فهد القرني يخوض في بحر الضباب داخل القفص

فهد القرني من أكثر الفنانين اليمنيين شهرة بمواقفه السياسية بعد أن لمع نجمه في نقده اللاذع للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في بلاده، ولم يكن يعلم أن فنه سيقوده إلى السجن· فن القرني المحتجز في أحد سجون محافظة تعز منذ أبريل الماضي يرتكز على الكلمة كفنان يتبع أسلوب المونولوج الشعبي ويستخدم التراث كموروث سمعي· بعد عدة أسابيع من وضعه رهن الاحتجاز أبدع القرني مسرحية جديدة أطلق عليها اسم ''بحر الضباب'' والتي ترمز الى ماتعرض له من اعتقال ومعاملة في مكان احتجازه ويعتزم تقديمها للجمهور كأول عمل بعد اطلاقه من السجن بحسب ماذكر مقربون منه· لماذا سجن؟ أسرة القرني تعتبر اعتقاله سياسياً والسلطة تعد احتجازه ومحاكمته ضمن إجراءات قانونية، فيما تقول المعارضة إن الاعتقال انتقام سياسي لكن جماهيره الغاضبة ترى أن الاعتقال طال فنانا شعبيا ساخرا من الأوضاع يسهم في تصحيح أخطاء قائمة· في حديث صحفي يتحدث الفنان القرني عن حبه للمسرح المفتوح فيقول: ''المسرح هو فن يحاكي أحاسيس الناس، وما نمارسه في مسرح الشارع والشريط الساخر هو محاكاة لهذه الأحاسيس، فالفن عبر التاريخ هذه رسالته، وهو يعكس الحياة اليومية، ولذلك عندما بدأ مسرح المحاكاة كان الناس يلبسون أقنعة حيوانات عند العيد، بما يعني محاكاتهم لبيئتهم، والذي حصل أنه في الأربعينيات والخمسينيات استخدم الفن كأهم وسيلة للتمجيد والمدح، ولما للمسرح من تأثير جماهيري استخدمه الحكام، وحرقوا رسالته الحقيقية، وما نفعله اليوم هو استعادة لهذه الرسالة المفقودة والمعبرة في الأصل عن حياة الناس وهمومهم وتطلعاتهم''· خضع الفنان فهد القرني لمحاكمة علنية أمام قاضي محكمة التعزية بتعز وقدم عضو النيابة الدعوة المقدمة ضد القرني والمتضمنة تهمة ''إثارة العصيان المسلح ضد سلطات الدولة القائمة وذلك بالتحريض علناً على مقاومة الدولة وإنكار وجودها والقيام بثورة على النظام'' كما تضمن قرار الاتهام إثارة النعرة الطائفية والمناطقية، وبث روح الشقاء والتفرقة بين أفراد المجتمع اليمني والتحريض علناً على ازدراء طائفة من الناس وتغليب طائفة''· الفنان القرني رد على دعوى الاتهام قائلا ''إن هذا الاتهام تفسير خاطئ لنصوص المسرحية وهو محاكمة للنوايا حيث إن مسرحياتي كلها تدعو للوحدة الوطنية والنضال السلمي''· أعماله الفنية والأدبية من هذا المنطلق جاءت أول مسرحية للفنان القرني ـ الدارس في المعهد العالي للسينما بقسم الإخراج في مصر ـ بعنوان ''أخطبوط الفساد'' في معهد الجند بتعز، وذلك في عام 1997م· ثم انتشرت في كافة أنحاء اليمن، ومن هناك بدأ ظهور الفنان وتعددت أعماله الفنية والإبداعية في المسرح السياسي المفتوح والأناشيد الحماسية، ومثلت مسرحيته ''انا استأهل'' قمة أدائه لأنها خاطبت الشعب اليمني مباشرة· وقد أصدر القرني سلسلة ''إليك'' الاجتماعية وعددها ستة أشرطة تناول فيها الكثير من المشاكل الاجتماعية وتعرض أكثر من مرة للاعتقال ومحاولة اغتيال منها ما تعرض له في محافظة مأرب والضالع أثناء حملة ''صيفنا نضال''· ومن أناشيد القرني مع فرقة الجند التي يترأسها (يا سلاكم، يا دمعتي، اترك مزاحك بالسلاح، السجون، يا مغترب، لا تسألوني على حالي، مش من حقك، خليك متفائل، مجنون عاقل، أين المعاش أين الزلط··)· كما أصدر العديد من الأشرطة السياسية الساخرة تناول فيها الحقوق والحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان والفساد وغلاء الأسعار، وأقام حملة لتنظيم الأسرة بالتعاون مع منظمة ماريستوبس الألمانية وجمعية الإصلاح وذلك من خلال 14 مهرجاناً في عدد من المحافظات اليمنية·