السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل تراجع الموقف الأميركي؟

5 أغسطس 2009 23:54
اهتزت خطوط الاتصال وهي تنقل خبرين متتاليين من واشنطن حول عملية السلام، واهتزت بالتالي غضباً المشاعر العربية التي سبق وأن تراقصت فرحاً بخطاب أوباما في جامعة القاهرة وإعلانه الجازم أنه سيعمل على تحقيق السلام وفق رؤية «الدولتين». لقد تشكك قليلون من المعلقين العرب في قدرة إدارة أوباما على فرض رؤيتها على حكومة «اليمين» الإسرائيلية الحالية ولم أكن بين المشككين ولابين المسلمين بقدرة الإدارة على فرض رؤيتها، بل جاءت مقالاتي هنا وفي مصر تحذر الرئيس من جعبة الألاعيب السياسية التي سيفرزها «اليمين» الإسرائيلي، ليتحاشى الصدام مع أميركا، وليمرر أهدافه في التوسع الاستيطاني وإجهاض «حل الدولتين». لقد بينت في وضوح أن مشاعر الترحيب العربي والإسلامي برؤية أوباما هي نتيجة للإعداد والتحضير، الذي قامت به مبادرة السلام العربية التي طرحت في بيروت 2002، والتي صاغت المعادلة المطلوبة في بساطة لتحقيق السلام الشامل والاستقرار في المنطقة، أنها معادلة انسحاب إسرائيل من الأرض المحتلة عام 1967 مقابل قيام جميع الدول العربية بالاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات طبيعية معها. لقد خاطبت إدارة أوباما مبينا أن من يحتاج خطاباً من الرئيس الأميركي هو الجمهور «اليميني» في إسرائيل، الذي يؤمن بأسطورة أرض إسرائيل الكاملة، وما يترتب عليها من ميول للتوسع في الضفة وفي الجولان. فهذا الجمهور، الذي أوصل معسكر «اليمين» للحكم هو الذي يحتاج إلى الوعظ حول أهمية السلام لمصالح الولايات المتحدة، ولمستقبل شعب إسرائيل واستقرار المنطقة. من هنا رحبت بالإشارات المبكرة حول احتمال قيام أوباما بإلقاء خطاب في إسرائيل موجه إلى اليهود في كل مكان ليحضرهم للسلام عودة إلى الخبرين اللذين يدعوانني للتساؤل حول تراجع الموقف الأميركي في عملية السلام، فإننا سنلاحظ أن المضمون الوارد فيهما ينم عن تأثر الإدارة الأميركية بإحدى ألاعيب «اليمين» الإسرائيلي، التي أشار إليها نتانياهو في خطابه في 14-6-2009 رداً على خطاب أوباما في القاهرة عندما طالب الدول العربية بالتطبيع المبكر، وإرسال بوادر إيجابية لإسرائيل. لقد جاء الخبر منسوباً إلى هيلاري كلينتون في مؤتمرها الصحفي الذي عقد في 31-7-2009 مع وزير الخارجية السعودي بواشنطن حيث قالت.. إن إدارة أوباما تريد من الدول العربية بمن فيهم أصدقاؤنا في المملكة العربية السعودية العمل معنا لإتخاذ خطوات لتعزيز العلاقات مع إسرائيل ولدعم السلطة الفلسطينية ولتهيئة الشعوب العربية للسلام المحتمل بين الفلسطينيين والإسرائيليين. الأمر الغريب في هذا التصريح أنه يتجاهل عملياً دور المبادرة العربية التي أجمعت عليها القمم العربية منذ 2002 في تحضير الشعوب العربية لفكرة السلام الشامل والعادل. والأغرب أنه يطالب القادة العرب بتقديم مزيد من التنازلات بدون مقابل، فإسرائيل قد تجاهلات المبادرة التي كانت تحلم بمثلها منذ إنشائها، ولم تقدم تعهداً مماثلاً للعرب بإعادة الأرض مقابل الاعتراف والتطبيع. إذن ما الذي يريده الإسرائيليون «اليمينيون» تحت عنوان «مبادرات حُسن النية» من العرب، وهو الذي تكرره الوزيرة كلينتون بعنوان جديد هو خطوات تعزيز العلاقات مع إسرائيل وتهيئة الشعوب العربية للسلام؟ هل يريد الأميركيون والإسرائيليون أن نقدم لهم علاقات طبيعية مقابل إجراء مؤقت ومرحلي متصل بتجميد الاستيطان؟ لقد سبق أن طلب التلفزيون الإسرائيلي هذا الأمر في حوار مع الرئيس المصري وكانت إجابته واضحة: أنكم أيها الإسرائيليون قد حصلتم من قبل على هذا التطبيع، ولم تقدموا مقابله شيئاً، فتراجع عنه العرب مضيفاً عليكم ألا تضعوا العربة قبل الحصان، فالسلام والانسحاب أولا وبعده يأتي التطبيع الذي قدمه وزير الخارجية السعودي على مطالبة كلينتون عندما قال إن مبادرات حُسن النية المطلوبة من العرب لن تأتي بالسلام، وأن المطلوب هو نهج شامل يضع الخطوط الأساسية للحل منذ البداية ويطلق فوراً المفاوضات على قضايا الحل النهائي. د. إبراهيم البحراوي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©