الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العرب مازجوا بين طريقتي المصريين والبابليين الشمسية والقمرية «التقويم في النقوش العربية الجنوبية»... قراءة في تقسيمات الزمن

العرب مازجوا بين طريقتي المصريين والبابليين الشمسية والقمرية «التقويم في النقوش العربية الجنوبية»... قراءة في تقسيمات الزمن
6 أغسطس 2009 00:08
في المناخ الموسمي لجنوب غرب الجزيرة العربية يكتسب الموسمان الممطران أهمية بارزة، ما دامت المحاصيل المسقية تعتمد على المياه التي يوفرانها، وحسب المعلومات التي وفرتها «كما يقول بيستون» البحرية البريطانية في كتاب «دليل جزيرة العرب». فإن أقل كمية من الأمطار الربيعية تتساقط في شهري آذار / مارس، ونيسان/ أبريل، وأكبر كمية من الأمطار الخريفية تتساقط في تموز/ يوليو، وآب / أغسطس/ وأيلول / سبتمبر، وفيما بين الموسمين يأتي شهرا حرارة الصيف وهما أيار / مايو، وحزيران / يونيو، بينما يغطي الموسم الشتوي الشهور الخمسة الباقية من السنة. وأهمية الموسمين أو الفصلين الممطرين في النقوش تميزها بوضوح الإشارات المتكررة إلى : دثا وخرف ـــــــــــــــــ الربيع والخريف سلمان كاصد ظلّت الأدبيات العربية الجنوبية تشغل الباحثين زمناً طويلاً، ومن الباحثين الأساسيين في نظام تلك الأدبيات المستشرق الإنجليزي أ. ف. «بيستون «1911 - 1955» الذي عاش 44 عاماً. قدم بيستون دراسات كثيرة في حقل قراءة النقوش اليمنية القديمة، وبخاصة ما يتعلق بالنقوش السبئية والمعينية والقتبانية. قرأ عدداً من النقوش منذ بواكير الخمسينات وبذلك كتب أطروحته هذه «التقويم في النقوش العربية الجنوبية» والتي رأت النور بعد وفاته عام 1956 وها هي الآن تصدر من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بترجمة سعيد الغانمي لتكشف عن الثقافة الفلكية لعرب الجنوب واهتمامهم بالمعرفة الكونية. أولاً لابد أن نشير إلى أن هناك عدداً من الباحثين العرب من وضعوا دراسات مهمة حول التقاويم العربية القديمة ويقف في مقدمتهم الدكتور أنيس فريحة في كتابه «أسماء الأشهر العدد والأيام وتفسير معانيها» عام 1988، لكن التقويم العربي الجنوبي لم يحظ منه إلا بـ «بصفحة واحدة» فقط، بينما «تجاهل» وجوده كلياً الباحث أكرم حسن العلبي في كتابه «التقويم: دراسة للتقويم والتوقيت والتاريخ» عام 1991. لنعد قليلاً ونقرأ أن اختراع الأسبوع «غالباً» يعود إلى البابليين حيث يقول المؤرخ سارتون» «إن هناك اختراعاً يعزى غالباً إلى البابليين، لكنه في الواقع ينسب لتاريخ متأخر وأقصد هنا اختراع الأسبوع، ومن الطبيعي أن الشهر القمري يدعو إلى تقسيمه مدداً أقصر تفصل ما بينها أوجه القمر، وكان البابليون يعلقون أهمية خاصة على اليوم السابع والرابع عشر والواحد والعشرين والثامن والعشرين من الشهر. فمثلاً كانت هناك أشياء محظورة على الملوك في تلك الأيام، وهكذا قسم البابليون الشهر أقساماً ثانوية، كل منها سبعة أيام، لكن هذه الأسابيع لم تكن مستمرة مثل أسابيعنا، بل تحتم أن يكون اليوم الأول من كل شهر هو اليوم الأول من الأسبوع الذي يقع فيه». من جانب آخر قسم المصريون القدماء الشهر إلى 3 أقسام أطلقوا على كل قسم منها اسم «ديكان DECAS» ولم يستعملوا التقويم القمري الذي اتبعه البابليون بل اختاروا تقويماً شمسياً. يقول سارتون «حاول المصريون حساب الزمن بواسطة القمر، لكنهم لحسن حظهم اكتشفوا مزالق هذه الطريقة قبل أن يربطوا عليها مواسمهم الدينية، ولذا سهل عليهم أن ينتقلوا عنها إلى تقويم شمسي، عدت السنة عندهم أولاً مقسمة إلى 12 شهراً وكل شهر منها ثلاثة دياكين «عشرات» وساوت السنة ستة وثلاثين ديكاناً، ولكنهم سرعان ما أضافوا إليها خمسة أيام أعياداً». أي بهذا المعدل «12 شهراً في 30 يوماً يساوي 360 يوماً هي أيام السنة أضيفت عليها 5 أيام لأعياد المصريين القدماء فأصبحت سنتهم 365 وهي ما اصطلح عليه بعد ذلك، في كل بقاع الأرض وما اتفقت عليه الحضارات المتعاقبة، ولكن تبقى فكرة الشهر الكبيس فكرة بابلية. وتطرق الغانمي إلى مسألة مهمة وهو أنه ترجم كتاب بيستون على وفق ما ورد من كتابة عربية جنوبية، مبتعداً عن تقريبها إلى لغتنا العربية المعاصرة وبذلك أبقى رسم الحرف العربي الجنوبي كما هو من مثل: عربي جنوبي عربي متأخر ذ ....................... ذو يم ....................... يوم الشهر «ورخ» الكلمة السائرة للتعبير عن الشهر هي «ورخ» وهي كلمة سامية قديمة كانت تعني في الأصل «القمر؛، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن العرب الجنوبيين كانوا في الحقب التاريخية الغابرة يستخدمون التقويم القمري استخداماً ثابتاً، تماماً كما لا يعني اشتقاق كلمة «MONTH» شهر في الإنجليزية من MOON القمر أننا نستخدم التقويم القمري الآن، كما ورد عند بيستون. الجانب الآخر أن التعبير السائد للأشهر في العربية القديمة هو «ورخ/ ذ (س):» السامية حيث تمثل (س) اسم الشهر المقصود المعين، لكن ترد بعض الحالات القليلة التي إما أن ُتحذف فيها «ورخ» أو كلمة «ذ». وهناك فرق طفيف في التعبير عن تاريخ القرارات والتشريعات: «ورخ / فتحن/ ومثبتن/ ذ نور» «شهر هذا التشريع والأمر هو ذنور» اما إذا تم تحديد اليوم في الشهر فيستخدم العدد الأصلي «واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة... إلخ» ولا يستخدم ترتيباً - الأول والثاني والثالث» مثل: «باربعم» ............ «في يوم أربعة» « بيوم / ثمنيمم»............ « في يوم ثمانية» التقاويم المحلية تختلف أسماء الشهور المتوافق عليها من مكان إلى آخر، فسبأ ومعين وقتبان وربما هرم وحضرموت أيضاً كان لكل منها قائمة بأسماء الشهور تختلف جزئياً عن الأخرى، لكن هناك قلة من أسماء الشهور مشتركة في أكثر من قائمة من مثل: «ذ دثا» ................... معين وسبأ «ذ عثتر» ................. سبأ وهرم «ذ سحر» ................. سبأ وقتبان «ذ أبهي» ................. سبأ «ذ أبهو» ................. قتبان والأخيران باختلاف الياء والواو وهما واحد. ويقول «بيستون»: بالإضافة إلى الاختلافات المحلية، فإن الفترة السبئية المتأخرة في القرنين الخامس والسادس بعد الميلاد شهدت تقديم أسماء شهور لم تكن معروفة في الفترات السابقة. الكتاب: «التقويم في النقوش العربية الجنوبية» ? المؤلف: أ.ف.بيستون ? ترجمة: سعيد الغانمي ? الناشر: هيئة أبوظبي للثقافة والتراث
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©