مجموعة «ممتاز جيهان» تروي قصص المهراجا والمهرانا بالألوان الترابية

تألق المصمم الباكستاني الأصل حسان شهريار بشكل لافت في عرضه المثالي لمجموعة خريف وشتاء 2010/2011، خلال أسبوع دبي للموضة الأخير والذي اختتم في فندق أبراج الإمارات، حيث قدم تشكيلة رائعة للملابس الجاهزة أو الـ “بريتا بورتيه” مع الهوت كوتور (الخياطة الراقية)، وللنساء والرجال على حد سواء. حلق المصمم الباكستاني الشاب حسان شهريار بعيدا في عالمه الخاص ومفهومه المتفرد للأناقة وفن الخياطة الراقية، حيث افتتح عرضه بكلمات معبرة “في محبة ذكرى جدتي” ليقدم التشكيلة التي استلهمها من ذكراها والتي أسماها تيمنا بها” ممتاز جيهان”، آخذا استشراقات تغذي خياله من حياتها، وفنها، وجمالها، وحين كانت الملابس في عصرها في الخمسينيات تتميّز بالرقيّ، الفخامة، والغنى الشديد. حرفية ونضوج يصادف توقيت عرض موسمي الخريف والشتاء لشهريار احتفاله بعامه العاشر في مجال الموضة، حيث وصل هذا الشاب الواعد إلى درجة عالية من الحرفية والنضوج الفني الذي يصنفه عملياً وعالمياً مصمم أزياء له بصمته المتفردة والمعبرة بشكل واضح عن أسلوبه الخاص في أناقة المرأة والرجل، معتمدا على طرازه الشرقي المستمد من كنوز حضارية وثقافية من تاريخ وتراث بلده الباكستان وكل ما تمثله من جمال وغنى في أزيائها التقليدية، مع مزجها بذكاء وحرفية بخطوط معاصرة وحديثة، لتدخل ضمن أحدث اتجاهات الموضة العالمية. واختار شهريار في هذا المجموعة أن يعود إلى زمن الماضي الجميل، مسترجعاً من خلالها العصر الذهبي للأزياء الآسيوية آنذاك، ومستذكراً كلاسيكيات راقية من ملابس “المهراجا والمهرانا” في الثقافة الهندية والباكستانية القديمة، قطع استعراضية ومسرحية تحمل لمسات راقية من الفرادة والثراء، دون أن تخلو من روح البساطة والعصرية التي يفضلها جيل الشباب، فاستند في تصميم المجموعة إلى فكرة واحدة شدت خياله، وألهمته ليبتكر تشكيلة تعود إلى أكثر من نصف قرن مضى من تاريخ الشرق بكل فنونه وجنونه، وليهديها بكل تواضع كما يقول “للمرأة الجميلة الشغوفة، التي تعشق الأناقة والفخامة في الملابس، كما يهديها للرجل الحساس، والمعطاء، الذي يعرف ماذا يريد وما يتوقع من الحياة”. آسيوي وغربي من على منصة العرض اختال العارضون رجالا ونساء على التوالي، وهم يتقمصّون روح أمراء وأميرات من الزمن الغابر، مغلفين بكل الفتنة، والشغف، والإثارة، التي ميزت تلك الحقبة، حيث استغرق شهريار في أجوائه الخاصة، مزاوجا في أزيائه ما بين النمط الآسيوي والغربي في آن واحد، منفعلاً بعنوان مجموعته “ممتاز جيهان” وملتقطاً كل تفاصيلها الصغيرة، فاستخدم خامات ناعمة ولدنة تخدم تصميم كل قطعة، كالحرير الطبيعي والشيفون الرقيق مع قماش المخمل المطواع والبروكار المزخرف، أما قصاته فجاءت أحيانا غنية ومعقدة وأحيانا أخرى ببساطة وعفوية، ولكن بمجملها تفنن بها بحرفية شديدة وبمهارة عالية، وكأنه يتحدى ذاته، مولفاً وموصلاً عدة أقمشة وثيرة بضربات مقصه “الماكر”، ليؤلف من خلالها أزياء ترفل بروح الأناقة الملكية التي ميّزت تلك الفترة، وهو يصف هذا الأمر، فيقول:”لقد أرتدتها قطعا فنية من الفخامة والخيال، ملابس متكلفة ووثيرة، معاصرة ولكن ملوكية بذات الوقت، تتأرجح بين القديم والجديد، فتمثل شيئا مبتكرا، وفريدا، وخاصا بمن يقتنيه”. ويكمل:”في تشكيلة الملابس الرجالية فضلت الطرح العفوي، وقدمت القميص الباكستاني الطويل مع البنطلون الضيق، بشكل أكثر حداثة في الملابس النهارية، وللسهرات أضفت التطريز الكشميري والشك الناعم على الأكمام، والصدر، فيما أردت السترة المسائية قطعة راقية تحمل دمغة “HSY” الخاصة بي، وتنافس الماركات العالمية”. ألوان ترابية فضل شهريار أن تكون ألوان مجموعته ترابية، مرتبطة بالأرض ومتمكنة منها، درجات تبدأ من قتامة الأسود الفاحم، وتعلو مع البني المحروق، فالبني الشوكلاتة، والبيج العسلي، ثم تتألق بالذهبي، والعاجي، لتنزل مرة أخرى للأخضر الزيتي، والترابي، وهكذا...، ليشكل مدا لونيا متسقا يرتفع ويهبط، يدكن ليفتح، ويبدأ من حيث ينتهي، إلى ذلك، يقول شهريار:”هي ألوان ترابية مختارة من عدة تدرجات، ولكن ضمن إطار واحد وصورة جمالية فردية ومتكاملة، جعلتها تبدو كلوحة تاريخية، أثرية و قديمة رسمت بالبنيات فقط”. وحول مشاركته الدورية في أسبوع دبي للموضة وحضوره الدائم إلى الشرق الأوسط، يقول:”أرى الإمارات ودبي تحديداً، عاصمة مهمة للموضة، كما أنها تتميز بانفتاح اقتصادي، واجتماعي، وفني على كل العالم، وفيها اختلاط نوعي كبير بين كل الجنسيات ومختلف الثقافات، لذا لا أرى داع لذهابي الى أوروبا أو غيرها، يكفيني جمهوري هنا في الخليج ولتأتي أوروبا إلينا إن شاءت”. وختم شهريار عرضه الرائع على صوت الفنان الباكستاني الشهير علي ظفار، الذي حضر خصيصا ليغني في نهاية الحفل، وليشارك صديقه ومصمم أزيائه المفضل، فرحة النجاح والتفوق في عرس الموضة الموسمي في دبي.