الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موانئ الخليج شرايين العالم القديم

موانئ الخليج شرايين العالم القديم
3 مايو 2017 21:42
كان المحيط الهندي هو الإطار المائي الذي نشأت في حيّزه العلاقات بين منطقة الخليج العربي وشبه القارة الهندية وجنوبي شرق آسيا وبلاد الصين. ولهذا اعتبره البعض ميداناً لنشوء علاقات اجتماعية/ اقتصادية/ ثقافية بين المناطق المطلّة عليه، ولذا أُطلق عليه أحياناً عالَم المحيط الهندي. وساهم في هذه العلاقات العرب والفرس والهنود والصينيون والملاويون. كان نشاط الطرق التجارية البرّيّة أو البحرية يعتمد كثيراً على القوى العسكرية والسياسية المسيطرة على الأراضي والمناطق المجاورة. وتضم دول شرق آسيا (Indo-Pacific Peninsula) إضافة إلى أرخبيل الجزر الإندونيسية والفليبينية وفيتنام وتايلاند وبورما وشبه جزيرة الملايو. وفي كثير من فترات التاريخ أصبح الطريق البحري مفضّلاً في السفر، خاصة إذا تعطّلت الطرق البرية بين الصين وغرب آسيا. ويكون بالتالي لمضيق مالاقا أهمية كبيرة. موانئ ومرافئ تواصلت منطقة الخليج العربي ببلاد الصين عبر عدد من المرافئ، أهمّها: = الأُبُلّة (أبولوجوس) في جنوبيّ العراق التي قال عنها إمبراطور الإمبراطورية البيزنطية الشرقية ثيودوسيوس الثاني (Theodosius II) (408 – 450) في عام 408/409 م، إنها كانت مركزاً مهمّاً لتجارة الحرير في منطقة الخليج العربي. ونظراً للازدهار التجاري الذي ساهمت فيه الأُبُلّة وتوثّق علاقاتها بالهند عُرفت بأرض الهند. وقيل: إنها كانت فرضة البحرين وعمان والهند والصين. وكان ميناء الأُبُلّة يستقبل المسك المستورد من الشرق وبالذات المسك الصيني. وكان الأُبُلّة ضمن مملكة ميسان العربية التي التجارة هي المهنة الرئيسة في المملكة التي كان يمر بها العديد من الطرق التجارية، ومن أشهرها طريق الحرير القادم من الصين، إضافة إلى الطريق البحري من الأُبُلّة إلى الهند عبر الخليج العربي. وقيل: إنه لما افتتح المسلمون الأُبُلّة وجدوا فيها سفناً صينية. = العقير؛ أحد أشهر الموانئ على الساحل الشمالي الشرقي لشبه الجزيرة العربية، ويبعد عن واحة الأحساء بحوالي 60 كم، وكان للأحساء بمثابة الميناء الرئيس، ويبعد عن الهفوف بحوالي 40 كم. ووُصف بأنه فرضة الصين وعمان والبصرة واليمن، ولذلك فهو يُعَدّ أحد الأسواق المهمة في شمالي شرق شبه الجزيرة العربية منذ فترة ما قبل الإسلام. = هجر؛ في شماليّ شرق شبه الجزيرة العربية وكان يقام فيها سوق كبير يقصده النّاس مِن العرب والعجم، بسبب موقعها المتميّز، وتعدّد موانئها وتنوّع بضائعها وسلعها القادمة مِن بلاد فارس والهند والصين. = سيراف على الساحل الفارسي للخليج العربي التي كانت دهليز الصّين دون عمان، وخزانة فارس وخراسان. = صحار: التي تميّزت بكونها خارج الإطار الجغرافي للخليج العربي وأقرب للشرق من بقيّة الموانئ الواقعة على سواحله، فأدّى هذا الموقع إلى ارتباط وثيق بين صحار وبين موانئ المحيط الهندي الأخرى وساهم في انتعاش التجارة. وهذا التواصل والازدهار كان هو الأساس الذي نشأت عليه بعد ذلك الصلات العظيمة والعلاقات القويّة بين الميناء وموانئ المحيط الهندي وموانئ بحر الصين الجنوبي في الفترة الإسلامية. وكانت سوقاً نشطاً للتجارات المستوردة من اليمن والصين والبحرين والهند، وبها أصحاب حرف وصناعة. وكان هذا السوق تتمتع بخصوصية عن بقية أسواق العرب بحكم موقعه على البحر، ولم تكن تقتصر على العرب بل كان يجتمع فيها تجار من الهند والصين وفارس وغيرها من البلدان، وكانت الصلات مع الشرق هي العمود الفقري للازدهار الاقتصادي لصحار. = دبا: وُصفت بأنها: «هي المِصْر والسوق العظمى.» وأنها: «إحدى فرضتي العرب يأتيها تجار السند والهند والصين وأهل المشرق والمغرب.» وأنها مجتمع التجار من الشرق الأقصى. وقد لعب سوقا دبا وصحار دوراً رائداً في الحياة الاقتصادية في إقليم عمان. وتم عن طريقهما تبادل السلع الهندية والصينية والمنتجات الزراعية المحلية. وتبلغ ذروة هذا التبادل التجاري في وقت قيام هذين السوقين. = جلفار؛ وكانت سوقاً للمستوردات من الصين والهند واليمن من آلات الصيدلة والعطورات والمسك والزعفران والعاج واليواقيت وغيرها من المنتجات الآسيوية. مضيق ملاقا لعب مضيق مالاقا دوراً مهماً في التواصل بين جنوبي شرق آسيا والصين من جهة وبين الهند من جهة أخرى، وكانت تعبره سفن تزيد في وزنها على الخمسمئة طن، وذلك في القرن الثالث الميلادي. وأكّدت المصادر الصينية هذا الدور لمضيق مالاقا. إشارات المصادر في ما يتعلّق بتواصل منطقة الخليج العربي بالصين، فإن المسعودي يذكر بأن مراكب الصين كانت تأتي بلاد عمان وسيراف وساحل فارس وساحل البحرين والأُبُلّة والبصرة. ويقول أيضاً: إن الخليج كان يصل في السابق إلى الموضع المعروف بالنجف حيث كانت تصل إلى هناك سفن الصين والهند. يروي أحد التجار أنه قام برحلة إلى الصين من ميناء الأُبُلّة في ركب يضم عشر سفن. مما يشير إلى أن الطريق البحري إلى الصين كان مؤسّساً قبل الإسلام، وأن الإبحار إلى الصين غالباً ما كان يتم ضمن قافلة من السفن. الحيرة كانت الحيرة تقع على ساحل البحر في قديم الزّمان ثمّ زال ذلك مع مرور الوقت. وكانت الحيرة ميناء بحريّاً نهريّاً، وهذا ما قاله عبد المسيح بن بقيلة الغسّاني، وكان معمّراً، لخالد بن الوليد، رضي الله عنه، لمّا سأله: ماذا أدركتَ؟ فأجابه: أدركتُ سفن البحر ترفأ إلينا في هذا الحِرف أو الجرف. أو قوله: أدركتُ سفن الصّين وراء هذه الحصون. وكانت الحيرة تتحكّم في الطّريق التّجاري بين الصّحراء العربيّة والعاصمة الفارسيّة المدائن، والطّريق النّهري المارّ عبر نهر الفرات. ولا يستبعد وصول سفن صينية إلى العراق في حدود القرن الخامس الميلادي، وربما قبله، خاصة أنه كانت للصينيين سفن تجوب بحار جنوبي شرق آسيا والمحيط الهندي منذ القرن الأول ق.م. النّصوص الصينية أشار عدد من النصوص الصينية إلى أن أسطولاً صينياً أُرسِل إلى البحار الجنوبية بين عامي 116 و110 ق.م. كما أن دول الجنوب أرسلت سفارات ووفوداً مع الهدايا إلى البلاط الصيني. وقد وُصف هؤلاء بأنهم رومان وهنود وصلوا بين عامي 73 و 49 ق.م. ويشير كتاب أسرة ليو سون (420 – 479 م.) إلى أن السفن الشراعية الصينية وصلت إلى رأس الخليج في عهد هذه الأسرة. ويُذكَر أيضاً أنه في منتصف القرن الرابع الميلادي كان يوجد في منطقة الخليج سوق سنوي يقام في بادانيا، وكانت تُعرَض فيه سلع صينية. وبادانيا ربما هي دبا التي كانت على صلة بشرق آسيا، وكانت مرفأً لسفن الشرق، كما كانت جزيرة سيلان مكاناً تلتقي فيه السفن الصينية بالسفن العربية والساسانية. وتذكر المصادر الصينية العائدة للقرنين الرابع والخامس الميلاديين أن بضائع بلاد بوسّو (Possu) كانت تصل الصين وجنوبي شرق آسيا. وقد استخدمت العديد من المصادر الصينية لفظة: «بوسّو» للدلالة على بلاد فارس. وقيل: هي تشير إلى منطقةٍ ما في جنوبي شرق آسيا. وقيل: إنها تدلّ على مجموعة من السلع والبضائع والأشجار والنباتات المجلوبة من غربي آسيا. وقد أصبحت هذه اللفظة علامة تجارية لعدد من المنتجات التي كانت تصل الصين في عهد أسرة هان. وتوجد مصادر صينية أخرى مثل: (Wei Kuo I His Shih-I Kuo)، العائدة إلى القرن الخامس الميلادي تذكر عدداً من المنتجات الساسانية هي الفستق والجوز وصمغ المقل الراتنجي. ولكن هذه المصادر لم تبيّن من حمل هذه المنتجات إلى شرق آسيا. فهل حملها الفرس أنفسهم؟ أم عرب منطقة الخليج إلى الشرق وباعوها في أسواق جزيرة سيلان ومنها انتقت إلى الصين، أو أن التجار الصينيين أنفسهم قد وصلوا إلى منطقة الخليج العربي؟ دلائل أخرى وتشير بعض الدلائل إلى وجود تجار من بلاد فارس ومنطقة الخليج العربي في تيناسيريم (تون سون). وقد عُرِف هؤلاء التجار باسم هوو (Hu)، وذكرت المصادر الصينية أن في ميناء تون سون نحو 500 عائلة من الهو. وقد تزوج بعض من هؤلاء الهو من زوجات محليات. ومن المرجح أن بين هؤلاء «الهو» جماعات من منطقة الخليج العربي من الفرس والعرب. وذُكر أيضاً أن ميناء تون سون كان يتاجر مع آن-هي (An-hei)، وهو اسم يشير إلى بلاد فارس في الفترة الپارثية. ومما زاد في النشاط التجاري في المحيط الهندي في القرن الخامس الميلادي وما بعده هو دخول المنتجات الإندونيسية السوق العالمي كسلع مطلوبة، ومن أهمها الذهب والفلفل الإندونيسي، وكان أجود من الفلفل الهندي، والكافور واللبان الجاوي. ويحتمل أن عرب المنطقة قد وصلوا إلى جزيرة سومطرة في حدود عام 600 م. ومع هذه الإشارات لا توجد آثار صينية تعود زمنياً إلى الفترة القديمة في منطقة الخليج العربي. وحتى ما يقال من العثور على عملات صينية في صحاري المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية فهو أمر غير مؤكد من أنها تعود زمنياً لفترة تسبق القرن السابع الميلادي. الطرق التجاريّة كانت طرق التّجارة الدّوليّة أحدَ أهمّ أسباب الصّراع بين القوَّتين الساسانيّة والبيزنطيّة، وذلك لأنَّ التّحكُّمَ في التّجارة الدّوليّة وفي طرقها - أحدُ أهمّ مظاهر القوّة والثّراء للدّولتين. وكانت الكتلة الأساسيّة للتّجارة العالميّة في العصور الوسطى تسير مِن الشّرق الأقصى إلى البحر المتوسّط، وقد ازدهرتْ التّجارة الشّرقيّة ازدهاراً عظيمًا في القرون الأولى للميلاد، وكانت طرق التّجارة الطّبيعيّة إلى الهند والصّين تمرّ على طول طرق القوافل عبر الأراضي البرّيّة في المملكة الفارسيّة أو عبر الطّرق البحريّة الواقعة تحت نفوذ الفرس كذلك. فظلَّتْ أوروبّا تستورد الأفاويه، والأعشاب، وخشب الصّندل، مِن الأقاليم الهنديّة، وتستورد مِن بلاد الصّين الحريرَ، حيث كانت السّلطات تجتهد في البحث عن أرخص طريقٍ يستطيعُ ذلك الحرير أن يسلكه. كما كانت تجارة الشّرق تخترق طرقاً مختلفة؛ مِنها: الطّريق عبر تركستان إلى بحر قزوين، ثمّ عن طريق الشّمال إلى نهر الفولغا، فالبحر الأسود عند خرسون، أو عن طريق الجنوب عبر شمال إيران إلى نصيبين على الحدود الرّومانية، أو عن طريق أرمينية إلى طرابزون، وقد تجتاز الهند وأفغانستان ووسط فارس إلى نصيبين أو إلى مصر، وربما انتقلتْ بحراً عن طريق الخليج العربي ثمّ إلى سوريا، أو عن طريق البحر الأحمر إلى مصر، ولم يكن هناك إلا طريقان يتجنَّبان المرورَ بأرض فارس؛ أولهما: الشّمالي الأقصى الذي يعتمد على قيام استتباب الأمن بين أمم منطقة السّهوب، أو الجنوبي الأقصى: وهو الطّريق البحري الذي كان بحاجةٍ دائمةٍ إلى أسطول تجاريٍّ في شرق السّويس لحمايته. وقد حاول الإمبراطور جُستنيان البحث عن طُرِق بديلة للتّجارة عبر البحر الأحمر أو عبر شبه جزيرة القرم، إلا أنّ هذين البديلين لم يكونا كافيين، حيث إنّ طريق البحر الأحمر كان واقعاً ضمن دائرة النّفوذ الحبشي وقد احتكره التّجّار الحبشيّون، وعلى الرّغم مِن التّقارب بين الأحباش والبيزنطيّين فإنّه لم يكن تحت النّفوذ البيزنطي المباشر، خاصّة أنّ الفرس كانت لهم سلطة على المحيط الهندي، كما أنّ تجارة الحرير لم تكن تمرّ عبر البحر الأحمر، بل كانت تسلك طرقاً برّيّة. إضافة إلى ذلك فإنّ الأحباش كانوا يفضّلون نقل البهارات والتّوابل على المتاجرة بالحرير، وحتّى مع تشجيع البيزنطيّين لهم في نقل الحرير فإنّ التّجّار الأحباش لم يتمكّنوا مِن المنافسة في ذلك. فتّش عن الأمن كانت تجارة الشّرق تخترق طرقًا مختلفة؛ مِنها: الطّريق عبر تركستان إلى بحر قزوين، ثمّ عن طريق الشّمال إلى نهر الفولجا، فالبحر الأسود عند خرسون، أو عن طريق الجنوب عبر شمال إيران إلى نصيبين على الحدود الرّومانية، أو عن طريق أرمينية إلى طرابزون، وقد تجتاز الهند وأفغانستان ووسط فارس إلى نصيبين أو إلى مصر، وربما انتقلتْ بحرًا عن طريق الخليج العربي ثمّ إلى سوريا، أو عن طريق البحر الأحمر إلى مصر، ولم يكن هناك إلا طريقان يتجنَّبان المرورَ بأرض فارس؛ أولهما: الشّمالي الأقصى الذي يعتمد على قيام استتباب الأمن بين أمم منطقة السّهوب، أو الجنوبي الأقصى: وهو الطّريق البحري الذي كان بحاجةٍ دائمةٍ إلى أسطول تجاريٍّ في شرق السّويس لحمايته. تجار الياسمين ميناء كانتون من الموانئ التي ارتبطت بالعلاقات التجارية بين الخليج والصين، ويُذكر كذلك أن تجاراً أجانب وصلوا إلى كانتون, وأدخلوا فيها نوعين من الياسمين نحو القرن الرابع الميلادي ولم يُعرف من هؤلاء الأجانب هل هم فرس أم شرقيون من بلاد الشرق أم أنهم هنود. ويذكر البعض أنّ سفناً عربية وفارسية محمّلة بالبهارات والأعشاب الطبية واللؤلؤ كانت تصل إلى الموانئ الجنوبية للصين أيّام أسرة تانج (Tang). ومن الأشعار دليل يفهم من بيتَي شعر لعبد الله بن محمد بن عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري المعروف بالأحوص (ت. 105 هـ.=723 م.) أن العرب كانوا متواصلين بالصين منذ فترة تسبق الإسلام. والشاعر هنا يقرر حقيقة، وليس مجرد حديث عادي. أين ابن حرب ورهط لا أحسّهم كانوا علينا حديثاً من بني الحكم يجبون ما الصين تحويه مَقانِبهم إلى الأفاريق من فصح ومن عجم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©