الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

قمة الكويت ومأزق الخروج من عنق الزجاجة!

قمة الكويت ومأزق الخروج من عنق الزجاجة!
22 مارس 2014 00:28
القاهرة (الاتحاد) - قضايا شائكة ومعقدة تطل برأسها على القمة العربية المقرر أن تنعقد في الكويت الثلاثاء والأربعاء المقبلين. وبجانب الأجندة التقليدية المدرجة على جدول الأعمال المتعلقة بمناقشة الأوضاع في كل من فلسطين وسوريا، تبحث القمة حزمة من القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة وتصطدم فرص البحث عن حل لها بخلافات الزعماء العرب، لاسيما مع سحب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين سفراءها من قطر التي تشهد ومصر حالة من القطيعة بسبب مواقفها من دعم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية. وفي الوقت الذي كانت تتطلع فيه المنطقة إلى مزيد من الوحدة والتكامل والتعاون والبحث عن حل للأزمة السورية في عامها الثالث، إلا أن بعض المراقبين يضعون آمالاً على القمة في مواجهة هذه التحديات على الصعيدين الإقليمي والدولي، والتركيز على موضوع الأمن وضرورة الحفاظ عليه داخل المنطقة العربية. الخلافات العربية يشير محمد العربي وزير الخارجية المصري الأسبق، إلى أن قمة الكويت ستبدأ من حيث تصاعدت الخلافات العربية، بمعنى أن الجلسة الافتتاحية ستبدأ بكلمة من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حول تنقية الأجواء المشحونة بين الأطراف العربية المختلفة سياسياً، لكنه لن يترك الكلمة لأي من قادة الدول، حتى لا تتحوّل الجلسة إلى مشاحنات وتبادل الاتهامات وتراشق الألفاظ، ويؤكد أن القمة ستبدأ بالوضع الإنساني في سوريا التي مزقتها الحرب، وإمكانية تضافر الجهود العربية لإدخال مساعدات إنسانية. ويتابع «الكويت ستناشد المجتمع الدولي، وخاصةً مجلس الأمن الدولي بمضاعفة الجهود، بعد أن أصبح غير قادر على وضع حد لهذه المأساة الإنسانية بالإضافة إلى أن القمة لن تتجاهل ملف العلاقات الخليجية مع إيران، بعد التوصل لاتفاق تاريخي بين طهران والقوى العالمية بشأن برنامجها النووي المثير للجدل، بعد انتخاب حسن روحاني الذي يعتبر أكثر اعتدالاً من سلفه أحمدي نجاد. ويشكك العربي في توصل قمة الكويت إلى نزع الخلافات العربية، نظراً لوجود إشكاليات عربية تتعلق بدعم جماعة الإخوان المسلمين. رسائل إيران ويتطرق السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إلى رسائل إيران التي ستبعثها لجميع دول القمة العربية، كونها تريد التواصل مع مجلس التعاون، ونزع مخاوف دول مجلس التعاون الخليجي من السلاح النووي الإيراني، ويقول «مؤخراً كانت هناك جولات لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف زار خلالها أربع دول من أعضاء مجلس التعاون، بهدف فتح صفحة جديدة في العلاقات مع طهران، وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص يبدو أنها ستظل متشككة في نوايا إيران حول منطقة الخليج، إلا أنها لن تمانع في مواربة العلاقات الدبلوماسية والسياسية قليلاً، بخطوط حمراء وبضمانات سياسية، بالإضافة إلى أن الشيخ صباح الأحمد أعرب عن ارتياحه في وقت سابق لاتفاق جنيف المؤقت بين طهران والقوى الدولية. ويضيف هريدي «بالتالي لن يترك أمير الكويت هذا الملف يمر في قمة بلاده قبل أن ينجح في عقد اتفاق من شأنه أن يدفع بهذا التوتر بعيداً عن المنطقة»، لافتاً إلى أن القمة العربية سيكون محور اهتمامها اقتراح السعودية لرفع مستوى دول مجلس التعاون إلى اتحاد كونفدرالي وهي الدعوة التي سبق أن اقترحتها الرياض عام 2011، لكنها قوبلت بالرفض من سلطنة عُمان علناً، وهددت بالانسحاب من مجلس التعاون». ويرى أن قطر هي الأخرى سترفض هذا المقترح السعودي، لوجود خلافات سياسية بين البلدين، كون الدوحة ومسقط يتمتعان بعلاقات جيدة مع طهران، وتريد كل دولة أن تنأى بنفسها عن اتحاد بقيادة السعودية والذي يغضب إيران التي أصبحت قوة إقليمية منافسة. منعطف حاسم غير أن نتائج قمة الكويت ستكون بمثابة منعطف حاسم في تاريخ العمل العربي المشترك، في رأي محمد فراج خبير العلاقات الدولية، الذي يقول «إن الشعوب العربية ستنتظر بشغف القرارات الهامة التي ستصدر باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من البيان الختامي الذي سيؤثر على التنمية، ومصالح شعوب دول مجلس التعاون الخليجي، ويتوقع تجاهل أمير الكويت الخلافات العربية المشتركة عن الجلسات الرئيسة، على أن تُحل داخل الأبواب المغلقة، أو على هامش القمة، نظراً لأن الحديث العربي في القمة سيدور في فلك الإخوان المسلمين». ويقول «لكن أعتقد أن السعودية ومصر والإمارات والبحرين سترفض جميعها أن تتحوّل قضايا الأمة إلى مناقشة حول جماعة إرهابية»، ويتابع «القمة تأتي في توقيت صعب للغاية مع تطور الأوضاع في المنطقة، لكن قرارات قمة الكويت سيكون لها أثر إيجابي على التنمية، شرط المصالح والأمن والاستقرار للشعوب العربية»، مؤكداً أن القمم العربية طوال تاريخها لديها قضايا ثابتة، مثل إيران التي كانت وستظل حاضرة دائماً على جدول الأعمال بدرجات متفاوتة، وأيضاً القضية الفلسطينية التي أصبحت هامشية في حديث قادة الدول، وبالتالي فإن قمة الكويت ستبدأ بكيفية تفعيل قرار عربي موحد بمكافحة الإرهاب، خاصةً وأن القاهرة والرياض تمتلكان قراراً موحداً حول جماعة الإخوان المسلمين، وتريدان المضي به قدماً للقضاء على جميع الحركات التي تشكل تهديداًَ للمنطقة العربية، ومع ذلك ستكون قضية الإخوان محوراً رئيساً لعدم نجاح القمة العربية في الكويت، وتصاعد الخلاف العربي مجدداً. تحديات سياسية وفي سياق متصل يشير محمد السعيد إدريس رئيس وحدة الدراسات العربية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن قمة الكويت تواجه تحديات سياسية تعرقل اتخاذ قرارات أو تسويات يمكن إنجازها مستقبلاً، خاصةً في ظل هموم عربية مستجدة ومتسارعة، بعد التغريد القطري بعيداً عن المنظومة العربية، والتي خلّفت سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من دولة قطر، بالإضافة إلى أن الهموم العربية التي ستبدأ بها قمة الكويت أعمالها كثيرة ومتنوعة لعل أبرزها الأزمة السورية، والصراع السوداني، والقضية الفلسطينية، والتحديات اللبنانية، وحرب مصر على الإرهاب، وغيرها من الملفات الساخنة التي تعيق نجاح أي قمة عربية، نظراً لوجود اعتقادات أن دولاً عربية تقف وراء تصاعد هذه النزاعات في الدول المشار إليها سلفاً. ويوضح أن العبرة ليست في مناقشة هذه الملفات أو كيفية إيجاد حلول نمطية وتقليدية كعادة هذه القمم، ولكن العبرة في التوافق على قرار موحد يلتزم به الجميع، لكن للأسف الآمال المعقودة عل قمة الكويت سيتم تأجيلها إلى القمة التالية وما سيتبعها إلى قمم قادمة، ويرى أن تأجيل الخلافات السياسية الحالية وخاصةً بين الدول العربية وقطر التي ترعى الإخوان المسلمين، سوف يساهم في تصاعد الخلافات العربية إلى حالة من الفوضى في المستقبل، كما ستخلّف انقساماً عربياً لا يمكن إصلاحه، وهناك بعض القوى العظمى تعمل على التفرقة بين الدول العربية. حوار مفتوح وفي رأي نادية مصطفى أستاذة العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن القمة العربية ستفتح أبوابها للحوار حول جميع القضايا العربية العالقة، خاصةً وأن العلاقات القطرية مع جميع الأطراف واضحة، فالجميع يعرف مواقف الدوحة من الإخوان المسلمين، أو حركات المقاومة في العالم العربي، أو حتى الأزمة السورية، بالإضافة إلى أن البعض يتحدث عن دعم قطر لجماعة الحوثي الشيعية في اليمن، وتتوقع أن قمة الكويت ستعالج اختلاف وجهات النظر المختلفة مع قطر حول الملف المصري، نظراً لأنه لا يعدو كونه مجرد اختلاف في المواقف التي جعلت السعودية والإمارات والبحرين تقوم باستدعاء سفرائها من الدوحة. وتقول نادية «إن قمة الكويت لابد أن تنتهي بقرارات حاسمة توحّد الصف العربي ضد الأطماع الغربية، وتنهي الفوضى المنتشرة داخل الشعوب العربية، نظراً لأن القمة تأتي في ظرف ملتهب سياسياً وأمنياً في منطقة الشرق الأوسط، وأي طرف عربي سيغرد خارج السرب سيؤدي إلى اختراق غربي للأمة العربية، كما هو الحال الآن بين قطر من جانب والدول العربية من جانب آخر». وتؤكد على ضرورة تفعيل قانون عربي موحّد لمحاربة الإرهاب، وتسليم القيادات الإرهابية المتورطة في أعمال شغب وعنف ضد بعض الدول العربية، سيكون أول مرحلة لتفعيل العمل العربي المشترك. قرارات على الورق ويقول عماد شاهين أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، «إن اختلاف الأهداف السياسية أوسع فجوة التعاون بين الدول العربية، فلم تعد الدول تلتفت إلى خطورة التطبيع في كافة المجالات مع إسرائيل، بينما تقف منظمة التحرير الفلسطينية في منتصف الطريق حائرة رغم أن لديها رغبة في تعزيز جهود السلام لكن مع مرور السنوات تتعقد شروط المصالحة فيصعب تحقيقها». وفي رأيه أن القاهرة أكثر الدول فوزاً بقمة الكويت كونها تريد الحفاظ على علاقات متوازنة بين أميركا والعالم العربي، وبالطبع السعودية والإمارات ستكونان وراء دفع عودة العلاقات مجدداً لإعادة الاستقرار الإقليمي في المنطقة بعد عزل الرئيس محمد مرسي وإسقاط جماعة الإخوان المسلمين من الحكم، لافتاً إلى أن الشعوب العربية أصبحت لا تهتم كثيراً ببيانات القمم العربية التي تصدر من القادة في البيان الختامي، كونها قرارات ورقية «على حد وصفه»، تختلف في اللهجة والمضمون عن الواقع الذي تعيشه هذه الشعوب، ويشير إلى أن القادة العرب ربما أسقطوا الدولة الفلسطينية من حساباتهم السياسية، ولم يعد هناك سوى تعليق أو أسطر قليلة من كلمات القادة، فضلاً عن أن فلسطين لم تعد تتصدر جدول الأعمال الرئيس لأي قمة عربية. تلاشي القضايا الاستراتيجية ويرى عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التحدي الذي تفرضه قمة الكويت المرتقبة تضع عليها الشعوب العربية آمالاً كبيرة للخروج باتفاق عربي موحّد حول مكافحة الإرهاب، نظراً لأن هذا الاختلاف أعطى انطباعاً بأن العرب على استعداد لقبول فكرة «إسرائيل الكبرى»، حيث تلاشت القضايا الاستراتيجية من لائحة جداول الأعمال، مثل القضية الفلسطينية وهضبة الجولان المحتلة، وأصبح محور الاهتمام العربي ينصب حول بيانات ثانوية شكلية، مؤكداً أن الهدف الحالي وراء أي قمة عربية يكمن في تحقيق المنافع الدنيا للشعوب وتوفير بيئة مناسبة للاستثمار، واتخاذ كل ما هو ضروري لمواجهة الأخطار والتهديدات والتحديات الكبرى التي تواجه العالم العربي. وتابع: لا أحد يستطيع أن يتجاهل عمق الأزمة الهيكلية التي تواجه حالياً النظام العربي، لأنه في إطار جامعة الدول العربية أو القمم السابقة فإن الفشل أصبح جذرياً ومتأصلاً عندما يتعلق الأمر بالعثور على حل عادل للصراع الفلسطيني، وعلاوة على ذلك، أثبتت التجارب أن القادة العرب غير قادرين على تحقيق التماسك لمواجهة التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لمعظم الدول العربية، وهذا الضعف ـ كما يضيف جاد ـ فشل في إنتاج حلول غير تقليدية للمشاكل والتحديات التي تواجهها الشعوب العربية، على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولذلك فإن الأمل معقود على قمة الكويت المرتقبة للمصالحة «العربية»، أو على الأقل التوافق على إنقاذ الشعب السوري من الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها على مدار ثلاث سنوات. انقسامات وضغائن متراكمة وبدا جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، زاهداً في نجاح القمة المرتقبة في الكويت قائلاً بأن جميع اجتماعات القمة العربية السابقة أجهضت أحلام الشعوب العربية، مستنداً في ذلك على أسباب، أبرزها الاستعجال في ختام القمة دون معالجة جذور الخلاف أو تسوية الأزمة، كذلك التنازع على الزعامة العربية بين (مصر والسعودية وقطر)، وهو الأمر الذي يؤدي إلى خلافات وانقسامات في الآراء، ينتج عنها عرقلة مقترحات الآخر لتسوية نزاع ما، وأكد أن اختلاف العرب حول دعم المقاومة ضد إسرائيل، أصبحت محاولات غير محمومة، ويمكن القول إن بعض الدول العربية تحاول عزل معسكر المقاومة (لبنان وفلسطين) في محاولة لتهميش حزب الله اللبناني، وإضعاف القضية الفلسطينية، حتى أن البعض يحاول إقامة مناطق منزوعة السلاح على بعض أجزاء من فلسطين، بالإضافة إلى أن ما يحدث في الوقت الحالي من انقسامات «عربية» أصبحت عميقة الجذور على مختلف القضايا القومية في المنطقة، وبالتالي لم تعد الشعوب العربية قادرة على الحفاظ على الوحدة في بلدانها والتي هي حالياً على وشك الانقسام، وثبت أن العرب فشلوا عندما يتعلق الأمر باستخدام مواردهم. وتصف درية شفيق أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، الصراعات بين الزعماء العرب بالحرب الباردة، التي تكون بمثابة سبب رئيس في فشل لقاءات القمة العربية، وتشير إلى أن السلوك السياسي العربي يتسم دائماً بالعنف والتطرف عندما يتعلق الأمر بالخلاف بين العواصم العربية نفسها، بل إن هذا الخلاف يصل أحياناً إلى حد الصدام العسكري كما حدث بين مصر وليبيا عام 1977 ، وبين المغرب والجزائر في أكثر من مناسبة خلال فترة الثمانينيات، مؤكدة أن الخطاب العربي يتسم بالميل في توزيع الاتهامات والوصف بالعمالة والخيانة بين الدول العربية بعضها البعض، مع ما يمثله ذلك من أدوات نسف لأي اعتبارات للثقة يمكن افتراضها بين كل عاصمة عربية وأخرى، وهذا اللغط أدى إلى الشعور بعدم الثقة بين الدول، نتيجة الضغائن المترسبة والمتراكمة لدى الأنظمة والشعوب، لافتة إلى أن بعض الارتباطات للدول العربية مع دولتي الجوار العربي تركيا وإيران، كانت سبباً في عدم التوصل لاستراتيجيات عمل مشترك بين الدول العربية فيما يتعلق بقضايا مصيرية. (وكالة الصحافة العربية).
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©