الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

رؤى مشتركة فوق جسور ثقافية ثابتة تربط البلدين

رؤى مشتركة فوق جسور ثقافية ثابتة تربط البلدين
2 مايو 2017 02:48
محمود عبدالله (أبوظبي) ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية ألمانيا الاتحادية، ومنذ وقت بعيد، بعلاقات ثابتة وقوية واستراتيجية عميقة تتسم بالاحترام والتقدير المتبادل، وذلك بفضل التوجيهات السديدة للقيادة في البلدين الصديقين، وحرصها الشديد على تعزيزها وتطويرها في المجالات كافة، خاصة المجالات الثقافية، وفي هذا السياق، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال زيارة رسمية لسموه إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية في يونيو 2014، أهمية بذل المزيد من الجهود في سبيل تعزيز مستوى الشراكات القائمة بين الإمارات وألمانيا، خاصة في ما يتعلق بالشراكات الاقتصادية والاستثمارية في قطاعات التكنولوجيا والعلوم والمعرفة والتعليم والطاقة المتجددة، إضافة إلى العلاقات الثقافية والتنموية، وقال سموه خلال الزيارة: «إن العلاقات بين دولة الإمارات وجمهورية ألمانيا الاتحادية هي نموذج يحتذى به في العلاقات القائمة على التفاهم والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة». بدورها، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال زيارة لها إلى دولة الإمارات قبل سنوات حرص بلادها على توثيق روابط الصداقة مع دولة الإمارات، والتطلع إلى مزيد من التعاون في المجالات كافة التي تخدم مصالح البلدين الصديقين، وذلك خلال استقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لها، حيث عبر سموه عن ثقته بأن العلاقات بين الإمارات وألمانيا تمضي نحو آفاق أوسع، خاصة في ظل الشراكة الاستراتيجية والعلاقات المتنامية بين البلدين، لما تتميز به من تقارب في المواقف تجاه القضايا الإقليمية والعالمية على المستويات كافة السياسية والاقتصادية والثقافية. «الصداقة الإماراتية - الألمانية» لا يغيب عن البال أن تأسيس «جمعية الصداقة الإماراتية الألمانية» في فبراير 2006، قد لعب دوراً نوعياً في تنمية وتطوير العلاقات بين البلدين، خاصة أنها تضم نخبة من أهم ممثلي فئات المجتمع الإماراتي والألماني الحريصين على تعزيز العلاقات الثنائية في شتى المجالات، وبناء جسور جديدة بين الشعبين الصديقين، مما يبشر بانطلاقة جديدة لعلاقات الشراكة الاستراتيجية، وتحقيق ما تصبو إليه قيادتا وشعبا البلدين، حيث عبّر كبار المسؤولين في ألمانيا عن إعجابهم بالهدف الذي حددته الإمارات، وهو تحديث المجتمع مع الحفاظ على الهوية الثقافية، ومن ذلك جملة النشاطات الثقافية والمعرفية التي تنظمها الجمعية بشكل متواصل، ومن ذلك تنظيم حلقة عمل ومعرض مع طالبات جامعة زايد بأبوظبي، وعملت على تشجيع مشروع لطالبات إماراتيات من الجامعة تم خلاله عقد حلقة عمل أسبوعية قامت بإدارتها الفنانة الألمانية «سوزان حيفونه»؛ بهدف مواجهة الطالبات لمسألة الذات والفردية في مقابل الجماعية والمجتمع، وذلك في سياق التأمل في قصص حياتهن وهويتهن، والمشروع تم تمويله من قبل الجمعية ومعهد جوته في أبوظبي بالاشتراك مع الشركات الألمانية. تنامي العلاقات الثقافية في هذا السياق، يمكننا إلقاء المزيد من الأنوار الكاشفة على تنامي العلاقات الثقافية والتعليمية بين البلدين الصديقين، والتي تمثل جسوراً ثابتة تصل المستقبل برؤى مشتركة، من خلال جملة المؤسسات التي تتبادل النشاطات والخبرات، ومنها على سبيل المثال معهد غوته الألماني في فرانكفورت، وهو من المؤسسات الثقافية الألمانية المهمة، وسعيه المتواصل لإقامة برامج لتبادل الزيارات بين المثقفين والإعلاميين وطلبة الجامعات لدى البلدين للتعرف إلى الإمكانات الثقافية المتاحة لديهم، وتعرف كل جانب إلى حضارة الآخر، خاصة في إطار ما تتعرض له الهويات الثقافية من رعاة العولمة، وقد نظم المعهد بالتعاون مع وزارة الثقافة في فرانكفورت ندوة ثقافية دولية على هامش معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، الذي أقيم العام الماضي، وشارك فيها نخبة من المسؤولين والأكاديميين والإعلاميين من الإمارات وألمانيا، في حين أن مثل هذا التعاون يأخذ مدى أكبر وأبعد من خلال البرامج المستقبلية التي تعنى بتطوير العلاقات مع الإمارات ودول الخليج العربية والعالم العربي عموماً للمشاركة في برامج وندوات ومحاضرات وحوارات معاصرة وأعمال ترجمة ومعارض حول مختلف المجالات الثقافية والإبداعية، التي تلقى اهتمام عديد المؤسسات المعنية في الإمارات، ومنها ندوة الثقافة والعلوم بدبي، ودائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وعدد من الجامعات في العاصمة أبوظبي، من أجل تعزيز التبادل الثقافي الذي يفتح آفاقاً أفضل لعلاقات الجانبين. ثمار ثقافية نموذجية من السهل على أي متابع لمسيرة تطور العلاقات بين جمهورية ألمانيا الاتحادية ودولة الإمارات العربية المتحدة أن يلاحظ متانة هذه العلاقات واهتمام الطرفين بالمحافظة على التعاون بينهما وتعزيزه بشكل مستمر بالشكل الذي يضمن مصلحة ومنفعة شعبي البلدين الصديقين. ويظهر مدى التعاون بين ألمانيا والإمارات من خلال الاتفاقيات الثنائية المبرمة بينهما والزيارات المتبادلة التي قام بها مسؤولون من الجانبين على مختلف المستويات في السنوات الماضية، والتي ساهمت بلا شك في تعميق أواصر التعاون والصداقة، والتي تتنامى عبر مؤشرات ثقافية عدة، آخرها على سبيل المثال لا الحصر، مشاركة وزارة الثقافة الألمانية بجناح نوعي في النسخة الـ27 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وقدمت لرواده نحو 190 عنواناً من الأدب الرفيع والرواية والفنون والتاريخ وغيرها، ويمثل الحضور الإماراتي في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب جانباً مهماً في بنيان العلاقات بين المؤسسات الثقافية في البلدين، وتوجد الإمارات سنوياً وبشكل متميز في المعرض الألماني الذي يعد من أكبر معارض الكتاب في العالم، لكن بشكل عام، فإن أوجه التعاون بين ألمانيا والإمارات تحظى بدعم العديد من الجهات الألمانية التي تقوم بجهود متواصلة لتدعيم جسور التواصل بينهما، حيث تلعب السفارة الألمانية في أبوظبي والقنصلية الألمانية في دبي ومكتب التجارة الخارجية الألماني ووكالة التجارة والاستثمار الألمانية دوراً مهماً في تعزيز هذه العلاقات بين البلدين. الثمار الثقافية النموذجية التي تحققت للإمارات عبر العلاقة القوية بين البلدين كثيرة ومتعددة الملامح والجوانب، ولكن لبعضها أهمية يلزم الحديث عنها، ومن ذلك مثلاً الاتفاقية التي تم توقيعها مؤخراً بين قناة بينونة والمؤسسة الإعلامية الألمانية «دويتشه فيله» لتبادل بث البرامج الثقافية والتراثية التلفزيونية باللغة العربية بين القناتين واسعتي الانتشار في المنطقة والعالم العربي، وتشمل الاتفاقية بث برامج مُختارة تنتجها كل من القناتين بشكل مشترك، حيث ستزوّد قناة بينونة القناة الألمانية بباقة من برامجها التراثية والثقافية لتقوم بدورها بإيصالها لجمهور القناة في كل مكان، في حين ستزوّد قناة (DW عربية) قناة بينونة بمجموعة من أهم برامجها المُتخصّصة في العلوم والتكنولوجيا والرياضة، بما يُساهم في إثراء وإغناء المحتوى الثقافي والإعلامي للشبكتين، واستقطاب جمهور أوسع لهما من مختلف الاهتمامات. وبما يُساهم في فتح نوافذ الحوار المباشر وتداول مختلف المواضيع المهمة من وجهتي النظر الإماراتية والألمانية، وتعزيز التواصل الثقافي بين ألمانيا والعالم العربي عبر القناتين. ويمكن اعتبار نشاطات معهد غوته الألماني في أبوظبي حلقة وصل مهمة لتنمية النشاطات الثقافية المختلفة، على نحو تنظيم المعهد بالتعاون مع هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام مؤخراً مهرجان الأفلام العلمية، وجاء هذا النشاط ضمن استراتيجية هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام التي تهدف إلى نشر الثقافة العلمية للأطفال والفتيان بالتعاون مع بعض الهيئات الدولية المعروفة في هذا المجال، مثل معهد غوته الألماني، حيث عرض المهرجان مجموعة من الأفلام المتميزة في مجال العلوم والاختراعات والتكنولوجيا، إضافة إلى عمل ورشات للمشاركين من الطلبة والأطفال في مجال الروبوتات والعديد من الموضوعات الثقافية والعلمية. كذلك ما نظمه المعهد في دبي تحت عنوان «مهرجان برلين دبي.. موضة خضراء مستدامة»، الذي عكس صورة ثقافية نوعية نحو الاهتمام والتركيز في محور الاهتمام البيئي من خلال عالم الموضة وطريقة استخدام الأقمشة في التصميم مع تنفيذ مجموعة من ورش العمل للمصممات الألمانيات تضمنت أيضاً تقنيات صناعة العباءة الإماراتية، بالإضافة إلى زيارات لعدد من الأماكن التي تعرفن خلالها على طبيعة تطور المرأة في الإمارات. «مداد الثقافي» يعتبر مشروع «مداد الثقافي» بإشراف معهد غوته، من أهم برامج التبادل الثقافي في مختلف المجالات الخاصة بتطوير التعليم والإعلام، وللإمارات دور كبير ونوعي في تعزيز وترسيخ مفهوم هذا المشروع الذي يسعى إلى تقديم الكتاب العرب الشباب إلى الألمان عبر الإنترنت وتقديم كتاب ألمان إلى الشباب العرب أيضاً لإقامة حوار أدبي ثقافي على مستوى عالٍ من أجل الفهم المشترك، حيث يشمل المشروع كل الدول العربية تقريباً، مع التركيز على ثقافة وهوية وأدب المبدعين الإماراتيين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©