الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعليم الأميركي... «ناقوس خطر»

16 مارس 2011 21:48
يبدو أن جرس الإنذار بدأ يدق بشأن التعليم في الولايات المتحدة، إذ في الوقت الذي بات فيه التميز التعليمي في الصين أمراً واقعاً وإنْ كان جديداً، يبقى أن الأداء الضعيف للطلبة في أميركا ليس جديداً، بل يرجع إلى سنوات مضت، حيث احتل الطلبة الأميركيون المرتبة 31 في اختبارات الرياضيات العالمية، فيما جاء طلبة شنجهاي في المرتبة الأولى. والحقيقة أن أي مراقب لشؤون التعليم سيدرك سريعاً أن الولايات المتحدة تخلت عن مكانتها كرائدة للموهوبين والمتميزين منذ فترة، وهو أمر يدعو إلى القلق ويحث على استنهاض الهمم وتعبئة جميع الجهود، ولم يكن غريباً أن يُطلق وزير التعليم الأميركي، "آرن دونكان"، على الحالة المؤسفة التي وصلها الوضع التعليمي الأميركي بـ"ناقوس الخطر" في محاولة لقدح التزام الأمة بمجالات العلوم والرياضيات. وإنْ كـان هـذا التحذير قديمـاً ويرجــع إلـى سنوات خلت، وتشمـل أزمـة التعليم الحالية في أميركا الأداء الضعيف للطلبة على المستوى الوطني كما تهم العدد الضئيل من الطلبة الأميركيين الذين يحققون إنجازات تعليمية مهمة ويصلون إلى مستوى التفوق. والمشكلة أن الجهود السابقة التي بُذلت لرفع المستوى التعليمي للطلبة أنها صبت المال والجهد كله على الارتقاء بالطلبة لبلوغ المستوى المتوسط فيما أغفلت نهائياً الطلبة الموهوبين، ولم تعمل على رعايتهم، والحال أن النهوض العام بمستوى التعليم والأداء الطلابي، لن يتأتى ما لم نستهدف أفضل طلابنا ونتولاهم بالرعاية وصقل مهارتهم بدلاً من الاهتمام برفع المستوى المتوسط للطلبة. وعلى مدى الأعوام السابقة دُبجت المئات من الصفحات، وأعدت تقارير لا تحصى لجرد مشاكل التعليم في أميركا والخروج بتوصيات، وفقط خلال الأسبوع الماضي أصدرت لجنتان حكوميتان تقريرين يتضمنان حلولاً لإعادة أميركا إلى سابق مكانتها التعليمية. وقد طرح تقرير مجلس المستشارين حول العلوم التكنولوجية والهيئة الوطنية للعلوم مجموعة من التوصيات تشمل تحسين طرائق التلقين في المدارس وإقامة مدارس خاصة يبلغ عددها ألفاً تحصر اهتمامها بالرياضيات والعلوم والهندسة والتكنولوجيا. هذا بالإضافة إلى محاسبة المدارس على أداء طلابها، ومع أنه لا يمكن التشكيك في جدوى وأهمية هذه التوصيات، فإن ما ينقصنا هو خطة عمل واضحة لتطبيق التوصيات على أرض الواقع وتحويلها من مقترحات نظرية إلى إجراءات عملية. وللحيلولة دون تعرضها للإهمال على الرفوف وأدراج المكاتب أضع مجموعة من الخطوات العملية الكفيلة بإخراج أميركا من وضعها المتدني في الأداء التعليمي: أولاً يتعين إحياء روح الابتكار، فلحظة "سبوتنيك" الأميركية، التي تمكنت فيها من الوصول إلى القمر لم تكن مجرد خطابات ووعود فارغة، بل كانت التزاماً حقيقياً بتطوير التعليم في أميركا، والتركيز على الرياضيات والهندسة من خلال رصد الإمكانات المادية والتعرف إلى الطلبة المتميزين في تلك المواد وشحذ مهاراتهم. واليوم نحن في حاجة مرة أخرى إلى رصد الطلبة الموهوبين، والدفع بهم إلى الأمام في مواد الرياضيات والعلوم؛ وفيما يتعلق بمحاسبة المدارس وتقييمها، فإنه يتعين التركيز ليس فقط على إيصال الطلبة إلى مستوى المتوسط وضمان استكمالهم للدراسة في ظروف جيدة، بل يتعين محاسبة المدارس أيضاً لو قصرت في تطوير الطلبة المتميزين، بحيث يتعين على المناطق التعليمية المختلفة استخدام الوسائل والطرق العلمية الحديثة لرصد الطلبة الموهوبين وتتبع مسارهم حتى الوصول إلى الجامعة، ويمكن القيام بذلك من خلال تصميم مناهج خاصة بهم وإخضاعهم لبرامج مكثفة تستهدف قدراتهم المتطورة مقارنة بالآخرين. وفي هذا السياق، يتعين البحث عن الموهوبين بين الأقليات وغير المحظوظين من الذين يعانون ظروفاً اقتصادية ضاغطة، فقد أثبتت التجربة أن الاهتمام يكاد ينصب حالياً على مدارس الطبقة الوسطى في أحيائهم بضواحي المدن، فيما تعاني المدارس في المناطق الريفية وداخل المدن من التهميش, ولا بد هنا من القطع مع الفكرة الخاطئة التي تجعل من الفقر والأداء التعليمي الضعيف مرادفين لأن التجربة تقول إن الفقراء قادرون على التفوق والتميز على أن تلعب الدولة دورها في الأخذ بيدهم من خلال المنح والبرامج التعليمية الخاصة التي تسمح لهم بدخول الجامعات. وكمرحلة أولى يمكن للمناطق التعليمية المختلفة البدء في حصر المدارس الفقيرة ومدها بالإمكانات اللازمة، بالإضافة إلى التعرف على الموهوبين سواء بين الأميركيين من أصول أفريقية، أو الذين ينحدرون من جذور لاتينية. وإذا لزم الأمر إرسالهم إلى الجامعة على نفقة تلك المناطق، وهو ما يرجعنا إلى الدور الكبير للحكومة الفيدرالية، فما لم تضطلع واشنطن بدورها، وتلتزم بتطوير التعليم في المدارس الأميركية سيبقى أداؤنا على الصعيد العالمي متدنياً، ولا يليق بمكانة أميركا. ويبدو أن الإدارات الأميركية بدأت تعي أهمية التعليم، وخاصة في مجالات الرياضيات والعلوم، للحفاظ على التفوق الأميركي سواء في المجال الاقتصادي، أو العسكري. وقد كان لافتاً في هذا السياق إشارة أوباما في خطاب سابق له إلى إعادة إحياء "لحظة سبوتنيك" الأميركية، التي أوصلت أول إنسان إلى سطح القمر بعدما كاد الاتحاد السوفييتي يسبقنا إليها، فهل نترك أميركا تتخلف عن الركب فيما رهان المستقبل يرتكز على تلقين العلوم والرياضيات، أم أننا سنستجمع كل إمكاناتنا ونسخرها للحفاظ على قدرتنا الابتكارية؟ آن روبينسون رئيسة الجمعية الأميركية للأطفال الموهوبين وأستاذة بجامعة أركنساس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©