الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمة التحديات الخطيرة

13 مارس 2015 22:14
في تاريخ قمم الملوك والرؤساء العرب التي تنعقد تحت مظلة بيت العرب -الجامعة العربية- ثمة اجتماعات يمكن أن يطلق عليها وصف القمم التاريخية. ذلك لأنها تنعقد في ظرف استثنائي في حياة شعوب ودول العرب، أو في فترة واجهت فيها الأمة العربية قضية مصيرية وصدرت عنها قرارات تاريخية كبيرة بحجم التحدي أو القضية التي كانت تواجهها الأمة حينذاك. ومن بين تلك القمم الحاسمة قمة الإسكندرية في عام 1949 التي صدر عنها قرار دخول الجيوش العربية إلى فلسطين بعد صدور قرار الأمم المتحدة بتقسيمها.. ومن بينها أيضاً قمة المغرب في عام 1964 التي اتخذ الاجتماع فيها قرار تكوين القيادة العسكرية العربية المشتركة، التي أسندت قيادتها إلى الفريق أول علي علي عامر رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة المصرية.. وقمة الخرطوم «قمة اللاءات الثلاثة» التي كان أبرز قراراتها اعتراف الدول العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً وحيداً للشعب الفلسطيني، واعتماد الزعيم الوطني الفلسطيني ياسر عرفات رئيساً لها. وكل واحدة من هذه القمم الثلاث التي ذكرت كمثال عقدت في ظرف ومرحلة تاريخية محددة وصدرت عنها قرارات أصبح لها دورها في مسيرة النضال القومي العربي. وفي تلك اللحظات التاريخية التي عقدت فيها تلك القمم التي وصفت بالتاريخية كانت الأمة تواجه عدواً أجنبياً ومشروعات أجنبية واضحة ومن ثم فإن الظرف كان يستدعي أن تتوحد إرادة الدول العربية، وأن تجمع الأمة صفوفها، وتحشد قواها وقواتها في مواجهة عدو أجنبي طامع في أرضها ومنتهك لسيادتها ومهدد لوجودها. واليوم تواجه الأمة عدواً خطيراً ويزيد من خطورته أنه قد انبثق من داخل صفوفها وشن عليها حرباً ظالمة وماكرة باسم الدين والعقيدة! وحاربها بسلاحها! وجند بعض أبنائها المغرر بهم، وقسم صفوفها بتصنيفاته التكفيرية الظلامية.. وخطورة الحرب القائمة الآن بين هؤلاء المجرمين القتلة وبقية الأمة أنها تلبس زي الدين، وتزعم أنها تتحدث بالدين وباسم المؤمنين وتجذب لصفوفها شباباً قاصر حظة من العلم والإدراك بصحيح الدين أقل من القليل. وفي هذه الأجواء القاتمة المحيطة بنا من كل جانب، من تمزق وانهيار الدولة والوحدة الوطنية في بعض دول الجامعة العربية، إلى حالات الاقتتال الأهلي والتفجيرات العشوائية والمجازر والمذابح الإجرامية، وفي كل المهددات التي تتعرض لها اقتصادات دول عربية، إلى مهددات النسيج الاجتماعي العربي، إلى احتلال أراضٍ في العراق وسوريا وليبيا بوساطة مليشيات «داعش» الإجرامية.. في كل هذه الأجواء ستنعقد القمة العربية القادمة في شرم الشيخ ما بين 28- 29 من هذا الشهر. لقد استبق الرئيس عبدالفتاح السيسي هذا الاجتماع المهم باقتراح «تشكيل قوة عربية مشتركة لصيانة الأمن القومي العربي» تكون قادرة على المساعدة في حالات الكوارث والأزمات ودرء أي خطر يهدد استقرار الدول العربية. وفي ظل الأوضاع الراهنة التي يمر بها الوطن العربي وتنامي خطر الإرهاب الأسود الذي يهدد الجميع والذي سيطال الجميع لا فرق بين سُنة وشيعة لأنه أصلاً لم يكن صادراً عن موقف عقيدي بقدر ما هو صادر عن طموحات ومطامع مؤسس «داعش» المدعو أبوبكر البغدادي الذي وصف بأنه كان منذ البداية «محباً للظهور» وتلك صفات اكتشفها فيه من استخدموه فيما بعد... يتوجب على القمة العربية القادمة أن تنظر بكل الاهتمام والجدية إلى اقتراح الرئيس السيسي بتشكيل قوة عربية مشتركة وإلى تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب.. وذلك لأن مهددات الأمن والاستقرار العربي اليوم خطيرة وسيادة بعض دولنا ووحدة أراضيها في خطر.. والوحدة الوطنية لعدد من شعوبنا دولنا ووحدة أراضيها في خطر أيضاً.. والوحدة الوطنية لعدد من شعوبنا يعبث بها العابثون محققين أهداف أعدائنا التاريخيين.. ولذلك فإن قمة شرم الشيخ القادمة ستواجه تحديات كبيرة وخطيرة وتحتاج إلى إرادة كبيرة وعظيمة، فالتحديات الخطيرة تواجه بالإرادات الأعظم. عبدالله عبيد حسن* * كاتب سوداني مقيم في كندا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©