الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان.. مدرسة للتسامح وتجاوز الخلافات

رمضان.. مدرسة للتسامح وتجاوز الخلافات
13 يونيو 2016 15:11
لكبيرة التونسي (أبوظبي) رمضان، شهر الخير والعطاء والتسامح، ويشكل الشهر الفضيل مدرسة للتقوى يقبل فيه العباد على الله عز وجل بكل أنواع العبادات، من صيام وصلاة وصدقة وإطعام الفقراء وصلة الأرحام، كما جعله فرصة للتسامي وتجاوز الخلافات. ويعتبر الشهر الفضيل رسالة للمسلمين لفتح باب الصلح بين المتخاصمين والمبادرة بالعفو والصفح، فهو شهر التسامح والمحبة والسمو الروحي فوق كل الشحنات والاحتقان، فالإسلام جاء ليقيم أركان المجتمع على مكارم الأخلاق والصفات النبيلة التي منها الصفح، والعفو عن الإساءة والأذى، وأن يضع بدل الإساءة إحساناً ومكان الغضب عفواً وحلماً، فالمسلم في هذا الشهر يجب أن يعفو ويبدأ هو بالتسامح ليتحلى بأخلاق كريمة تدوم طوال العام. ويصر محمد شريف على تعليم أولاده قيمة التسامح طوال السنة، ويستغل الشهر الفضيل في تعزيز هذه القيمة، حيث يعمل على زيارة الأهل والأحباب، وينبذ الخلافات ويصفح ويعفو عن المتخاصم معهم، ويقول إنه يعمل بتعاليم الدين الإسلامي ويزرع هذه الخصال في نفوس أبنائه، مؤكداً أن رمضان ليس فقط صوم عن الأكل والشرب إنما شهر الصفح والعفو، وعلينا أن نحاول دائماً ألا يبقى في صدرنا أي غل أو حقد خاصة في الشهر الكريم، وأن نستغل هذه الفرصة للتسامي والتسامح. وتحاول فاطمة حسان «ربة بيت» أن تجعل من الشهر الكريم سفراً روحياً، حيث تعمل على زيارة الأقارب والجيران وتفض خلافاتها مع بعض الناس، من منطلق أن الإنسان خطاء وخير الخطائين التوابون، لذا يجب أن يكبح الإنسان غضبه طوال السنة، ويستغل الشهر الفضيل لطلب التسامح مباشرة من الناس، وهذا الأمر يحقق الراحة النفسية لطالب العفو، كما يعلي من قيمته أمام الآخرين. راحة التسامح رغم بعض الصعوبات في طلب التسامح بعد خصام دام سنين طويلة يعتبر من المهام الصعب، إلا أن عبد القادر السعيد استطاع أن يحقق هذه المعادلة الصعبة، فقد بادر بزيارة أهل زوجته طالباً الصفح بعد خلافات سابقة أدت إلى الانقطاع، لذا يشعر براحة نفسية بعد هذه البادرة التي أزاحت هماً أرق حياته مدة طويلة. وعن هذه الفترة يقول: مزاجي متقلب ولا أستطيع منع غضبي، وفي يوم نشب خلاف بيني وبين زوجتي تدخل على إثره أهلها، فلم أحترم هذا الجمع ونتج عن ذلك خروجي من المكان على غير رغبتي، فعشت تحت ضغط نفسي كبير، وحاولت أن أصلح الموضوع بشتى الطرق، ولم أفلح إلا في شهر رمضان، حيث يكون الناس مؤهلين للتسامح ويتمتعون بروح عالية، ومن يومها شعرت بحمل ثقيل ينزاح من على قلبي. وعن قيمة التسامح من الناحية التربوية والدينية وانعكاسها على المجتمع وعلى الأفراد أنفسهم، يقول أشرف العسال استشاري أسري، إن الإنسان يجب أن يستمد قيمه من الشهر الكريم الذي يطلق عليه شهر النور والرحمة والتسامح، فصوم رمضان قرنه الله بقيام الليل والتسامح والتصافي، حتى يرفع صومنا وصلاتنا إلى الله وهو راض عنا. شريك الحياة وأوضح أن التسامح بين الأزواج له صور عديدة منها: التغاضي عن الهفوات والصبر على شريك الحياة والتعاون على تحمل المسؤوليات، وشدد على ترجمة قيمة التسامح في البيت خلال التجمع حول مائدة الإفطار ونبذ الخلافات. ويضيف: «لا نريد أجواء الجفاء بشهر القرآن، بل تجمعوا وتآلفوا وانسوا الخلافات، وأدخلوا السرور على أبنائكم بتجمعكم على السحور والفطور واجعلوا الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، أعيدوا فرحة اجتماع العائلة الكبيرة برمضان مع الجد والجدة والأولاد، الأخت والأخ والعم والخال، نريدك أيها الزوج الفاضل أن تسامح أهل زوجتك وتبارك لهم قدوم رجب وشعبان ورمضان، أريدك أيتها الزوجة الكريمة أن تستسمحي أم زوجك وتطلبي رضاها، فاجعلي من رمضان بداية خير وحب وتسامح». ويؤكد العسال أن المبادرة بالتسامح تريح المتسامح نفسه وتجعله يشعر بالرضا، وبلذة الصوم والعبادة، وينصح بأهمية التحلي بالكرم والابتعاد عن البخل، سواء من الناحية المادية أو العاطفية، ونبذ الخلافات وتعنيف الأطفال واحتوائهم بكل حب وود ورحمة. التسامح بالإنفاق وربط العسال التسامح بين المطلقين بأهمية الإنفاق على الأسرة، وعدم التقصير في تغطية مصاريف «المطلقة» والأبناء، حيث يعتبر الإنفاق والإحسان المادي للزوجة والأبناء بعد الطلاق من أجمل صور التسامح، وشدد على أهمية تجنب الرجل لظلم زوجته السابقة وأبنائه، مع قدوم رمضان، فذلك يزرع البركة في المال والصحة، ومن صور التسامح الجميلة ألا تحرم الأم.. الأب من رؤية أبنائهما المحضونين، وألا تحرضهم عليه ولا تشوه صورته أمامهم حتى لو بدرت منه بعض الأخطاء وألا يستخدم الأب المحضونين عيوناً على أمهم بنية معرفة أخبارها للوقيعة بها بغرض إسقاط الحضانة. التسامح والتربية وعن قيمة التسامح من الناحية التربوية يقول الأستاذ المشارك محمد سعيد رئيس قسم التربية بجامعة الحصن إن من أهم الأبجديات التربوية في تعديل السلوك الإنساني توفير المناخ الإيجابي، الذي يدفع للترقي السلوكي، سواء في التخلي عن الصفات السلوكية غير المرغوبة أو التحلي بالصفات السلوكية الراقية. ولفت إلى أن رمضان فرصة للتحلي بمكرمة التسامح، ومناخ مشجع للتدريب الأخلاقي على الارتقاء بالسلوك الإنساني، مشيراً إلى أن التسامح من السلوكيات التي تستحق التوقف عندها طويلاً، فهو من الخِصال التي أكد عليها الإسلام ونبه إليها، وشجع على التحلي بها، ومن أوجه الرقي في التسامح أنه سلوك يتضمن تنازلاً عن حق الإنسان في الانتقام لنفسه، لاسيما القادرين عليه، فتنصاع بالتسامح نفسه وتنقاد إليه وتطيعه، ولذلك فالمتسامح قوي النفس شديد الإرادة. صحة نفسية ويشير محمد سعيد إلى أن قيمة التسامح تنفع المتسامح وتريحه، وأن هذه القيمة تورث صاحبها النقاء الداخلي والشعور بالرضا والتدريب الرمضاني على هذه القيمة الإنسانية العالية يشحذ الطباع الأصيلة في النفس، ويكسبها الهدوء والأناة والنقاء، ويورثها ثقة كبيرة، فالارتباط وثيق بين ثقة المرء في نفسه وبين أناته مع الآخرين وتجاوزه عن خطئهم. وقال: من عجيب ما قرأت أن إدارة الشرطة بإحدى المدن الأميركية وجهت نصيحة تستحق التنويه في هذا السياق، فقد نصحت الناس بالآتي: «إذا أساء إليك بعض الناس، فلا تحاول الاقتصاص منهم، فإنك إذْ تُبيّتُ الانتقام منهم تؤذي نفسك أكثر مما تؤذيهم»، وهم محقون في ذلك كما يقول علم النفس، فرغبة الانتقام تعصف بمشاعر صاحبها، وتكسبه الغل والحقد والحسد، ومن هذا المنطلق تجلى حث الإسلام على التسامح حرصا على الصحة النفسية للمسلمين، وكلفهم بالصيام رغبة في الوصول إلى التقوى والتي تحمل معنى تزكية النفس والارتقاء بها. موزة الشامسي: حلاوة الإيمان أكدت الواعظة موزة أحمد مشاري الشامسي أهمية قيمة التسامح ومرودها النفسي من الناحية الدينية، وتقول إن من أعظم ما يميز شهر رمضان المبارك عن غيره من الشهور أنه مدرسة للتقوى، فهو شهر يقبل فيه العباد على الله عز وجل بكل أنواع العبادات من صيام وصلاة وصدقة وإطعام الطعام وصلة الأرحام. وأضافت: هذه عبادات عظيمة جليلة يبنى عليها قبول كل الأعمال، وهي عبادة قلبية جميلة كفيلة بأن تجعل صاحبها سعيد الدارين تقياً نقياً، وتتمثل في التسامح والعفو، وفي هذا الإطار يقول الحق سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) سورة البقرة (183)، ويتكلم العلماء عن قاعدة عظيمة يسمونها (التخلية ثم التحلية) وهي أن تخلي قلبك وتنقيه من الشحناء والبغضاء وسوء الأخلاق تجاه الآخرين لتشعر بعدها بحلاوة الإيمان، وهذا ما نحتاج إليه في هذا الشهر الفضيل لنشعر بحلاوة الصيام والقيام والصدقة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©