الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ريم الخزرجي: الإتيكيت.. تذكرة لدخول المجتمع وعصا تطرق أبواب الذوق

ريم الخزرجي: الإتيكيت.. تذكرة لدخول المجتمع وعصا تطرق أبواب الذوق
5 أغسطس 2009 01:00
كثيرا ما ننزعج من سلوك يصدر عن أطفالنا ويوقعنا في حرج أمام الآخرين، فنبادر بشكل أو بآخر إلى ردع هذا السلوك بالتعنيف والتوبيخ وتهديده بعدم تكرار هذا التصرف مرة أخرى ، ولكن مع الأيام نجده قد عاد إلى عادته وسلوكه الذي تربى ونشأ عليه. مما يبقى الوالدين في حيرة في كيفية طمس السلوكيات السلبية وتحفيز الجوانب الايجابية ، وتعويد الطفل على حسن التصرف في جوانب حياته المختلفة الأمر الذي سيمنحه شخصية واثقة متزنة تتمتع بأخلاقيات سامية، وستكون آثارها واضحة عليه عندما يحظى بقبول واستحسان المحيطين به. لذا نجد الكثيرين يلحقون أطفالهم بدورات في فن الاتيكيت بغية اكتساب بعض المفاهيم في أصول التصرف والتعامل في المواقف المختلفة.. ولكن ما الدور الذي يلعبه الوالدان في تربية أطفالهم على الاتيكيت أو فن التصرف؟ هذا ما سوف تكشف عنه السطور التالية في حوارنا مع ريم الخزرجي مدربة اتيكيت وثقافة صحية.. صورة حسنة بداية تقول ريم: «الاتيكيت هو الذوق السليم الذي يدفع الفرد إلى أن يتعامل بطريقة صحيحة مع الأفراد والأشياء، أما بلغتنا العامة فالاتيكيت هو باب المعاملات والآداب والذوقيات وأسلوب حياة بشكل مباشر، والاتيكيت بالنسبة لي إنما هو تذكرة لدخول المجتمع، الذي ينطوي على المرء من خلال التعرف على نظم وأسس معينة يجب أن يسير عليها حتى يترك بصمة جيدة وصورة حسنة في نظر الآخرين، والتعرف على الأسلوب الأمثل للتصرف أمام الآخرين. وهناك العديد من الشركات تسعى دائما إلى تأهيل موظفيها في مجال الاتيكيت وكيفية استقبال الآخرين والمحادثة ولغة الجسد، وكيف ينتبه الإنسان إلى حركات جسده؟ فكل حركة إنما ترمز لأمور لا بد أن لا يصدرها الإنسان في حضور الآخرين بغية إيصال رسالة لأشخاص معينين، فهو يعتقد أنه لم يقم بسلوك خاطئ وإنما هذا الأمر يحمل رسائل ومضامين عدة قد يفسرها الآخرون بطريقة غير محبذة فلا بد أن يراعي الفرد اللغة المرئية التي يصدرها في حضور الآخرين. والإنسان الذي يتصرف بصورة لائقة يعطي صورة حسنة عن نفسه في الأماكن العامة وأمام الآخرين، وكل هذه السلوكيات إنما هي في الأساس مستمدة من شريعتنا الإسلامية التي يجب أن نتقيد بها، وسنجد آثارها بادية على سلوكياتنا وتصرفاتنا، ونظرا لدخول العديد من الجنسيات والثقافات في مجتمعنا فإن الأمر يؤثر بشكل مباشرة على نمط حياة وسلوك الآخرين. مجالات الإتيكيت وتشير الخزرجي قائلة: لنظام الاتيكيت بصمة في كل مجالات الحياة ولكن نحن دائما ما نركز في الاتيكيت على عدة أمور منها التعارف والتقديم، فالإنسان مهم جدا أن يمنح الآخرين حقوقهم المتوقعة منه، فدائما الأكبر سنا له مقام، والأم والأب لهم مقام، والشخصيات المهمة لها مقام أيضا. ثم اتيكيت المصافحة والسلام.. ونحن نعتقد أن هذا الأمر يفترض أن يكون تلقائيا ولكن نتيجة للانفتاح ودخول أمور كثيرة على المجتمع أصبح هذا الأمر غير موجود عند الكثيرين، فيجب تعزيز هذا المفهوم خصوصا عند الأطفال ، وهناك أيضا اتيكيت الموائد، وهو لا ينطوي عليه فقط أسلوب حمل الملعقة والسكين وإنما هو أكثر من ذلك ومتمثل في آداب تناول الطعام بشكل خاص، وكيفية المضغ وعدم إصدار أصوات أثناء الأكل، وعدم الحديث أثناء تناول الطعام. هذه الأمور يجب أن تُغرس في الأطفال منذ الصغر لتكبر معهم ويكون الأمر ملاصقا لهم فلا يستطيعون أن ينسلخوا منه ، وإذا لم يتعلم الطفل هذا الأمر وهو لا يزال صغيرا، فإنه سيقوم بسلوكيات تلقائية خاطئة حتى أمام الآخرين، لأن الإنسان دائما ما يقوم بعمل السلوك الذي اعتاد عليه. غرس الألفاظ الحسنة وتوضح الخزرجي قائلة: انطلاقا من سن الكلام يجب أن يعي الطفل مبادئ معينة في الاتيكيت بحيث يستطيع أن يتقبلها ويعيها، منها الألفاظ التي يجب أن تكون متداولة من قبل الوالدين مثل «لو سمحت وشكراً». ومن خلال دوراتي وجدت أن الأطفال المدللين من سن 7 و 8 سنوات رفضوا تماما تداول بعض الألفاظ عند طلب شيء معين مثل كلمة، لو سمحت، فهو غير معتاد نهائيا على سماع أو التلفظ بهذه الألفاظ في محيطه، وإنما اعتاد على تلبية الطلب بأمر من غير أن يبدي رغبته بالشيء ، فهو من منظوره الشخصي يراها كبيرة عليه فهو يتوقع أن الأمور كلها حق مكتسب له . اتيكيت المشي والجلوس وتستكمل الخزرجي حديثها حول اتيكيت المشي قائلة: نظرا لأهمية هذا العنصر فهو من الأمور الأساسية التي أركز عليها في العديد من الدورات التي أقدمها للأطفال والمراهقات، من خلال التركيز على بعض التمارين الخاصة في طريقة الوقوف ، والقامة السليمة المنتصبة ووضع القدم أثناء المشي ومقدار الخطوة في المشي، كل هذه الأمور إنما لها تأثير مباشر على صحة الإنسان، والذي ينعكس على مظهر الطفل والفرد بشكل عام. فضرورة أن نركز على طريقة جلوس الطفل أثناء مشاهدة التلفاز أو الجلوس على مائدة الطعام بطريقة مستقيمة مسنود بظهره على الكرسي، وأن يراعي المسافة المسموحة له على المائدة، بحيث لا يأخذ مساحة الآخرين ويعوق حريتهم أثناء تناول طعامهم ، وأن لا يمد رجله أثناء جلوسه مع الآخرين.. إنها أمور بسيطة يومية ضرورية، تبدأ من تعلم الطفل نظافته الشخصية، وقول صباح الخير للآخرين، وغرس فيه مبدأ التعاون ومشاركة الآخرين لألعابه. هذه الأمور إنما هي مفارقة تصنع الفرق، وتمنح الطفل صورة مثالية يعتز بها والداه. فتاة خجولة ولقد عرضت علي حالة لتدريبها على بعض مهارات الاتيكيت، وهذه الحالة كانت في عمر 15 سنة، وهي فتاة خجولة جدا.. هذا الخجل جعلها تتقوقع على نفسها، حتى أنه ظهر على بنيتها الخارجية، فيمكن مشاهدة الانحناء الواضح على ظهرها أثناء مشيتها وجلوسها، وهذا الخجل تزامن عندها مع ظهور مظاهر الأنوثة. فهي تحاول أن تغطي هذه العلامات بحدبة الظهر ، وهذه الفتاة متميزة في حياتها الدراسية وعلاقاتها مع الآخرين، وهنا أردت أن تكون أكثر ثقة بنفسها وأن تعتز بأنوثتها من خلال منحها بعض التمارين لتتخطي هذا الحاجز والذي استمر ما يقارب أربعين يوما، ووجدت أن هذه الفتاة لم تعد تلك الفتاة الخجولة المنزوية وإنما فتاة أخرى تمشي بكل ثقة وقامة منتصبة مما يشير إلى اعتزازها بنفسها . وهنا لا بد أن نغرس قناعة معينة في ذهن الفتيات اللاتي على مشارف البلوغ، وهي أن مظهرها الخارجي إنما يعكس صورة واضحة عن نفسها ، ونجد أن السلوكيات الخاطئة في المشي لها تداعيات وتأثيرات صحية ستطال الفتاة في الكبر حتى أن كثيرا من النسوة يشكين من مشاكل في الظهر. وهذا الأمر ليس وليد اللحظة وإنما هو نتاج سلوك لسنوات مضت ، ولكن يمكن تعديل هذه المظاهر من خلال تمارين معينة يومية تقوم بها المرأة للتخلص من هذه المشاكل . ودائما الجسد يكون عنوانا واضحا وصورة تعبر عن شخصية المرء، فعندما نلمح فردا يتميز بمشية منتصبة واستقامة واضحة وكلمات تخرج بطريقة قوية وواثقة، فهو دليل على أن هذا المرء الجالس أمامي شخصية متزنة وواضحة وواعية الطفل مرآة والديه وتؤكد الخزرجي قائلة: القدوة أساسية في محيط المنزل فالأبوان هما من يزرعان سلوكيات إما خاطئة أو إيجابية في أطفالهما، وهذا ما سينعكس على تعاملاتهم مع زملائهم والآخرين. وإذا كان الطفل يتسم بالعناد فمن الواجب على الوالدين محاولة وضعه مع أطفال يتسمون بمبادئ أخلاقية جيدة كمنحه فرصة اللعب معهم والاحتكاك بهم، فهذه الأمور شيئا فشيئا ستنعكس على سلوكه ويكون أكثر هدوءا وتقبلا للآخرين. ويجب ان يطبق مبدأ الحوار ثم الحوار ، في المنزل فالطفل ذكي ويفهم كل ما يدور حوله ، فلا بد أن يعامل الطفل على أنه إنسان مدرك وليس طفلا فهو ينصت ويتلقى حديث الوالدين، إذا كانت خالية من أسلوب التهديد والأوامر، ويتم تقديم التوجيهات بطريقة هادئة مفعمة بالحب والحنان فالطفل أكثر تقبلا لهذا النمط. كثيرا ما يشكو الوالدان من سلوك أطفالهم في الأماكن العامة أو في بعض الزيارات الاجتماعية والذي يوقعهم في إحراج أمام الآخرين ، فلا يمكن أخذ الطفل لبعض مجالس الكبار أو الزيارات الرسمية وتطلب منه الجلوس وعدم الحراك ، فهذا المكان ليس مكانه فالطفل بطبيعته لا يمكن أن يجلس فترة طويلة في مكانه، لأنه سرعان ما سيعبر عن انزعاجه ورغبته في العودة إلى المنزل فلابد من انتقاء المكان الذي سيؤخذ إليه الطفل بصحبة ذويه بحيث هو أيضا يجد متعته فيه. ولا ننسى تهيئة الطفل لبعض السلوكيات التي يجب أن يتقيد بها عند الخروج من المنزل ، فنحن لا نتوقع من الطفل ممارسات معينة تدور في أذهاننا، عندها نفاجأ بتصرفاته ، فهو أولا وأخيرا طفل سيتصرف بتلقائية ما لم يتم توجيهه قبل الخروج من المنزل . وترى الخزرجي أن الخصوصية أمر مطلوب في علاقاتنا الاجتماعية، ولكي يتعلم الطفل خصوصية الآخرين ويحترمها يجب أن يراعى خصوصيته هو بالدرجة الأولى، فتربية الطفل في المراحل العمرية الأولى ما هي إلا مرايا لتصرفات الوالدين وتقليد أعمى لهم فمن الواجب أن يتقيد الوالدان ببعض السلوكيات بعدم التلصص على الطفل ولا التفتيش في متعلقاته الشخصية ويجب نقر الباب والاستئذان قبل الدخول عليه. ثم يمكن أن تشاهد الآثار الايجابية على سلوك طفلك
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©