الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التحدي الروسي.. وجدوى العقوبات الأميركية

التحدي الروسي.. وجدوى العقوبات الأميركية
22 مارس 2014 23:35
ربما تفضي الموجة الجديدة من العقوبات على موسكو، التي فرضتها الولايات المتحدة بسبب أزمة القرم يوم الخميس الماضي، إلى إلحاق خسائر بالاقتصاد الروسي، ولكن مدى فعالية هذه التدابير في وقف سياسات روسيا المتحديّة لا يزال سؤالاً مثيراً للجدل. وفي الحقيقة، من الممكن أن تكون القيادة في الكرملين قد خططت لمواجهة العقوبات بأسلوب من شأنه تخفيف أثرها المباشر على الأهداف المقصودة، ولاسيما الرئيس بوتين وزمرته المقربين. وفي هذه الأثناء، من المتوقع أن تزيد التأثيرات الحقيقية للعقوبات، بينما تخترق الدوائر التجارية والمالية المركزية للكرملين، بقوة متزايدة على المدى الطويل، ولكن على المدى القصير من الممكن أن تفيد بوتين بينما هو يواصل تعزيز مركزية حكمه في الداخل. وتجتاح الآن موسكو موجة من الأخبار الاقتصادية السيئة، إذ تراجعت سوق الأسهم الروسية بنحو 3 في المئة أول من أمس، بعد هبوط 10 في المئة خلال الشهر الماضي. وعلى رغم تسجيل العملة الروسية «الروبل» ارتفاعاً طفيفاً، إلا أن التوقعات تظهر أنها ستواصل اتجاهها في الهبوط. وفي غضون ذلك، خفضت وكالة التقييم الائتماني «ستاندرد آند بورز» توقعاتها بشأن الأفق الائتماني لروسيا إلى «سلبية» بدلاً من «مستقرة»، عازية ذلك إلى «المخاطر الجيوسياسية المحدقة». وأوقفت شركتا «فيزا» و«ماستر كارد» اللتان تتخذان من الولايات المتحدة مقراً لهما، إجراءات الدفع لحاملي البطاقات من أربعة بنوك روسية كبرى على الأقل، وهو إجراء من شأنه التأثير على المستهلكين الروس العاديين. وقد أوضح الخبير الاقتصادي رفيع المستوى لدى «معهد جايدار» في موسكو ألكسي فيديف، أن المجتمع هناك يشعر بغضب شديد، إذ إن تراجع العملة ووقف خدمات «فيزا كارد» سيؤثران بشكل كبير على المواطنين الروس العاديين. وأضاف «لاشك في أن هذه التوترات السياسية والعقوبات قد ألقت بكثير من الشكوك التي ستؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي الروسي بشكل خطير». وفي غضون ذلك، يواجه ما يربو على عشرين مسؤولاً روسياً متورطين في أزمة ضم شبه جزيرة القرم حظراً على التأشيرات وتجميداً للأصول، غير أن هذه القيود تبدو رمزية بشكل كبير، بينما يتفاخر بعض الأشخاص المستهدفين علانية بوضعهم الجديد كأفراد مرعبين مخيفين للولايات المتحدة. ومن جانبه، واصل نائب رئيس الوزراء ديمتري روجوزين موجة التحدي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، قائلاً من بين أشياء أخرى: «إن كافة هذه العقوبات لا تساوى حفنة رمل من أراضي القرم التي عادت إلى روسيا». وسواء أكانت مصادفة أم لا، تتماثل استراتيجية العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة تقريباً مع تلك التي اقترحها المعارض الروسي المناهض للفساد ألكسي نافالني، في مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز». واقترح نافالني، الذي يخضع في الوقت الراهن للإقامة الجبرية في موسكو، أن تتفادى الدول الغربية الإضرار بالمواطنين الروس العاديين، وتوجه ضربة شديدة لمسؤولي الكرملين الذين يعيشون حياة البذخ ويقضون رحلات بين روسيا والغرب. وأضاف: «يعني ذلك تجميد الأصول المالية لأباطرة النفط ومصادرة ممتلكاتهم». وتقتفي القائمة التي أعدها نافالني بالأثرياء المقربين من الكرملين أثر هؤلاء الذين استهدفتهم بعد ذلك الولايات المتحدة. وعلى رغم ذلك ثمة شكوك خطيرة بين بعض الخبراء بشأن ما يبدو أنه الهدف الرئيس للاستراتيجية الأميركية، والمتمثل في الإضرار بأعضاء الدائرة المقربة من الرئيس بوتين بهذه التدابير المستهدفة. وفي الحقيقة، ربما تقدم الولايات المتحدة دعماً غير مقصود للأسلوب الذي ينتهجه الكرملين الذي يهدف إلى تعزيز مركزية السلطة، وخصوصاً أنه منذ عودة بوتين للرئاسة لولاية ثالثة، مارس ضغوطاً على عمالقة النفط الأثرياء في روسيا لإعادة أموالهم إلى الوطن الخروج من الاستثمارات في عقارات الدول الأجنبية، وهي الرسالة ذاتها التي وجهها مرة أخرى يوم الخميس الماضي في قاعة مكتظة برجال الأعمال الروس البارزين. وتحظر القوانين التي تم سنّها العام الماضي على المسؤولين الروس امتلاك حسابات بنكية أو عقارات في الخارج، وسيتم الآن تعزيز تنفيذ هذه القوانين. وبدوره قال نيكولاي بيتروف، الأستاذ في كلية الاقتصاد في موسكو: «أعتقد أن بوتين يمكن أن يستفيد حقيقة من هذه العقوبات». وأوضح أن بوتين صمّم نموذج «الحصن المحاصر» لروسيا، ويدرك أنه من الضروري إجبار النخبة على استعادة أصولهم إلى الداخل، فلا يمكن الاطمئنان إلى ولائهم إلا إذا لم تكن لهم منافذ للهروب، مثل الحسابات البنكية والعقارات في الغرب. وأضاف بيتروف: «إلى الآن تحايلت هذه النخبة بكافة السبل الممكنة لتفادي فعل ذلك، ولكن إذا كانت الدول الغربية نفسها تدفعهم في الوقت الراهن صوب إعادة أموالهم إلى روسيا، فلن يجدوا مفراً من ذلك في النهاية». وحسب بيان لوزارة الخزانة الأميركية، تستهدف العقوبات الأساسية بنكاً روسياً رئيساً وأربع شخصيات بارزة تابعين لبوتين، ربما ترتبط إمبراطوريات أعمالهم الضخمة بثروة بوتين شخصياً. ومن بين هذه الشخصيات جينادي تيمشينكو، الذي يأتي في الترتيب الـ12 بين أثرى أثرياء روسيا ومؤسس شركة «جونوفر» لتجارة السلع التي تتخذ من سويسرا مقراً لها. وأوضح البيان أن بوتين يمتلك استثمارات في «جونوفر»، وربما يمكنه الحصول على أموال منها. ولكن التقارير الإخبارية تشي بأن تيمشينكو ربما يكون قد تفادى بالفعل رصاصة العقوبات ببيع حصته البالغة 43 في المئة في «جونوفر» لشريكه السويدي رجل الأعمال توربجورن تورنكفيست. فريد وير موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©