الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سِنام».. مهندسة العلاقات الكردية - الأميركية

11 يونيو 2016 23:27
للوهلة الأولى، لا يبدو على «سِنام محمد» ما يوحي بقوة تأثيرها على الدور الذي تلعبه أميركا في الحرب الدائرة في سوريا. لكن مدرّسة اللغة الإنجليزية السابقة، ذات الوجه الرقيق، ذاع صيتها مؤخراً عندما لعبت دور حلقة الوصل بين إدارة أوباما وأكبر فصيل كردي يحارب إلى جانب جنود الوحدات الأميركية الخاصة للإطباق على المعقل الرئيس لتنظيم «داعش» الإرهابي في مدينة الرقّة السورية. وعندما التقيتها في إحدى ضواحي واشنطن هذا الأسبوع، قالت لي إنها طالبت الحكومة الأميركية بالاعتراف رسمياً بإقليم فيدرالي منفصل للأقلية الكردية في شمال سوريا باسم «كردستان سوريا». وباعتبارها «وزيرة الخارجية» غير الرسمية لهذا الإقليم، قالت لي إن اهتمامها الآن هو لبناء علاقة استراتيجية مع واشنطن. وحتى الآن، تبدو مهمة «سِنام» لإقامة هذه العلاقة، غير واردة في حسابات السياسة الخارجية الأميركية، لأن المليشيا التي تقف وراء فكرة تشكيل الإدارة السياسية لـ«إقليم كردستان سوريا»، وهي «وحدات حماية الشعب الكردي»، ذات علاقة وثيقة بحزب العمال الكردستاني المُدرج ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في كل من الولايات المتحدة وتركيا. وكان «روبرت فورد» الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في سوريا بين عامي 2011 و2014 قد أخبرني، عندما كان على رأس عمله في دمشق، بأن سياسة الولايات المتحدة تقضي بتجنّب الاتصال بوحدات حماية الشعب، بسبب تلك العلاقة. وقد بدأت الأمور بين «إقليم كردستان سوريا» ووحدات حماية الشعب الكردي تتغير في 2015 عندما صرف البنتاجون النظر عن برنامجه لتدريب وتسليح الثوار المعارضين لنظام الأسد، وتنفيذ «داعش» لهجمات إرهابية في أوروبا. وقالت لي «سِنام» إن الاختراق الأساسي لهذا الواقع حدث في يناير الماضي عندما قدمت طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الغطاء الجوي لقوات حماية الشعب الكردي التي تقاتل «داعش» في مدينة كوباني. وأضافت: «لقد تميزت مقاومة شعبنا بالقوة، والعزيمة على الصمود. وفي ذلك الوقت، ساعدتنا الولايات المتحدة عن طريق الضربات الجوية، لكنها لم تزوّدنا بالأسلحة». ولم تبدأ إدارة أوباما بتسليح مليشيات وحدات حماية الشعب الكردي إلا بعد أن أعلنت عن تحالفها مع بعض الوحدات العربية المقاتلة لتشكيل «قوات سوريا الديمقراطية». وقدمت لها الولايات المتحدة أول شحنة من الذخائر خلال فصل الخريف الماضي. ومنذ ذلك الوقت، بدأت العلاقة بين الطرفين في التحسن. وفي فبراير الماضي، سافر «بريت ماكجورك»، المبعوث الأميركي إلى «إقليم كردستان سوريا»، والتقط له الصحفيون صوراً ظهر فيها وهو يقف بجانب قائد وحدات حماية الشعب الكردي. وقدّرت «سِنام» عدد أفراد القوات الأميركية الخاصة التي تحارب إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية بنحو 200 ضابط وجندي. لكن وجودهم أثار مشكلة دبلوماسية مع تركيا وخاصة عندما نُشرت على مواقع الإنترنت صور لجنود أميركيين وهم يرتدون الملابس العسكرية الموحدة الخاصة بوحدات حماية الشعب الكردي. وقالت لي سِنام: «لقد أدرك الأميركيون أن القوات الوحيدة التي يمكنهم الاعتماد عليها هي قوات سوريا الديمقراطية. وسبق لهم أن اختبروا التعامل مع الجيش السوري الُحر، وأنفقوا ملايين الدولارات في هذا المسعى، لكن هذه الجماعات انضمّت إلى جبهة النصرة بمجرد دخولها سوريا». ومعلوم أن هذه الجبهة تابعة لتنظيم «القاعدة». ويعترض كثير من قادة المعارضة السورية على هذا التوصيف للأحداث. وخلال الشهر الماضي، وضمن فعاليات مؤتمر نُظم في أوسلو، قال لي عبدالعزيز حمزة الذي يرأس منظمة غير حكومية تسعى لفضح الممارسات الوحشية لـ«داعش» في الرقّة، إن الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لمليشيات حماية الشعب الكردي «مُخزٍ»، وأضاف: «إنهم يرتكبون الكثير من الممارسات الشنيعة بحق المدنيين، ويجبرون الأطفال على الالتحاق بصفوفهم والقتال إلى جانبهم». وحدّثتني «سِنام» عن انتهاكات حقيقية تمارسها قوات حماية الشعب الكردي، لكنها عبرت عن اعتقادها بأنها مجرد مجرد حوادث ظرفية ومعزولة. وتعقيباً على هذه التطورات، قال «روبرت فورد» إنه لا يعارض تحسين العلاقات مع «إقليم كردستان سوريا» ولا مع وحدات حماية الشعب، لكنه قلق لأن إدارة أوباما ترى أن هذا التعاون يمثل «الرصاصة السحرية» من دون أن تأخذ بعين الاعتبار طبيعة العلاقات الإثنية القائمة على الأرض. *كاتب أميركي متخصص في السياسات الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©