الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكريدت كارد «كلنا ذلك الرجل» (6)

14 مارس 2012
اليوم، واليوم فقط، وبعد الذي عانيت وعاناه معي العديد من الأصدقاء وغير الأصدقاء، وبعد كل الذي مررت به من ضيقٍ وهمٍ وحزنٍ وبلاء.. لا يعرف مدى ألمه ولا يتصور مدى وجعه، إلا من جربه وذاق طعم مرارته. اليوم فقط، قررت أنا ومن انكوى بحرقة بطاقات الـ «فيزا والماستر» وغيرها من مسميات، أن لا نقف مقيدي الأيدي، مربطي الأرجل، معصومي الأعين، مختومي الألسن... اليوم فقط، اتفقت أنا وبعض من حولي من الذين صادهم «موظفو البنوك»، وقادتهم «الأوهام»، وسيرتهم «الأحلام»... لتحقيق بعض الأمنيات ولتنفيذ بعض الطلبات التي حين تبدأ لا تنتهي إلا بانتهاء «حد البطاقة الائتمانية» الذي أصبح اليوم «أحد» من حد السيف، على رؤوس مستخدميها والمتعاملين بها. اليوم، واليوم فقط، اجتمعت مع أصدقائي في الألم ومعارفي في المعاناة، الذين باتوا يعرفونني ويتعرفون إلي بكل سهولة ويسر، من خلال ملامحي الباهتة، وعبارتي الخافتة، والتي باتت اليوم سمة أصدقائي ومعارفي أيضاً، فكلنا تجمعنا المصيبة نفسها، وكلنا نشترك في نفس الكارثة، والجميع يبصمون بالعشرة على أن اليوم سيكون لنا فيه وقفة قوية، وستكون لنا كلمة سخية، في وجه «صائدي العملاء»، و«مروجي البطاقات».. محسني خصائصها ومجملي ميزاتها، في عيني وعينيك وعيني كل من يبحث عن الكاش أو الكريدت السريع، ليلبي ويشبع طلباته التي لا تكل ولا تمل. اليوم، واليوم فقط، قررت أنا والسادة// (سين، صاد، جيم، عين وحا)، والسيد// (الموظف السعيد/ التعيس) وبعض الزملاء الأفاضل، وبعض الأشخاص المحترمين الأجلاء... مع غيرنا وهم كثيرون، أن نتجرأ ونقول كلمة (لا) وألف (لا) و(لا)، في وجه أول «مندوب بنك» وفي وجه أول «موظفة بنك» وفي وجه «البنك» نفسه وفي وجه «البطاقة الائتمانية»... التي لم تأتنا لا بالأمان ولا بالضمان، والتي لم تأتنا إلا بالخوف والحيرة والدهشة والاستغراب والتعجب... من كيفية آليتها، وكيفية سياساتها.. التي مهما تعلمت ومهما أدركت ومهما جمعت من معلومات حولها، فلن تصل إلى جوهرها، ولن تصيب آخرها، إلا بشق الأنفس، ومع هذا فلن تتغلب عليها. اليوم، وفي النهاية وبحمد الله، تمكنا نحن مَن آلمتنا هذه البطاقات الثمينة، الفضية والذهبية والبلاتينية والماسية.. بما تحتويه من أموالٍ وميزاتٍ وخصائص، تبدأ بمجرد تفعيلك للبطاقة، ولا تعرف متى وكيف ستنتهي، تمكنا من صد موجاتها العاتية، والوقوف كلنا وقفة رجلٍ واحد، أمام طلبات موظفي البنوك المستمرة والمتكررة والمتواصلة وغير المنتهية.. وقلنا لهم وبصوت واحد: «لا مكان اليوم لبطاقاتكم الذكية، خفيفة الوزن، ثقيلة القيمة، في جيوبنا ومحافظنا». وإننا اليوم، واليوم فقط، قد أفقنا من ذلك الحلم الوهمي الجميل، الذي أسرنا معه، وربطنا حوله، وتركنا وحيدين لا حول لنا ولا قوة، نصبح ونمسي نفكر في كيفية السداد، وكيفية رد الفائدة، التي تزيد وتزيد ولا نعلم كيف ومتى تزيد. اليوم، واليوم فقط، قررنا التخلص من ماض بدأ جميلاً، وانتهى بكل ما تحمله كلمة «البشاعة» من معان ومرادفات، وقررنا في النهاية إزالة حمل ثقيل، أثقل كاهلنا اسمه، الكريدت كارد. المحرر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©