الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شادي فرج: صوتي في خدمة القضايا الإنسانية وليس لكسب العيش

شادي فرج: صوتي في خدمة القضايا الإنسانية وليس لكسب العيش
2 مايو 2010 20:34
يافاوي لم تر عيناه يافا، لاحقه لقب “خليفة العندليب الأسمر” منذ فوزه بالمرتبة الأولى في برنامج “زي النجوم” على تلفزيون دبي، فأداء الفنان شادي فرج المميز للراحل عبد الحليم حافظ أكسبه هذا الإرث، فتابع في لون الطرب الأصيل باحثاً عن الكلمة واللحن من دون أن يخرج إلى الصخب في الموسيقى التي درجت ولاتزال في الأوساط الفنية. منذ إنتاج فيديو كليب أغنيته “أغراب” وهو مطالب بالمزيد، ورغم مرور عام على صدورها لا تزال أغنية شادي فرج وحيدة في أذهان الناس، لمقاربتها موضوعاً إنسانياً يشكل كل يوم معاناة لأحد البلدان العربية، حين يضطر المرء بالقهر والقسر وربما بسبب البحث عن العمل، أن يحزم حقائبه ويمضي إلى البعيد. ويبدي فرج استعداده الدائم للمشاركة في الحفلات الخيرية التي تهدف إلى المساعدة في القضايا الإنسانية، ويحضر حاليا لحفلين خيريين في فرنسا. فوز ومحاكم يقول فرج”أشارك في بعض الحفلات التي تقوم بها جهات خيرية، ولم أمتنع يوما عن التبرع والغناء حين يطلب مني ذلك مباشرة ومن دون أي تردد. فأنا أقوم بذلك من مبدأ أنه عمل خيري، لذا وافقت على المشاركة في فرنسا”، ويضيف “المال لا يهمّني، وأنا لا أكسب دخلي المادي من الفن، عندي عملي الذي أقوم به، ولو أردت الغناء للتكسب بوسعي القيام بذلك، إنما اتبعت مبدأ عدم الغناء في أماكن السهر، وحتى الآن لم أقدم أي تنازل بعد وحتى لا أضطر لذلك، أوجدت لنفسي عملا أترزق منه، وفني بالنسبة لي ليس مصدر رزقي”. وعودة إلى البدايات، يشير فرج إلى ترعرعه وسط عائلة هوايتها الفن من دون احترافه، فنما وهو يحب أن يغني حتى قبل أن يلاحظ أحد قدراته وجمال صوته، إذ بعدها شرع بالمشاركة في الحفلات المدرسية، وهكذا كان الأمر مع حفلات الجامعة، غير أنه درس “سياحة وإدارة فنادق” وهوايته الرياضة، ونال بطولات في البلياردو والسنوكر، وشارك في بطولات عربية وآسيوية. وكما هي الحال مع كل شيء في العالم العربي، وجد أنه اكتفى من هذه الرياضة حين وجد أن ليس بوسعه التركيز عليها والعيش من خلالها في الوقت ذاته. في عمر العشرين، أتى إلى مدينة العين التي أحبها وأحب هدوءها، وفي هذه المرحلة تحديداً شجّعه الأصحاب على الاشتراك في برامج المواهب التي كثرت، فنال المرتبة الأولى في أحد برامج إذاعة “العربية” ليكتشف أن الشركات الراعية لا تفي بالتزاماتها لجائزة المرتبة الأولى وقرر الخوض في المحاكم لتحصيل حقوقه، وبعد عامين ونصف العام في محاكم دبي، تمكن من الوقوف أمام خمسة محامين وإثبات حقوقه فنال تعويضاً لم يكن بالنسبة له هو المهم بقدر من اهتمامه بإثبات حقه. يقول “تسعى بعض الشركات الراعية لنيل دعاية من خلال برامج عديدة وحين تحقق ما تريد تبدأ بالاقتصاد والتوفير وترجئ إيفاء وعودها التي بثت على الأثير واستمع إليها الملايين . وحين كانت جلسات المحكمة لا تزال تنعقد، وبتشجيع شارك في برنامج “زي النجوم” ولم يصل إلى نيل الجائزة الأولى إنما نال المرتبة الأولى في الحلقة المخصصة للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ. لاجئ دائماً عمل وحيد خاص، اعتنى فرج بتفاصيله إلى أن خرج إلى المستمعين بفيديو كليب مؤثر لالتصاقه بحياة كل مغترب، وعنوان الأغنية “أغراب” من كلمات الشاعر معن سلامة وألحان سمير الحجلي وجاء إخراج الفيديو كليب مع مؤيد الأطرش. صدر هذا العمل العام الماضي وطيلة هذا العام، يرى فرج نفسه مطالبا من المقربين والمعجبين بالمزيد، غير أنه يفضل أن يتأخر في إنتاج الجديد على أن يغني ويصوّر ما ليس مقتنعاً به. عن مدى أهمية ملاءمة قصة الفيديو كليب لمضمون الأغنية، فبعد تسجيل “أغراب” في الاستوديو، راح يضع أفكاره على الورق مقلبا السبل الملائمة لفكرة الأغنية، وهو المغترب دوماً، لا بل “اللاجئ”، يقول “بالطبع لـ”أغراب” علاقة وثيقة بي، فأينما ذهبت أنا “لاجئ”، أنا يافاوي لم تر عيناه يوما مدينة يافا، ومع ذلك تربيت وأنا أحنّ إليها. وليس بإمكاني أن أنسى أن لي أرضا وبيتا وأنا مشرّد حتى قبل أن أولد”. ومن الطرف التي واجهته حين كان يبحث عن مخرج لأغنية “أغراب”، قال إنه اتصل بعدة مخرجين للقائهم والتباحث معهم، وكان أن اتصل بمخرج سارع لدعوته إلى القدوم في اليوم نفسه، قائلاً “لدي أربع عارضات جدد سيأتين إليّ اليوم، تعال لنتفق على الأمر بأكمله إذ تختار مباشرة العارضة التي سترافقك”، وبالطبع أقفل فرج سماعة الهاتف ولم يفكر يوما أن يعيد الاتصال. وعن العمل، أشار فرج إلى أنه يعود إلى عشرين سنة مضت، وأعيد توزيعه، وأن الملحن سمير الحجلي “احتفظ به طيلة هذه السنوات رفضاً لمبدأ العمل في الساحة الفنية في ظل المعطيات الموجودة، وهو ملحن ليس همّه أن يصدّر الألحان كيفما اتفق لطالبيها. حين سمعت اللحن سألته إذا كان بإمكاني أن آخذه فوافق. أسمعني التسجيل القديم . ورأى أن مضمون “أغراب” يصلح لكل زمان ومكان. وهذا ما يشير إليه فعلاً الفيديو كليب الذي شاهده الناس بعد صدوره على عدد من المحطات الفضائية العربية، ولهذا قصص أخرى، إذ لم يجد فرج مشكلة في الاتصال بهذه المحطات من دون أن تكون له علاقات وثيقة فيها، وإنما ساعده بعض الأصدقاء فيها لإيصال الكليب إلى اللجان التي توافق أو ترفض بثّه، ولكن البعض الآخر الذي لايسعى أصلاً لمشاهدة الفيديو كليب، وبالتالي مسألة بثّه لا تخضع للتقييم الفني، لأن الهواء والذبذبات محجوزة لمن يدفع. أسلوب غير روتيني عن قصة الفيديو كليب، يقول “حاولت معالجة أغنية أغراب في الفيديو كليب بأسلوب غير روتيني عبر تصوير إنسان ترك بلده، فعالجتها بطريقة مختلفة وجلست تقريبا لشهرين بعد تسجيل العمل، أضع أفكارا على ورق. إلى أن أعطتني الصحفية الصديقة مريم الكعبي فكرة أن يكون في القصة أطفال، وبالفعل أعجبتني فبدأت بصياغة الأفكار على هذا المبدأ. وبدأت التعرف على الكثير من المخرجين إلى أن تعرفت إلى المخرج مؤيد الأطرش وطال النقاش بيننا إلى أن تبلورت الفكرة وتبلور الشكل النهائي وبقي علينا اختيار الأطفال، الأمر الصعب لأنه بالمتوافر ماديا كان من الصعب التجربة مع أطفال والفشل واستقدام أطفال آخرين للتصوير مرة ثانية. فالأجهزة نستأجرها ليوم واحد، وفي الواقع الطفل والطفلة المشاركان هما ولدا شقيقي”. ويؤمن فرج في عالم الفن بمبدأ “الشلّة”، بمعنى كسر حواجز المجاملات بحيث قد تنمو صداقة حقيقية، يصبح في حينها من العادي أن يوجهّه الملحن، وهو الخبير موسيقيا على المستوى الأكاديمي، نحو تحسين صوته وأدائه وإلى إعطائه من خبراته. ويقول “في البدايات تأثرت بانفعالات الناس مع غنائي، وشعرت بالوهج حين يحيط بي المعجبون ويعرفني الناس حين يلاقونني صدفة، ولكن رأيت بعدها أن هذا الوهج لا يجب أن يخطفني من أهمية متابعة التطور في الموسيقى، وحين تصبح على علاقة صداقة مع شخص مضطلع أكاديميا وذي خبرة، يصبح من السهل توجيهه لي بملاحظاته ونقده البنّاء. واحتكاكي مع هؤلاء هو الذي ساعدني على التقدم على هذا المستوى ما أغناني عن الدخول إلى معهد للدراسة، لأنه ليس بوسعي القيام بكل شيء في الوقت ذاته. فأنا أعمل إلى جانب الغناء ولي مهنة وليس بوسعي التفرغ للفن لأنه من الصعب بالشروط التي أريدها وأحلم بها لتقديم أغنية بالشكل والمستوى الذي أتطلبه لنفسي أن أتكئ على الفن وحسب”. ولا يخفي فرج الصراع الداخلي الذي يعيشه، ويقول “المشكلة الحقيقية هي اختلاف القيم والمفاهيم. سأعطي مثالاً الملحن الحجلي، فهو غير مستعد أن يستقبل الفنانين لعرض الألحان عليهم كما السلعة في السوق، ليختاروا ما يريدون منها. ليس لديه خمسة أو ستة ألحان جاهزة وتعال يا فنان اختار منها. لا إنما يعمل في إطار معايير مختلفة، يسمع صوت الفنان ليعرف مساحته وطبقاته ومكامن الجمالية فيه، ويسمع الفنان بعدة ألوان، في الفرح، الشجن، والحزن، وبعدها يبدأ بالعمل والبداية من الكلمات إلى اللحن”. ويؤكد “هناك صراع داخلي وفي بعض المراحل يرتفع مستوى اليأس ومن ثم أعود وأتحمس من جديد، إنما الذبذبات التي تحصل، محركها الأساسي الناس الذين هم حولي. هم من يدفعونني للعودة من أجل محاولات ثانية أو أن أتابع ولا أتوقف عند حدّ معيّن لكن المشكلة التي أعاني منها هي الإنتاج. بعد عمل “أغراب” عرض عليّ مشاريع، لكنهم يريدون مني أن أفعل ما هم يريدونه مني وليس كما أنا أريد. والغريب أننا إذا وضعنا عشرة أشخاص من الجمهور وغنيت لهم من الممكن أن أحدث تأثيرا بتسعة منهم، لكن إذا وضعنا شادي على التلفزيون في مقابل مجموعة من بعض فناني وفنانات هذا الزمن، العشرة كلهم ستتجه أنظارهم إلى هؤلاء، لأن الإعلام يعمل على الغرائز لشدّ الناس. والمثال على ذلك تلفزيون الواقع القائم على غريزة واحدة هي غريزة الفضول”. صوت غليظ عن صوته، يقول فرج “يعدّ صوتي من الأصوات الغليظة التي هي مثل عبد الحليم وهاني شاكر. وهناك الأصوات الحادة مثل صباح فخري ولطفي بوشناق وفيروز وماجدة الرومي. إنما الفرق بين نوعي الأصوات، هو الأذن، إذ ليس بالوسع سماع صوت حاد لمدة ساعة متواصلة لكن بوسعك سماع صوت غليظ أو رخيم لمدة ثلاث ساعات ولا تنزعج. فالرخامة في الصوت فيها انسيابية”. أما عن أسلوبه في المحافظة على صوته، رغم أنه يدخّن، فهو التدريب المستمر والنوم الذي يرى أنه أفضل علاج للصوت، ويقول “أنام على الأقل اثنتي عشرة ساعة حين يكون عندي حفل، وحين أفيق لا أحب الكلام كثيراً”. وعن الأغاني الوطنية، يستاء من تلك التي لا تنتج إلا في المناسبات بعد مجزرة أو أية حادثة مؤلمة، ويقول “اتخذت موقفا معارضاً لما يقدم من أغان بعد مجزرة أو ذكرى. بعض النجوم ترينهم حين تحصل مصيبة، ولا أعرف كيف يتمكنون من تبديل أثوابهم بسرعة ليتشحوا بالسواد ويلفوا العلم الفلسطيني حول رقابهم ويدخلوا الاستديوهات ويسجلوا فتدمج صورهم في الاستوديو مع صور إخبارية حيّة”. وغنى فرج في بداياته، وهو من مواليد سوريا، في المدرسة والجامعة وفي المناسبات الوطنية، اللون الوطني، ولكنه اليوم يعتبر أن لديه وجهة نظر خاصة يود التعبير عنها، وهي ألا تنحصر الأغاني الوطنية في المناسبات، إنما أن تعبر عن خط مستمر. ويتحدث عن عمل متكامل لديه، عمل قديم هو الآخر، كما “أغراب”، يتمنى أن يتمكن من تنفيذه، ويقول “يحتاج العمل إلى تمويل، وهو عن فلسطين وقضيتها ولكن ليس من منطلق سياسي معين، إنما عن القضية بشكل عام من أيام النبي عيسى عليه السلام إلى اليوم. أصدقائي المقربون جدا من الإعلام يعرفون بأمر هذا العمل ولكنني لاأعرف إذا كنت سأتمكن من تنفيذه بالأسلوب الذي أتمناه له”. ولم يفكر فرج، الذي تتغلغل فيه يافا وفلسطين وفي شعوره ووجدانه، بزيارة فلسطين والاحتلال موجود. يقول “الراسخ في ذهني أن الإسرائيليين أعداء فكيف آخذ منهم التصريح لزيارة وطني؟ كيف أنتظر منهم الإذن؟ الموضوع لا يتقبله عقلي”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©