الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المخترعون يهربون للخارج.. والجوائز تدخل المزاد

المخترعون يهربون للخارج.. والجوائز تدخل المزاد
5 أغسطس 2009 01:08
ترتسم في مشهد التعليم العالي اليمني صورة متدنية عن البحث العلمي والاهتمام به، لأسباب أهمها هجرة العقول اليمنية من خيرة الشباب المتخصص للخارج. إضافة الى ضعف الاعتماد الحكومي وعدم اكتراث القطاع الخاص بالبحوث والدراسات ذات الصلة بأنشطته. وتزداد حيرة الطلاب والدارسين من المتخصصين في طرق البحث العلمي فور علمهم أن المخصَّص لدعم البحوث العلمية في اليمن مع الجوائز المخصصة للباحثين لا يتجاوز 250 ألف دولار «50 مليون ريال يمني». ورغم هذه الصورة المتدنية تقول الحكومة اليمنية إن ثقتها لا حدود لها بأهمية التعليم العالي ببعده النظري وتجلياته التطبيقية المعززة بالأبحاث العلمية في النهوض بالواقع وفي الإحاطة بتحدياته، وتفسير ظواهره وتحولاته وصولاً إلى حل مختلف الإشكاليات المتولدة عن تلك الظواهر والتحولات إلى جانب إسهامه الأكثر أهمية في تجويد الحياة والارتقاء بها وفي تحسين سبل العيش، من خلال الرؤية العلمية والفكر المستنير وروح الابتكار والتطوير.. التفاصيل في سياق التحقيق التالي.. جهود ضعيفة بداية يؤكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور «صالح باصرة ضرورة توفير حياة معيشية كريمة وتهيئة الأجواء للباحثين لأجل تفريغهم للأبحاث العلمية، وقال إن صعوبة المعيشة في اليمن دفعت بهجرة كثير من العقول اليمنية إلى الخارج، الأمر الذي سيؤثر على اليمن ويجعلها من الدول المستهلكة دائما، خاصة في ظل اهتمام غربي بهذه العقول من كافة دول العالم الثالث. ويرى وزير التعليم العالي بأن جهود اليمن في مجال البحث العلمي لا تزال ضعيفة ولم تعط البحث العلمي أهميته. وأرجع باصرة الأسباب الى عدم وجود قطاع خاص يهتم بالبحث العلمي في وزارته أويقوم بتنظيمه، مؤكداً أن الوزارة في إطار استحداث هذا القطاع. مساومة باصرة الذي كان يتحدث عن اهمية البحث العلمي خلال إعلانه «فوز 210 باحث بجائزة الرئيس علي عبدالله صالح للبحث العلمي لعام 2008م»، وتم تكريمهم يوم الـ 30 من يوليو 2009م»، أكد أن الأجهزة المختبرية في الجامعات اليمنية لم تعد تصلح للبحث العلمي. وقال إن وزارة المالية ساومت وزارة التعليم العالي على نصف المبلغ الذي أقره مجلس رئاسة الوزراء لجائزة البحث العلمي للعام 2008 والمقدر بـ 100 مليون ريال يمني وطالبها برفع التمويل للبحث العلمي بدلاً من خفضه الى النصف. ودعا وزير التعليم العالي والبحث العلمي القطاع الخاص والإعلام إلى تمويل البحث العلمي وتعريف بأهميته والعمل على تشجيع الباحثين، مطالباً وزارته أن تبحث عن مصادر عديدة لتمويل الأبحاث العلمية. حصاد الأبحاث أما توجهات البحوث التي فاز بها أصحابها بالجائزة فقد كانت أغلبها في مجال البيئة والعلوم الزراعية والطبيعية، حيث حصل الدكتور «علي جمعان سالم» في مجال العلوم الطبيعية والرياضية على المركز الأول بمبلغ مليونين ريال، وحاز الدكتور «عبدالله ناشر مقبل» والدكتور «عبدالرحمن عبدالفتاح» في مجال العلوم البيئية والعلوم الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية على نفس المركز وبمبلغ مليونين ريال وكمبيوتر محمول. كما حصل 17 باحثاً على جوائز متفاوتة ما بين مليون و500 ألف و600ألف ريال مع أجهزة حاسوب محمولة. رئيس الوزراء اليمني الدكتور علي محمد مجور قال في حفل توزيع جوائز البحث العلمي إننا حريصون على الدفع بجهود البحث العلمي وتوفير كل الشروط والمقومات الكفيلة بتنمية ملكات وأدوات البحث العلمي على المستوى الوطني بما في ذلك تبني الأعمال المتميزة التي أظهرت التجربة التطبيقية نجاحها وأثرها المباشر على الواقع وصولاً إلى تغيير مفهوم الكم في التعليم الجامعي إلى الكيف والنوع. وضع هامشي ومن جانبه يقول الاكاديمي طارق أحمد المنصوب: «تعد مهمة البحث العلمي واحدة من أهم وظائف الجامعة إذ تعتبر أهم مؤسسة يمكن أن توكل إليها مهمة مواكبة التقدم العلمي عبر العالم، والعمل على تطويعه واستيعابه وإجراء أبحاث علمية ودراسات في مختلف ميادين المعرفة. ومن المفترض أن يحتل البحث العلمي قمة الأولويات اليومية للجامعات وأن يكون في مقدمة اهتمام عضو هيئة التدريس شأنه شأن التعليم أو التدريس». ويضيف: «على الرغم من استقطاب الجامعات للغالبية العظمى من حملة الشهادات العليا والكفاءات العلمية إلا أن وضع البحث العلمي والتقني لا زال هامشياً ولا يزال معظم تركيزها ينصب على التدريس، ولا ينطبق هذا الواقع على الجامعات اليمنية، فقط إذ أن وضع البحث العلمي والانتاج العلمي، في العديد من الجامعات العربية متشابه إلى حدٍ كبير. ويلخص المنصوب وبعض الباحثين الآخرين أهم الاسباب التي تقف وراء هذا الوضع الهش للبحث العلمي بعدم وجود نصوص واضحة في لوائح الجامعة تؤكد على تخصيص وقت «أو نصاب» للبحث العلمي ضمن أعباء وواجبات عضو هيئة التدريس. إضافة إلى صعوبة الأوضاع التي يعيشها عضو هيئة التدريس واضطراره للقيام باعمال اضافية خارج الجامعة وداخلها مما يؤثر على الوقت والجهد الذي يمكن ان يخصصه للبحث العلمي. فقر واضح ويوضح المنصوب أن البحث العلمي في الجامعات اليمنية، في مختلف العلوم، يعاني من فقر واضح في توفر القاعدة المادية المطلوبة لقيامه بالنشاط البحثي، ويذكر بعض الباحثين منها: نقص المختبرات والأجهزة اللازمة للبحث العلمي، وشحة المراجع والدوريات العلمية الحديثة، وتخلف خدمات التوثيق والمكتبات، وانعدام الخدمات العلمية والفنية وقلة الفنيين والمساعدين اليمنيين، وعدم توفر التسهيلات المرتبط بالنشر والطباعة للبحوث والكتب الأكاديمية، وغياب الحوافز التي تقدم لتشجيع البحث العلمي، وأخيراً ضعف العلاقة بين الجامعات والمؤسسات الوطنية، مما يؤدي إلى اتجاه مؤسسات الدولة والقطاع الخاص إلى طلب الاستشارة والخدمات من جهات خارج الجامعات في الداخل والخارج، وبالتالي فقدان الجامعات لأهم مصدر من مصادر التمويل الذاتي. عزلة مؤسساتية وفي دراسة قدمها الدكتور عبدالله الذيفاني لندوة الإصلاح والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في اليمن، التي نظمها المركز العربي للدراسات الاستراتيجية في بيروت مؤخرا، يؤكد «أن التعليم العالي يعاني من عزلة مركبة عن المجتمع والتجديد وأن عزلة مؤسسات التعليم العالي تؤدي إلى الإبقاء على محتويات برامجها التعليمية في عزلة عن متغيرات الواقع ومتطلباته في التغيير» وفيما يخص الإنفاق الحكومي يقول الذيفاني: «ميزانية التعليم العالي والبحث العلمي لا تشكل سوى نسبة ضئيلة من الميزانية العامة للدولة ويغيب البحث العلمي فيها جملة أصفار كسرية لا تعرف في دعم البحوث ولا في تمويلها رغم الإدراك النظري لمخاطر هذا الإهمال الذي تؤكد السنوات إصرار الحكومة عليه». ويضيف: «لا نلاحظ تحول نوعي يبشر بإحداث نقلة نوعية إلى دفع البحث العلمي إلى الأمام فمراكز البحوث والدراسات تعاني من أزمات حقيقية في تمويل برامجها ومشاريعها البحثية وموازناتها لا تتضمن بنوداً خاصة بالبحث العلمي إلى نهاية التسعينيات حيث حدث استثناء باعتماد 10 ملايين ريال سنوياً للبحث التربوي ضمن موازنة مركز البحوث والتطوير التربوية». ويشير: «هناك اهتمام واضح يظهر في بعض الجامعات بالبحث العلمي وشرعت بتأسيس مراكز للدراسات والبحث العلمي تأتي جامعة عدن على رأس هذه الجامعات وتحتوي على عدد كبير من المراكز المتخصصة في المجالات المختلفة تليها جامعة تعز ثم جامعة صنعاء وجامعة الحديدة، ولكنها بدايات ضعيفة وغير مؤسسة على قاعدة واضحة ورصينة الصلاحيات والإمكانيات». إعادة صياغة وتؤكد الدراسات المتخصصة في هذا المجال أن البحث العلمي غائب من خطط وبرامج الحكومة لتطوير التعليم الجامعي الذي يواجه الكثير من التحديات الخطيرة وتخلص إلى أن اليمن بحاجة إلى إعادة صياغة العلاقة بين الجامعات ومؤسساتها الوطنية وبخاصة مؤسسات القطاع الخاص على قاعدة أساسها الثقة في مخرجات الجامعات، وقدرة هذه الأخيرة على تقديم الدراسات والاستشارات العلمية التي تناقش المشاكل التي تواجهها تلك المؤسسات، وتنفيذ الدورات التدريبية والتكوينية لموظفيها، وإشراك القطاع الخاص في دعم المؤتمرات العامة والندوات التي ترتبط بمجالات عمل تلك المؤسسات، والأهم من ذلك مناقشة المشاكل التي يواجهها الطرفان وسبل حلها.
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©