الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحمد بن حنبل.. ?«جامع العلم»

أحمد بن حنبل.. ?«جامع العلم»
13 يونيو 2016 15:15
محمد أحمد (القاهرة) رابع الأئمة وصاحب المذهب الحنبلي، معروف بالصبر والتواضع والتسامح، واشتهر بعلمه الغزير وحفظه القوي، هو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني الذهلي، يكنى أبو عبدالله. وقال الفقهاء، «إنه جمع العلم كله»، وأثنى عليه الإمام الشافعي، وقال تركت بغداد وما فيها أفقه ولا أعلم من أحمد بن حنبل. صامت يطيل السكوت والتأمل، حزين يكاد لا يبتسم، في وجهه بشاشة ورضا، لا يبتدر أحداً بحديث ولا يتكلم إلا إذا سئل، إلا أنه إذا جلس في الحلقة بالمسجد الجامع ببغداد صدر عنه علم غزير. طلب العلم عاش حياة صعبة في بغداد حاضرة العالم الإسلامي وقتها، مات أبوه بعد ولادته في عام 146هـ، أوقفت أمه حياتها على تربيته رغم ضيق العيش، ووجهته إلى طلب العلم، وختم القرآن صبيا، نشأ وسط عصر يراد فيه للناس الانصراف عن طيبات الحياة باسم الزهد ويحبب إليهم ترك الحقوق لمغتصبيها، فأنكر ذلك ووصفه بالبدعة ونذر نفسه لمقاومتها فاتهموه بالتزمت. في الخامسة عشرة من عمره، بدأ يتلقى علم الحديث من شيوخ بغداد، ثم سافر وهو في الثانية والعشرين للبصرة، ومكث فيها لمدة عام رحل بعده إلى الحجاز، وسمع من الأئمة الكبار الشافعي ومالك والليث بن سعد، ثم سافر لليمن ليلزم شيخها عبد الرازق بن همام وذهب إلى خراسان وفارس وغيرهما حتى جمع آلاف الأحاديث. تعلم ابن حنبل الحديث من قاضي القضاة في بغداد أبي يوسف أحد أصحاب الإمام أبي حنيفة، ثم تتلمذ على عبد الله بن المبارك وكان فقيها واسع العلم والثراء، وتعلم بن حنبل منه أن الدعوة إلى الفقر ليست زهدا وإنما تمكين للأغنياء من المال. تحرج الإمام بن حنبل أن يتخذ لنفسه حلقة في الجامع ليعلم الناس ويفتيهم ويصير إماما، فقد كان يرى أنه لا يجب أن يجلس للفتوى والتدريس حتى يبلغ الأربعين، كما أن بعض شيوخه ومنهم أستاذه الشافعي ما زالوا أحياء. أراد ابن حنبل أن يتفرغ لجمع مسنده ليتم تنسيق الأحاديث التي جمعها وإسنادها إلى رواتها فاعتكف، ثم انتهى من جمعه في كتب متفرقة، وظل يعمل فيه إلى آخر أيام عمره لينسقه مع ابنه ويصنفه من بعده. أصبح ابن حنبل إماما له منهج في استنباط الأحكام، خالف فيه أبا حنيفة ومالك بن أنس، واتبع فيه الشافعي، وشرع يفسر القرآن ويروي ويفسر الأحاديث ويفتي. الأحكامنهى الإمام عن تدوين فقهه، لأنه خشي أن تتجمد الأحكام ويشيع التقليد فيما بعد، ويرى أن الفقه ينبغي أن يتجدد وفق مقتضيات الزمن. كان المفكرون والفقهاء في عصره مشغولين بعدد من القضايا منها الجبر والاختيار، والقضاء والقدر، ورؤية الله، وهل القرآن مخلوق أم أزلي؟.. إلا أنه رفض الحوار أو التفكير في علم الكلام كله. وعاد الإمام عن بعض أفكاره فأباح كتابة بعض فقهه وكذلك غير موقفه من علم الكلام، فأعلن آراءه في قضايا الإيمان والقدر وصفات الله لكنه دعا عدداً قليلاً من العلماء ليذيع هذه الآراء. ومن كتبه ومؤلفاته بجانب «المسند»، «العلل ومعرفة الرجال»، و«الأسامي والكنى»، و«مسائل الإمام أحمد»، و«أصول السنة»، و«الزهد»، وأحكام النساء»، «سؤالات أبي داوود»، و«العقيدة»، و«الورع»، «الأشربة». خلق القرآن كان متشدداً في العبادات والحدود وهي قوام الدين لأنه رأى البدع تسود، أما في المعاملات، فقد اتخذ فيها مذهبا ميسراً حتى لا يضيق على الناس باسم الدين، ولم يكن يحرم أو يحلل صراحة، ويكتفي بأن يقول «أكره أو أحب». في عهد خلافة المأمون ظهرت أزمة خلق القرآن بين المعتزلة وأهل السنة، واكتفى ابن حنبل بأن يحض الناس على أن يهتموا من الدين بما فيه النفع، وكان الخليفة يؤمن بأن القرآن مخلوق، فأمر بسؤال كل العلماء والفقهاء والقضاة وأهل الرأي، ومن ينكر ذلك فليعزل من منصبه، وأمام القاضي لا تقبل له شهادة، ورفض ابن حنبل الضغوط للإذعان لهذا الرأي، فتم تقييده بالأغلال، وكان عمره 56 عاماً ومعه تلميذه محمد بن نوح، واستمر في سجنه بعد تولي الخليفة المعتصم، وكان يعذب وتعقد له مناظرة في السجن ومناظرة أخرى أمام الخليفة، فيرجوه أن يعدل عن آرائه، ويقر بخلق القرآن حتى يعود إلى بيته، ثم بعد عامين ونصف العام أطلق سراحه خوفاً من ثورة الناس، ودعا الإمام ابن حنبل لكل الخلفاء الذين أساؤوا إليه، وحض أتباعه على تأييدهم لأنهم في رأيه جاهدوا في سبيل الله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©