السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثقافة السلوك

14 مارس 2012
في العصر الفيكتوري في إنجلترا كان الطفل المهذب هو الذي يجلس مع أسرته على مائدة الطعام وهو صامت. كأن الصمت هي الصفة الأولى للطفل المؤدب. ولم يكن مطلوباً من الطفل الصمت وحسب، بل رؤية ما يحدث أمامه دون أن يركز سمعه على أي كلام يقال أمامه. وفي المجتمعات الأرستقراطية في بعض مدن أميركا، نجد البنت تتعلم تحية الآخرين بإحناء الرأس إلى الأمام قليلاً وخصوصاً عندما تحيي أصدقاء أبيها، وهذا يجعل أصدقاء الأب يشعرون أن صديقهم قد أحسن تأديب ابنته، لكن في نفس الوقت لو استعملت البنت المشط أو المرآة أمام أصدقاء الأسرة لتمشط شعرها، فهذا خطأ وعيب كبير، لأن مكان استعمال المشط هو الحجرة الخاصة، أما بالنسبة للشاب فلا عيب عليه إن استعمل المشط أمام الآخرين أو حتى قام بقص أظافره في حضورهم! هناك أيضاً عادة أرستقراطية في جميع بلدان العالم تقريباً، وهي أن يغطي الإنسان بيده الفارغة تلك اليد الأخرى التي تمسك بعود الخشب الرفيع، الذي ينظف به أسنانه بعد الأكل. لكن أحياناً ننسى أنفسنا ولا نغطي أصابعنا التي تمسك بعود الخشب الصغير الذي ننظف به أسناننا، هنا سنجد أكثر من احتجاج، هنا سنجد من يقول إن بيئته متخلفة. هنا قد نشك في أننا سنحصل على الاحترام الكامل ممن يلاحظ تلك الهفوة البسيطة في "قواعد السلوك"، لكن علينا أن نتذكر حقيقة هامة، هي أننا لا نشكو من سوء تصرف أي شخص اجتماعياً إلا إذا كنا "لا نحب" هذا الشخص. إننا ننظر إليه بعيون مفتوحة كعيون الصياد الذي يترصّد فريسة، نلتقط أي خطأ في سلوكه لنفضحه، وقد ننسى السلوك نفسه الذي يسلكه إنسان نحبه ونشعر بالألفة معه. في العصور الوسطى كان الاعتقاد السائد في أوروبا أن الذي يتعب في الجسم من جراء عناء العمل هو الأقدام، لذلك كانوا يقومون بوضع أقدامهم على الوسائد عند النوم بدلا من رؤوسهم، وبالتالي فإن الأقدام هي الأحق بالراحة، أما الرأس فلا يتعب ويبقى مرميا على الأرض. وفي الهند هناك بعض القبائل يقوم فيها الشخص بمسك لحية آخر إن أراد تحيته، وفي أوكرانيا، عيد اسمه “عيد المساخر”، وفيه يكون الاحتفال بالصفع على الوجوه، وقد تستمر هذه المزحة "الخفيفة" ساعات طويلة، أما دور الجمهور، فهو التصفيق والتصفير والتشجيع والهتافات! وعادة الصفع في أوكرانيا لا يقتصر على عيد المساخر فقط، وانما هي عادة منتشرة بشكل كبير بين أبناء الريف الأوكراني حتى اليوم. وفي بعض القبائل اليمنية، ما أن تطأ العروس عتبة منزل الزوجية بقدمها حتى يسارع العريس بوضع قدمه على قدمها، فإن سحبت العروس قدمها بسرعة كان معنى ذلك أن إدارة البيت بلا منازع ستكون لها، وإن أسرع العريس بالضغط على قدمها كان هو سيد البيت في كل صغيرة وكبيرة!. لذلك أرى أن وصف "أخلاق حسنة" أو"سلوك سليم" تختلف تماماً من عصر إلى عصر، ومن مجتمع إلى مجتمع، ومن ثقافة إلى أخرى، وإطلاق التعميم غير جائز في كثير من الأحوال. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©