدينا 18 بطانية فقط لثلاثين شخصاً... لقد جاء 20 شخصاً من المؤسسات الخيرية كي يرونا ويحصوا عددنا بالضبط ويسجلوا أسماءنا، ولكنهم لم يعودوا مرة ثانية... وها نحن كما ترون لا نملك شيئاً، لا طعام، ولا حليب للأطفال". وعلى الرغم من أنه كان لديهم سقف فوق رؤوسهم، فإن السكن لم يكن مجانياً بل كان عبارة عن منزل مؤجر لهم بمبلغ 200 ألف ليرة لبناني(120 دولاراً) في الشهر. ويضيف جعفر:"لم نصل لنهاية الشهر بعد، ومع ذلك لا يوجد لدينا أي نقود.. ونحن غير قادرين على دفع الإيجار، وليس لدينا ديزل لتشغيل الموقد الذي يدفئنا ليلاً". وبينما هو يتحدث، تنقطع الكهرباء فجأة ويسود الظلام. وبعد دقيقة من البحث في الظلام الدامس، ينجح أحد الموجودين في إيقاد شمعة صغيرة، يقوم بوضعها على الموقد. ويقول جعفر مازحاً وإنْ بصوت مكتئب:"على ما يبدو أن هذه الشمعة ستكون مصدر الدفء الوحيد لنا الليلة". أحدث تدفق للاجئين على المنطقة كان الأسبوع الماضي (2000 لاجئ) عقب سقوط حي"بابا عمرو" بعد شهر من حصار القوات السورية له. ويوم الأربعاء الماضي، زارت "فاليري آموس" مسؤولة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة الحي، مع ممثلي عدد من وكالات الإغاثة، وذلك قبل يوم واحد من الاجتماع المغلق الذي عقد في جنيف، والذي كان مقرراً أن يحضره عدد من وكالات ومنظمات الإغاثة، بما في ذلك منظمة الصليب الأحمر الدولي لبحث الطرق التي يمكن الوصول بها لسوريا من أجل توزيع المعونات الإنسانية. وحسبما جاء في تقارير وكالات الأنباء، فأن السيدة "آموس" وجدت حي"بابا عمرو" مهجوراً. وفي القاهرة حث "كوفي عنان" المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية، المعارضة السورية المنقسمة على نفسها، على التعاون من أجل إيجاد حل للأزمة، محذراً إياها في نفس الوقت من أن لجوءها للمزيد من العسكرة، سيؤدي لجعل الصراع المستمر منذ عام يزداد سوءاً. وقال "عنان" للصحفيين بحضور الأمين العام للجامعة العربية "نبيل العربي": "آمل ألا يكون هناك في الوقت الراهن من يفكر جدياً في اللجوء لاستخدام القوة في الوضع القائم حالياً في سوريا". وأضاف "عنان" الذي زار العاصمة السورية السبت الماضي للقاء الرئيس الأسد:" يجب أن نكون حريصين وألا نقدم الدواء الذي هو أسوأ من المرض". وكان المجتمع الدولي قد عجز عن إيقاف نزيف الدم في سوريا، كما لم يحسم أمره حتى الآن بشأن الطريق الذي يتعين عليه السير فيه. وهذا الوضع يجعل المستقبل يبدو غائماً وغير مطمئن في نظر"جعفر"وغيره من اللاجئين السوريين في ملجئهم البائس.ولكن جعفر يقول مع ذلك:"لقد وصلنا لنقطة لا رجعه فيها... فإما أن نواصل القتال إلى أن يرحل الأسد أو نموت". نيكولاس بلانفورد مشاري القاع - لبنان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©