الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أعطوهم» سر عبقرية زايد

«أعطوهم» سر عبقرية زايد
2 مايو 2017 19:55
أسس الدولة بالحب وأرسى دعائمها بفيض من الخير والكرم لكبيرة التونسي (أبوظبي) «زايد مدرسة تعلمنا فيها أصول العطاء» بهذه الكلمات بدأ معالي علي سالم عبيد الكعبي، مدير مكتب سمو وزير شؤون الرئاسة، رئيس مجلس أمناء مؤسسة التنمية الأسرية، حديثه عن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واصفاً نفسه بـ«المحظوظ»، لأنه عمل في المكتب الخاص للمؤسس، وعايشه عن قرب، فكانت فرصة عظيمة، تعلم خلالها من «زايد الإنسان» أن السعادة الحقيقية في البذل والإيثار، وأن أروع إنجاز يمكن للمرء تحقيقه، وهو رسم الابتسامة على وجه كان عابساً، لفقر أو مرض. وفي لقاء بمكتبه في مؤسسة التنمية الأسرية، فتح الكعبي قلبه وخزائن أسراره لـ«الاتحاد»، وباح بتفاصيل ومواقف محفورة في ذاكرته، تجسد مناقب المغفور له بإذن الله، وتؤكد أنه جُبل على حب الخير، فالرجل الذي يرق قلبه لطائر «جوعان»، ويأسى لشجرة تصرخ من قلة الماء، ويرفض أن يتناول الطعام قبل حراسه ومساعديه، صاحب فطرة إنسانية سليمة، منحه الله إياها، ليسعد بها من حوله، ويهبهم من ماله ووقته وجهده ما يضمن لهم حياة كريمة آمنة مستقرة، لا خوف ولا عوز. يقول الكعبي: أغدق المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، وأفاض على الجميع، فعمّ الخير السلام والأمن في الدولة، وأصبح العطاء والتطوع والمبادرات الإنسانية أسلوب حياة يتمسك بها الجميع، وهذه الروح ليست غريبة في ظل وجود قدوة، وقائد حكيم، وحاكم عادل، وإنسان نبيل، أعطى شعبه كل ما يحتاج، ولبى حاجة المقهورين والفقراء، وأغاث المرضى، ومد الطرق، وشيد المستشفيات، وحفر الآبار في أقاصي الدنيا. النهوض بالإنسان أضاف الكعبي: عندما نتحدث عن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، فإننا نتحدث عن إنسان ملهم، بنى دولة عصرية، ونهض بشعبها في زمن وجيز، موضحاً أن التعليم كان في مقدمة أولويات المؤسس لإيمانه العميق بأنه يمثل الركيزة الأساسية لتقدم أي مجتمع، وقال: أذكر أنّي حين التحقت بالتعليم الابتدائي وفر الشيخ زايد للمدرسة كل المستلزمات الدراسية التي يحتاجها الطلبة، وخصص لهم رواتب شهرية كي يحفز أولياء الأمور على إرسال أبنائهم إلى المدرسة. استطرد: في السبعينيات كان أولياء الأمور يرفضون إرسال أبنائهم إلى المدرسة، مكتفين بالكتّاب، حتى يعاونوهم في أعمال الصيد أو الزراعة أو الرعي، لكن المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد كان قادراً بحكمته على تجاوز هذه العقبة، وصرف للطلاب الذكور منحاً دراسية مالية، وعينية تتضمن متطلبات التعليم من مأكل وملبس وقرطاسية، ما ساهم في تشجيع الآباء على تدريس أولادهم في المدارس النظامية. وكان الأهل يتحفظون على إرسال بناتهم إلى المدارس، ولتجاوز تلك العقبة تصرفت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، «أم الإمارات» - بذكاء وحكمة، وبدأت بنفسها، إذ كانت تذهب إلى جمعية نهضة المرأة الظبيانية، فشكلت هذه الخطوة حافزاً كبيراً وقوياً للأسر لتعليم أبنائهم من البنين والبنات، ومع نهوض الدولة أصبح الناس يبحثون عن التعليم الجيد، ويدفعون مبالغ مالية لتوفير تعليم جيد لأبنائهم، وتخرجت دفعات عديدة من أبناء الإمارات رفدت المجتمع بالأطباء والمهندسين، وغيرها من التخصصات. أعمال الخير ويضيف معالي علي الكعبي: «كان الشيخ زايد، طيب الله ثراه، محباً للخير، ويفعله بصمت، ومن كانوا قريبين من المغفور له يعرفون ذلك جيداً، كنّا نرى ونلمس ما يقوم به، حيث كان يتدخل وقت الحاجة دون تردد، ويقدم العون وقت الصعاب أو المحن بطلب أو دون طلب، وكان يفعل ذلك لأنه مهتم بالإنسان أينما كان وكيفما كان، ولذا كان دائماً المبادر والسباق لفعل الخير، والأول في دعم المحتاج، وإرسال المعونات، وإغاثة الملهوف، كان «طيب الله ثراه» مثل الشجرة الطيبة التي تعطي ثماراً طيبة، وبفضل من الله سار أبناؤه والشعب الإماراتي عموماً على الوتيرة نفسها، وأقول في هذا الإطار، إن الموت غيّب الشيخ زايد، لكن ما غرسه باقٍ ولم يتغير، و«عام الخير» نتيجة، وثمرة لقيم راقية زرعها المؤسس في الإمارات أرض الخير والعطاء والسخاء». عناية بالشجر ولم يكن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، رفيقاً وحليماً وعطوفاً مع الإنسان والحيوان الطيور فقط، بل كان كذلك مع الشجر، فإنسانيته -كما يقول الكعبي - شملت جميع الكائنات، موضحاً أن الشجر كان له نصيب كبير من اهتمام المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، حيث كان يتفقده حتى في أقاصي الصحراء، وكان يتأكد بنفسه من أن الاشجار والزراعات تلقى الاهتمام الكافي، وكان، طيب الله ثراه، حازماً تجاه أي تقصير في هذا الإطار، وأحياناً كنا نصادف في طريقنا شجرة غير مشذبة، فيترجّل من السيارة التي تحمل معدات التقليم، ويأخذ الأدوات ويشذب الشجرة بنفسه، ولا يتركها إلا في أفضل حال، ونتيجة لاهتمام المؤسس بزراعة الأشجار تحولت أبوظبي إلى جنة خضراء، مشيراً إلى أن اهتمامه، طيب الله ثراه، بجميع الكائنات دفعه لمنع صيد الطيور والأرانب بعشوائية. يقول الكعبي: كان شُح الماء يشكل هاجساً بالنسبة للمغفور له بإذن الله، الشيخ زايد، لذلك شجع على حفر الآبار، ووجه برعايتها وصيانتها والحفاظ عليها، وعندما اكتشفت بلدية العين البئر الساخنة في إحدى المناطق، وأخبرته بذلك كانت سعادته لا توصف، وتصرف بحكمة بالغة، وأمر بتجميع هذا الماء في بحيرة، وكان يتابع هذا المشروع باهتمام كبير، وخلال فترة قصيرة أصبحت منطقة المبزرة أرضاً عشيبة خضراء تشكل نقطة جذب للزوار ويأتيها الناس من كل مكان، وتم تدعيم هذا المزار بمرافق وحمامات ساخنة وجداول جارية، وكان «طيب الله ثراه» حريصاً على متابعة هذا الحلم أولاً بأول، فيقضي نهاية الأسبوع في ربوع العين ويتجول بين أهلها، ليرى الفرحة في عيون الناس، وظل يتابع هذا المشروع حتى أصبح المكان مقصد الزوار، وأصبحت المبزرة قبلة السياح من مختلف الإمارات بل ومن العالم. وكان الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وهو يتجول بهذه المناطق يحرص على إلقاء التحية على الناس، ويعاملهم بحب وتواضع ويغدق على من سأله أو طلب معونته، وكان دائماً يقول لي حينما يقصده شخص في معونة سواء كان مواطناً أو من جنسية أخرى: (يا علي سجل اسمه وبياناته وراجعني)، كما كان يأمر بتعديل البيوت التي تعاني من التآكل، أو بها خلل عندما تقع عينه عليها وهو يمر بالقرب منها، فلم يكن ينتظر إلى أن يأتيه الناس شاكين، بل كان هو من يذهب إليهم، ويتفقد أحوالهم ونوع سكنهم، ويأمر بتحسين أوضاعهم من دون أن يطلبوا ذلك، ويسد الدين عن المدينين. رؤية سياسية ثاقبة أكد الكعبي أن حكمة الشيخ زايد بن سلطان «طيب الله ثراه»، ورؤيته الثاقبة، وحسه الوطني الصادق، كانت حجر الزاوية في تحقيق الاستقرار للدولة خصوصاً، والمنطقة عموماً، وقال: كان الشيخ زايد مؤمناً بأن التكتل سر النجاح والقوة ولم يعمل يوما بمفرده، ومن هذا المنطلق كان مصراً على توحيد الدولة بالتعاون مع حكام الإمارات، وضحى بالكثير، وبذل جهوداً جبارة، من أجل تحقيق هذا الحلم وتحويله إلى واقع ملموس، وبعزيمة لا تلين وخطوات حكيمة مدروسة، نجح في تحقيق الوحدة بالحب والإيثار والإنسانية، وتدريجياً تقدم الاتحاد وأثبت قوته، وأصبح الجميع مؤمنون به، بعدما لمسوا فوائده الجمة، مشيراً إلى أن مشروع الوحدة بدأ بالتعاون بين الإمارات، وتطور تدريجياً إلى أن وصل إلى تفاهم كامل فيما بينها، وكان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد في قمة سعادته عندما قامت الدولة، وحرص على غرس حب «الاتحاد» في نفوس أبنائه، ونفوس حكام الإمارات الذين استشعروا أن قوتهم في وحدتهم، ونتيجة لغرسه الطيب لم يسمحوا، ولم يتركوا المجال لكائن من كان للتدخل بالشأن المحلي بعد وفاة الباني والمؤسس، ولم يسمحوا لأحد أن يفرق بينهم، وهذا دليل على قوة ومتانة الروابط التي أرساها المغفور له خلال حياته. رحمة ورفق روى الكعبي موقفا يجسد أن الرحمة بمفهومها المطلق كانت من القيم الجميلة المتأصلة في نفس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، ويقول: «أذكر أننا كنا ذات مرة داخل أحد المطاعم الشهيرة على ضفاف بحيرة جنيف في سويسرا، وكان الناس هناك يعرفون الشيخ زايد بكرمه وسخائه، وعندما يرونه يلقون عليه التحية، فيردها بكل تواضع ومحبة، وفِي ذلك الْيَوْمَ انفصل سنجاب عن مجموعته وانطلق نحو المطعم باحثاً عن الطعام، فسألني المغفور له الشيخ زايد: كيف تعيش هذه السناجب طوال العام، خاصة أيّام البرد والثلج؟ وطلب مني الاستفسار من صاحب المطعم عن ذلك وعن كلفة إطعامها، وعندما عدت بالإجابة، أرسل، طيب الله ثراه، مالاً لصاحب المطعم للإنفاق على تلك الحيوانات لمدة تزيد على عامين كاملين». سمعة عالمية تجاوز عطاء الشيخ زايد، «طيب الله ثراه»، حدود الوطن، إلى آفاق أرحب، كان اهتمامه فيها منصباً على الإنسان بوصفه إنساناً، دون اعتبار لعرق أو دين أو جنس أو جنسية، ما جعله رمزاً للخير على المستوى العالمي، تقديرا لأعماله الإنسانية التي وصلت لشتى ربوع المعمورة، وفاضت كرما وسخاء على القاصي والداني، فاستحق عن جدارة لقب زايد الخير، الذي لايزال الناس داخل الدولة وخارجها يتمسكون به، ويرددونه باستمرار، امتنانا لما قدمه المؤسس «طيب الله ثراه» للإنسانية بوجه عام. ويروي الكعبي موقفاً يعتز به قائلاً: كنت أتجول في صحراء عمان، فالتقيت ومن معي سيدة طاعنة في السن، رحبت بِنَا ودعتنا للجلوس، ودار معها حوار ودي، عرفت خلاله أننا من الإمارات، فتهلل وجهها، وتضاعفت حفاوتها وترحابها بنا، وظلت تتحدث بشغف وتقدير واحترام عن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، وأسهبت في الحديث عن أخلاقه الكريمة، ومناقبه وخصاله الحميدة، وحبه للخير، وإغاثته للملهوف، وبعد أن تحدثت طويلاً، سألتها: «هل سبق أن التقيت الشيخ زايد، أوأسدى إليك معروفاً أو قدم لك مساعدة؟».. فأجابت بالنفي، وقالت إنها لم تلتق الشيخ زايد مطلقاً، لكنها سمعت قصصاً مؤثرة عن عشقه للخير، واهتمامه بالبسطاء والمحتاجين، وعطفه على الأيتام والضعفاء، وهنا أوضحت لها أن الشيخ زايد رحل عن دنيانا، لكن خيره لم ولن ينقطع، وأن أولاده وشعبه يتصفون بالصفات ذاتها، وكم تعجبت من أمر هذه السيدة التي تسكن في أقاصي الصحراء، وتتحدث بحماس عن السيرة الطيبة للشيخ زايد بصدق كبير، وغادرت متمتما بين نفسي وبيني وكلي فخر: «كم أنت كريم يا زايد.. ما زلت موجوداً معنا لم تمت». زايد الرحمة ويروي الكعبي واحدة من الذكريات الإنسانية التي عاشها إلى جانب المغفور له بإذن الله الشيخ زايد لا تزال راسخة في ذهنه قائلاً: «أثناء تجوالنا بمنطقة مركز المارينا مول توقفت سيدة كبيرة في السن أمام الشيخ زايد، وكلمته دامعة على استحياء، وطلبت منه فك أسر ابنها السجين بسبب الديون، وتأثر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد كثيراً، وفِي الْيَوْمَ ذاته اتصل رحمه الله بالفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وطلب منه إطلاق سراح جميع المساجين الغارمين المواطنين والمقيمين على أن يتكفل، طيب الله ثراه، بسداد جميع ديونهم، بشرط ألا يكونوا مدانين في جرائم أخرى»، وروى الكعبي موقفا آخر من المواقف النبيلة الكثيرة التي ذاع صيتها قائلاً: «كان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد يزور أصحاب البقالات ودكاكين المواد الأساسية فِي بداية حكمه، ويدفع لهم مبالغ مالية مقابل تقديم المؤن لكل من يحتاجها». السيدة المنقبة ويؤكد علي بن سالم الكعبي أن الشيخ زايد كان قدوة في العطاء والكرم والصبر والحلم والتسامح، موضحاً أنه كان يحث مقربيه على الخير وتقدير ومساعدة كل ذي حاجة، وعلى بذل المزيد دائماً، مشيراً إلى أنه عايش مواقف كثيرة في هذا المجال، منها قصة امرأة الظفرة، التي قال عنها: «ما زلت أذكر تلك السيدة ذات البنية القوية المنقبة فلا يكاد يظهر منها أي شيء، حين أقبلت على المغفور له بإذن الله متعثرة، فمدت يدها للسلام عليه، لكن أظافرها جرحت يده فنزل الدم منها، وخشيت عليه وتدخلت لأبعدها، لكنها سقطت أرضاً، فترك المشهد بتفاصيله أثراً عميقاً وكبيراً في نفسي، فالمغفور له بإذن الله الشيخ زايد، لم يهتم بما حدث له، بقدر ما كان متأثراً لأن السيدة سقطت أرضاً بسببي، فناداني وطلب مني أن أعرف من تكون، وطلب أن أذهب إليها وأعتذر منها، وأعطيها 50 ألف درهم، ثم أتحقق من ظروفها، فتبين لي أنها تمر بظروف صعبة، ولا معيل لها، فأمر لها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد ببيت وأثاث وأعطاها ما طلبت». هيبة ووقار ويستطرد الكعبي: كان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد مشهوداً له بالذكاء، وبارعاً في قراءة الوجوه، ففي أحد الأيام لمح في مجلسه رجلاً يجلس وعلامات القلق بادية عليه، ناداه وأجلسه عنده، وسأله: ما حاجتك؟ لكن هيبة الشيخ زايد، طيب الله ثراه، عقدت لسان الرجل ومنعته من إيصال رسالته، فطلب منه العودة إلى مكانه ليرتاح، وأمر بتنفيذ طلباته عندما يهدأ. تسامح ويشير الكعبي إلى أن مواقف الشيخ زايد النبيلة، لم تفرق بين عربي وأعجمي، وكان الناس يعرفونه في جميع أنحاء العالم، خاصة الذين اعتادوا رؤيته في المناطق التي يحب المرور بها أو الذهاب إليها للراحة، ولم يرد يوماً أي شخص مهما كان عرقه ولونه ودينه، ويروي أن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد كان في إحدى الدول الأجنبية بالقرب من إحدى البحيرات، فأقبل عليه الناس يلقون التحية ويسألونه بعض المساعدات، وكان بينهم يهودي يرتدي قلنسوة، فتدخل أحد الحراس وحال بينه وبين الشيخ زايد، حينها أشار، طيب الله ثراه، للحراس أن يتركوه، وأعطاه ضعف ما طلب، وهذا الموقف كان بمثابة رسالة لجميع الناس تحث على التسامح وتقبل الآخر، وكان الشيخ زايد أوقات إجازاته التي يقضيها خارج الدولة يأمر بتوزيع الطعام على جيرانه من مسلمين ومسيحيين، ومن مواقفه النبيلة مع الأجانب حرصه على تقديم الطعام لجميع الموجودين بالمستشفى التي كان يُعالج بها في أميركا، حيث كان يحب أن يرى جميع الناس سعداء. مستشفيات وأبحاث ويوضح الكعبي أن عطاء المؤسس، طيب الله ثراه، غير المحدود غمر العالم، فشيد المستشفيات في الدول العربية والغربية، ولا تزال صورته تزين بهو أحد المستشفيات في أميركا، ومهد العديد من الطرق، وفك بها عزلة الأماكن النائية في السودان والمغرب ومصر ولبنان، والعديد من البلدان الأخرى، إلى جانب حفر الآبار في عدد من الدول العربية والإسلامية، كما كان مهتما بالبحث العلمي في معاهد ومستشفيات عالمية عدة، وبنى بهذه الأعمال الخيرة سمعة طيبة للدولة في العالم، وبفضل الله يسير أبناؤه على النهج نفسه، ولا تزال مساهماتهم ومساعداتهم تتدفق إلى جميع أنحاء العالم، فالشجرة الطيبة تثمر طيباً. مساعدات رمضان وأشار إلى أن المؤسس، طيب الله ثراه، كان مهموماً بأحوال الناس في الدول العربية، وكان يستثمر المناسبات ويتحين الفرص لإسعاد الشعوب، وكان يوجهنا بإرسال مساعدات لبعض الدول العربية والمسلمة خلال رمضان، خاصة الدول التي تمر بظروف اقتصادية صعبة، وأذكر أنني كُلفت شخصياً بتسليم بعض تلك المعونات، وفي الوقت الذي كنا نحرص على أن تكون بعض المساعدات طي الكتمان، كان المتلقون يعلنون في وسائل الإعلام عن عطاء الشيخ زايد، وكنت أخبره رحمه الله بذلك، فيقول لي دائماً: أعطوهم. تقدير الكادحين وقال الكعبي: كان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد قريباً من الناس، يقدر جهد كل شخص يؤدي عملاً في الدولة، حتى وإن كان عاملاً بسيطاً، لأنه يعتبره من الذين أسهموا في البناء والنماء، وكان يتوقف أثناء جولاته في الصحراء أو في المدينة، ليتكلم مع عامل بناء بسيط أو مزارع في مزرعة، ويسأله عن عمله وحاله وأحوال أسرته ومعيشته، ويأمر بمساعدته إن كان يعاني من مشكلة ما، ثم يقدم له قدراً من المال، فالمغفور له بإذن الله الشيخ زايد كان يحب أن يسعد جميع الناس، ومؤمن بأن كل فرد على هذه الأرض له الحق في العيش الكريم، وكان «طيب الله ثراه» يردد دائماً إن هؤلاء ساعدونا على بناء بلدنا ويجب أن نحترمهم. ويردد الكعبي مقولة المؤسس الخالدة: «الرزق رزق الله، والمال مال الله والفضل فضل الله، والخلق خلق الله، والأرض أرض الله، ومن يعمل ويتوكل على الله، يعطيه الله، واللي يبينا حياه الله، ويقول: «لم يفرق زايد في المساعدات بين الناس، فعطفه شمل الجميع. ويختتم الكعبي حديثه قائلا: كانت إنسانيته، طيب الله ثراه، تتجلى عندما نجتمع على مائدة الطعام، فيأبى أن يتناول الطعام قبل أن يتأكد أن جميع الحراس والعمال قد تناولوا طعامهم، أو أنهم سيبدأون فوراً، خاصة أيام رمضان، كما كان يهتم بكبار السن ويقدمهم في مجلسه على من دونهم، مهما كانت قرابتهم، وكان يشعر بسعادة بالغة وهو يرى الابتسامة على وجوه من أمر بحل مشكلاتهم أو التيسير عليهم، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين». الخير.. أسلوب حياة قال الكعبي: «إن عام الخير مبادرة كريمة من رجل حكيم لتعزيز فعل الخير في المجتمع، وتذكير الغافلين، وتحفيز الأجيال الحالية والقادمة على الإنخراط في الأنشطة الإنسانية، والمساهمة في فرز نخبة مهتمة بالشأن الخيري، تشارك في تنمية المجتمع، بالإضافة إلى «تعويد» الناس على «تقديم المساعدة لمن يحتاجها» ليصبح هذا السلوك أسلوب حياة، يمارسه الناس تلقائياً وبسلاسة ومرونة سواء داخل الدولة أو خارجها»، مؤكداً أن عام الخير تتويج لمسيرة طويلة من العطاء، ما زال الخلف الصالح يسير عليها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©